بفضل ارتفاع إنتاج النفط وزخم الاستهلاك الخاص
«الوطني»: النظرة لاقتصاد الكويت على المدى القصير... إيجابية
- سوق المشاريع يمثل أحد نقاط الضعف في الكويت
- توقعات بتسجيل الميزانية هذا العام أول فائض منذ 2014
- عودة الناتج المحلي الحقيقي لمستويات ما قبل الجائحة في 2023
أفاد البنك الوطني بأن النظرة المستقبلية للاقتصاد الكلي على المدى القصير تتسم بالإيجابية بفضل ارتفاع إنتاج النفط الخام وزخم الاستهلاك الخاص الذي انعكس بوضوح على تحسن الإنفاق الاستهلاكي، وارتفاع المبيعات العقارية والائتمان الخاص.
وأضاف البنك في تقرير أن ارتفاع أسعار النفط ساهم في تعزيز الوضع المالي للدولة، ومن المتوقع تسجيل الميزانية الحكومية هذا العام أول فائض مالي منذ 2014 - إضافة إلى تراجع قيود السيولة التي شهدناها خلال الفترة السابقة بشكل كبير.
ولفت إلى أن المخاطر السلبية التي تهدد التوقعات تتصاعد بوتيرة أكثر حدة على المديين المتوسط والطويل والتي تعتمد بصفة رئيسية على التقدم المحدود الذي تم إنجازه على صعيد أجندة التنويع المالي والاقتصادي الشاملة التي تركز على الإصلاحات للحد من الاعتماد على القطاع النفطي.
نمو استهلاكي
وذكر التقرير أن تعافي النشاط الاقتصادي بعد الجائحة استمر مع تزايد إنتاج القطاعين النفطي وغير النفطي، على حد سواء، وبدعم من الإنفاق الحكومي القوي في ظل الارتفاع الملحوظ الذي شهدته أسعار النفط. ومن المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.8 في المئة هذا العام نتيجة ارتفاع إنتاج النفط بمعدلات ملحوظة (+12.1 في المئة على أساس سنوي)، قبل أن يتباطأ في 2023 (+0.8 في المئة) على خلفية خطط منظمة الأوبك وحلفائها لخفض حصص الإنتاج.
وستبلغ حصة إنتاج الكويت من النفط 2.68 مليون برميل يومياً 2023، بانخفاض قدره 30 ألف برميل يومياً مقارنة بمتوسط 2022، ما سيؤدي لخفض الناتج المحلي النفطي 1.1 في المئة، على أساس سنوي.
ولا يزال هناك فرصة لتراجع الأوبك وحلفائها عن خطط خفض الانتاج في 2023 في حالة تشديد أوضاع سوق النفط العالمية، كما هو متوقع. وتشير التقديرات لعودة الناتج المحلي الحقيقي لمستويات ما قبل الجائحة العام المقبل.
وبين «الوطني» أنه تعافي الإنفاق الاستهلاكي وتحسن النشاط العقاري القوي نسبياً كان من أبرز العوامل الجوهرية التي ساهمت في تعزيز نمو القطاع غير النفطي، والذي يتوقع أن يسجل نمواً نسبته 3.1 في المئة، في المتوسط، خلال عامي 2022-2023.
ولفت إلى أن الطلب على الائتمان للأسر (+12.8 في المئة على أساس سنوي في أغسطس) والائتمان المقدم لقطاع الشركات (+6.4 في المئة) من العوامل التي ساهمت في ذلك، واستغرق الائتمان المقدم لقطاع الشركات وقتاً أطول للتعافي بسبب ضعف معدلات الاستثمار ونقص المواد الأولية والعمالة الناجم عن الجائحة.
وتوقع «الوطني» نمو النشاط الاستهلاكي - الذي يشهد حالياً نمواً قوياً – بنسب أقل حدة في 2023، في ظل تلاشي حالة التعافي التي أعقبت الجائحة وارتفاع أسعار الفائدة.
إلا ان الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي قد يشهد مزيداً من الدعم العام المقبل مع بدء زيادة انتاج مصفاة الزور - إحدى أكبر مصافي التكرير على مستوى العالم - بطاقة إنتاجية تصل إلى 615 ألف برميل يومياً.
من جهة أخرى، أفاد «الوطني» أن سوق المشاريع يمثل أحد نقاط الضعف، إذ انخفضت قيمة المشاريع المسندة لأدنى مستوياتها في سنوات عدة. موضحاً أن هذا الأمر يعتبر من التداعيات المباشرة للجائحة وسياسات ترشيد التكاليف وطول الإجراءات الحكومية.
وأشار التقرير إلى أن المناقصات الحكومية كانت ضئيلة، الأمر الذي ترتب عليه نتائج سلبية على القطاع الخاص، الذي لا يزال يعتمد على تلك المشروعات لمواصلة أنشطته.
