رئاسة دا سيلفا للبرازيل تعزّز «المد الوردي» للزعماء اليساريين المنتخبين في أميركا اللاتينية
من تشرشل إلى لولا... فن العودة إلى السياسة
- زعماء العالم تسابقوا على تهنئة لولا... وبولسونارو «صامت»
برازيليا، باريس - أ ف ب، رويترز - يعود لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الشخصية المرجعية في اليسار الأميركي اللاتيني، في سن السابعة والسبعين إلى القصر الرئاسي في برازيليا بعدما عرف لحظات مجد وانكسار تخللها دخوله السجن... حتى.
وهزم الزعيم اليساري، بفارق ضئيل الرئيس جايير بولسونارو في جولة الإعادة للسباق الرئاسي، لكن الأخير المنتمي لليمين المتطرف لم يعترف بالهزيمة حتى مساء أمس، ما أثار مخاوف من أنه قد يعترض على النتيجة.
وأعلنت المحكمة العليا للانتخابات، أن لولا هو الرئيس المقبل بعد حصوله على 50.9 في المئة من الأصوات مقابل 49.1 في المئة لبولسونارو. ومن المقرر تنصيب لولا في الأول من يناير المقبل.
ويعد فوز لولا، عودة مذهلة للرئيس اليساري السابق وضربة قاسية لبولسونارو، أول رئيس في المنصب لا يعاد انتخابه.
وقال لولا لعشرات الآلاف من أنصاره المبتهجين الذين احتفلوا بفوزه في شارع باوليستا في ساو باولو «حتى الآن، لم يتصل بي بولسونارو للاعتراف بفوزي، ولا أعرف ما إذا كان سيتصل أو سيعترف بفوزي».
وناقش بولسونارو العام الماضي، علناً رفض قبول نتائج التصويت، وقدم مزاعم لا أساس لها من أن نظام التصويت الإلكتروني معرض للتلاعب.
ومثل التصويت رفضاً للشعبوية اليمينية المتطرفة لبولسونارو، الذي شكل ائتلافاً محافظاً جديداً لكنه فقد الدعم بعد أن سجلت البرازيل واحدة من أسوأ حصيلة وفيات بسبب جائحة «كوفيد-19».
وبعد ليلة من الابتهاج في البرازيل، رحب قادة العالم بفوز لولا، بعد عودته لرئاسة أكبر دولة في أميركا الجنوبية، معززاً «المد الوردي» في المنطقة، للزعماء اليساريين المنتخبين.
وبانتصاره، تنضم البرازيل إلى كولومبيا والمكسيك والأرجنتين وتشيلي وبيرو، في كتلة يسارية متنامية.
وعلى غرار لولا دا سيلفا الذي انتخب الأحد لولاية ثالثة (انتخب سابقاً لولايتين رئاسيتين بين العامين 2003 و2010) بعد أربع سنوات على دخوله السجن بطريقة مثيرة للجدل بسبب شبهات فساد، حقق قادة سياسيون آخرون عودة غير متوقعة إلى الساحة السياسية...
- وينستون تشرشل
قبل أن يصبح أحد أكثر الشخصيات تأثيراً خلال الحرب العالمية الثانية، اضطر تشرشل للاستقالة من قيادة البحرية البريطانية العام 1915 بعد الاخفاق في حملة الدردنيل (غاليبولي) التي سقط فيها عشرات آلاف الجنود.
إلا أنه استعاد منصبه بعد 25 عاماً على ذلك بعيد اجتياح ألمانيا النازية لبولندا في الأول من سبتمبر 1939.
وكان رئيساً للحكومة البريطانية الائتلافية طوال الحرب العالمية الثانية وشحن طاقات البلاد من خلال خطاباته الحماسية.
بعد الحرب عرف تشرشل انتكاسة سياسية جديدة، لكنه عاد إلى السلطة في العام 1951 في سن السادسة والسبعين.
- شارل ديغول
رأس ديغول صاحب النداء الشهير في 18 يونيو 1940، الحكومة الموقتة للجمهورية الفرنسية التي تشكلت في فرنسا بعد تحرير باريس في اغسطس 1944.