تباطؤ التضخم
وأفاد «الوطني» بأن انحسار اضطرابات سلاسل التوريد والطلب المكبوت الناجم عن الجائحة ساهم في تباطؤ وتيرة التضخم، إذ وصل لنحو 4.1 في المئة على أساس سنوي في أغسطس، بعد أن بلغ 4.7 في المئة، على أساس سنوي، في أبريل نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواصلات والتعليم.
ويتوقع التقرير أن يسهم ارتفاع الأسعار في فترة الأساس والسياسة النقدية الأكثر تشدداً، وقوة الدينار الكويتي، وانخفاض أسعار السلع العالمية وتراجع حدة الضغوط في خفض معدل التضخم بشكل أكبر ليصل 2.7 في المئة في 2023 مقابل 3.9 في المئة عام 2022.
تشدد نقدي
ولفت «الوطني» إلى أن بنك الكويت المركزي اتبع لحدٍ ما خُطى مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي في تشديد السياسة النقدية هذا العام، ورفع سعر الخصم 150 نقطة أساس منذ مارس لتصل 3 في المئة، منوهاً إلى أن «المركزي» كان متحفظاً أكثر من نظرائه الخليجيين في ما يتعلق باستجابته لارتفاع أسعار الفائدة الأميركية وتحقيق التوازن بين الحاجة لانسجام سياساته مع توجه الاحتياطي الفيديرالي، وكبح جماح التضخم، ومواصلة دعم الاقتصاد غير النفطي.
وتوقع تطبيق المزيد من السياسات النقدية المتشددة خلال الفترة القادمة، إذ يوفر الفارق الضئيل بين أسعار الفائدة الأميركية وسعر الخصم في الكويت فرصة أكبر للبنك المركزي ليوائم سياساته بشكل وثيق مع «الفيديرالي» مستقبلاً.
الفائض الأول
وذكر «الوطني» إلى أن ارتفاع أسعار النفط منذ 2021 أدى إلى تحسين أوضاع المالية العامة بصورة ملحوظة. متوقعاً تسجيل الميزانية لفائض قدره 5.3 مليار دينار (9.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) هذا العام (السنة المالية 2022 /2023)، والذي يعتبر أول فائض يتم تسجيله منذ 2014، وكذلك العام المالي المقبل (4.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي).
وتحرص الحكومة على اتباع سياسات الترشيد، حتى وإن كان من المقرر إلغاء خفض النفقات التي تم تحديدها في مسودة الموازنة والتي لم يتم إقرارها بعد منذ يناير الماضي، وذلك نظراً لأن أسعار النفط الحالية تجاوزت تقديرات الموازنة العامة والبالغة 65 دولاراً للبرميل.
وتوقع تسجيل نمو إيجابي، وإن كان متواضعاً، للنفقات بنسبة 4.5 في المئة في المتوسط في عامي 2022-2023 مع إمكانية تقييد الإنفاق الرأسمالي، رغم أن أهداف خطة التنمية تستلزم رفع النفقات بتلك الوتيرة مقارنة بالمستويات المنخفضة الحالية.
وبين التقرير أن تحقيق فائض في الميزانيات اللاحقة سيساعد في إعادة رسملة صندوق الاحتياطي العام، الذي كان على وشك النضوب. ولا تزال المصدات الوقائية الخارجية قوية للغاية، إذ تصل احتياطيات بنك الكويت المركزي إلى 46 مليار دولار، في حين تحتفظ الهيئة العامة للاستثمار بأصول تقدر بنحو 700 مليار.
ونوه إلى أن الدّين العام منخفض للغاية عند مستوى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد يؤدي تحسن العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرار قانون الدّين العام الذي طال انتظاره في 2023، والذي من شأنه فتح المجال أمام خيارات تمويل عدة متاحة.
تعزيز وضع الدولة اقتصادياً
أوضح «الوطني» أن النظرة المستقبلية للكويت على المدى القريب تعتبر إيجابية بصفة عامة، وذلك بفضل توقعات ارتفاع أسعار النفط واستمرار نمو الاستهلاك الخاص، وهي الأمور التي من شأنها أن تساهم في تعزيز الوضع الاقتصادي للدولة في ظل صعوبة البيئة الاقتصادية الخارجية.
وذكر أن آفاق النمو على المديين المتوسط والطويل تتوقف على قدرة تنفيذ إصلاحات هيكلية لتقليل الاعتماد على تحركات أسعار النفط وتحويل مركز النمو الاقتصادي للقطاع الخاص.
ويجب أن تشمل تلك الإصلاحات أنشطة الأعمال وسوق العمل والتعليم والاستدامة المالية، ضمن أمور أخرى.
ولفت إلى أنه يجب اتخاذ تدابير لتعزيز معدل مشاركة المواطنين في القطاع الخاص، وكذلك تقديم حوافز لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.