لكنه استقال في 1946 لعجزه عن توحيد رؤية الأحزاب الرئيسية وتحركها. وانسحب حتى من الحياة السياسية بالكامل بعد فشل تجمع الشعب الفرنسي في الانتخابات البلدية العام 1953.
إلا أنه شأنه في ذلك شأن تشرشل، عاد إلى مقدم الساحة بعد سنوات قليلة. ففي الأول من يونيو 1958 وبعد تمرد الجزائر في 13 مايو استعان الرئيس الفرنسي رينيه كوتي، بديغول الذي كلف تشكيل أول حكومة في ظل الجمهورية الرابعة.
في 21 ديسمبر 1958 انتخب ديغول أول رئيس للجمهورية الخامسة.
وغادر السياسية نهائياً في أبريل 1969 بعد فشل استفتاء حول إصلاح مجلس الشيوخ واللامركزية.
- خوان بيرون
بعدما شغل مناصب حكومية عدة في ظل الديكتاتورية العسكرية الأرجنتينية، انتخب خوان بيورن رئيسا العام 1946 وأعيد انتخابه في 1951.
وأصبح سياسياً يتمتع ببعد أسطوري في تاريخ الأرجنتين وقد عززت مكانته هذه أناقة وهالة زوجته الممثلة إيفيتا.
وتمتع الزوجان اللذان أسسا الحركة البيرونية بشعبية واسعة لكن انقلاباً عسكرياً أطاح بهما العام 1955.
وانتقل خوان بيورن للعيش في المنفى في باراغواي ومن ثم مدريد. عاد إلى الأرجنتين عودة الأبطال في ونيو 1973 حيث أعيد انتخابه في سبتمبر لولاية ثالثة بعد 18 عاماً على مغادرته البلاد لكنه توفي بعد أقل من سنة على ذلك.
- دينغ هسياو بينغ
أقيل دينغ هسياو بينغ، مهندس الصين الحديثة، ما مهد الطريق أمامها لتصبح القوة الاقتصادية الكبيرة في القرن الحادي والعشرين، مرات عدة.
عين في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في 1945 وعرف صعوداً صاروخياً بعد اعتماد النظام الشيوعي العام 1949. لكن خلال الثورة الثقافية (1966-1976) اتهم بـ «سلوك الطريق الرأسمالية» وأرسل للعمل كفني مكانيكي في الأقاليم.
في العام 1973 أصبح مجدداً نائباً لرئيس الوزراء ومن ثم رئيس أركان الجيوش الصينية. إلا أنه مع وفاة رئيس الوزراء شو إنلاي في يناير 1976 أقيل من جديد «لانحرافه يميناً».
وعاد إلى السلطة في 1978 واطلق سياسة إصلاحات وانفتاح اقتصادي.
- أونغ سان سو تشي
فازت زعيمة المعارضة البورمية بالانتخابات في مايو 1990 إلا أن النظام العسكري رفض تسليمها السلطة.
أمضت أونغ سان سو تشي 15 عاماً في الإقامة الجبرية في دارتها العائلية في رانغون. وأصبحت رئيسة للوزراء في 2016 إثر فوز حزبها في أول انتخابات حرة منذ ربع القرن.
إلا أن انقلاباً عسكرياً جديداً حصل في فبراير 2021. واعتقلت أونغ سان سوت شي في زنزانة انفرادية في سجن في نايبياداو.
- سيلفيو برلوسكوني
منذ العام 1994 حكم سيلفيو برلوسكوني إيطاليا ثلاث مرات فيما تتماهى مسيرته مع تاريخ البلاد السياسي في السنوات الثلاثين الأخيرة.
في سن السادسة والثمانين ورغم الفضائح الجنسية والمحاكمة التي لطخت سمعته، عاد برلوسكوني مرة جديد مع إعادة انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ على رأس أحد أحزاب الائتلاف الذي يقوده اليمين المتطرف الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة نهاية سبتمبر الماضي.