No Script

«المركزي» حافظ على جاذبية الدينار وعوّض البنوك عن الرفع التدريجي للخصم بتفعيل أدوات تدخّله

فائدة ودائع الدولار تقفز إلى... 5.5 في المئة

No Image
تصغير
تكبير

- «الفيديرالي» سيرفع الفائدة بعد غد و«المركزي» سيلحقه غالباً بربع نقطة
- عين الرقيب مفتوحة على مبادلة ودائع الدينار بالدولار ومنحنى أسعارها بين البنوك
- الأموال الحكومية المودعة بالدينار مستقرة بالمصارف وإغراء نشاط الفائدة لا يغيّر اتجاهها
- إذا كان الدولار الأميركي العملة الأكثر أماناً في العالم فالدينار من الأكبر ملاءة
- هل استنفد «المركزي» الهامش المقرّر من مجلس إدارته المنتهية فترته لرفع الفائدة؟

قُبيل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي المرتقب بعد غد الأربعاء، والمرجح خلاله تبني رفع جديد لأسعار الفائدة، تتجه الأنظار إلى بنك الكويت المركزي، حيث يسود الاعتقاد باستمراره في تطبيق سياسته الجديدة، والصعود تدريجياً بالفائدة، ولو خالف في ذلك نظيره الأميركي.

لكن أثناء ذلك، هناك تفاصيل كثيرة ينشغل بها صانعو السياسة النقدية، أبرزها سعر الفائدة المتداول محلياً على تبادل الودائع المقومة بالدولار مع ودائع الدينار، ضمن تحركات الناظم الرقابي نحو الحفاظ على جاذبية العملة المحلية، وتفادي أن يفر المودعون القلقون إلى العملة الخضراء، إذا حصلوا على عائد أكثر إغراءً مدفوعين أيضاً بالأمان النسبي الذي يميزها.

وفي هذا الخصوص، أفادت مصادر مصرفية بأن أسعار الفائدة على الودائع الحكومية بالدولار، وفي مقدمتها أموال الهيئة العامة للاستثمار قفزت في الفترة الأخيرة إلى نحو 5.25 في المئة وذلك عن أجل إيداع بين 3 إلى 6 أشهر، وهو معدل فائدة أعلى من تسعير ودائع الدينار المسجل أخيراً عن الأجل نفسه، حيث فاز بنك يعمل وفقاً للشريعة الاسلامية بوديعة إحدى المؤسسات الحكومية بمبلغ 80 مليون دينار بتسعير 4.5 في المئة، فيما بلغت الفائدة على ودائع الدولار لأجل سنة نحو 5.5 في المئة.

فترة محددة

ومع تقارب الهامش بين سعر الفائدة على الدينار والدولار زاد اهتمام «المركزي» خلال الفترة الماضية بتتبع ما يعرف باتجاهات الودائع المتبادلة في سوق ما بين البنوك المحلية، والتي يتفق عبرها بنكان على تبادل ودائع بالدينار وأخرى بالدولار لفترة محددة، على أن يتم الاسترداد بتسعير مختلف في الغالب عن يوم الإيداع.

ويسعى «المركزي» من هذا التتبع إلى تحديد مؤشرات الطلب في الفترة المقبلة على الدينار والدولار، مع استقراء منحنى التسعير المتوقع لهما على المديين القصير والمتوسط.

وما يزيد وجاهة هذا التتبع ارتفاع التوقعات بأن يستمر الفيديرالي الأميركي بزيادة معدلات الفائدة خلال اجتماعه في 2 نوفمبر، وربما مرة ثانية بنهاية العام الجاري، وهو الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على جاذبية العملات في كل دول العالم ومن بينها الدينار الكويتي، الذي شهد رفع معدل الفائدة عليه 6 مرات خلال 2022 ليزيد سعر الخصم من 1.5 في المئة في مارس إلى 3 في المئة في سبتمبر الماضي.

وبيّنت المصادر أن «المركزي» يدفع نحو رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة بمعدلات أقل وغير موازية للمقررة من «الفيديرالي»، وعلى الأرجح سيكون التحرك محلياً بربع نقطة، وفي المقابل سيحافظ على جاذبية الدينار بتفعيل أدواته النقدية التي تعزز قوة العملة المحلية، وتضمن ألا يكون هناك هامش ملموس بين الفائدة على الدولار والممنوحة على الدينار.

نشاط إضافي

ومصرفياً، لم ترصد البنوك خلال الفترة الماضية مؤشرات تشي بأن هناك موجة أو حتى نشاط إضافي ملموس للدولار على حساب الدينار، ما يعكس نجاح السياسة النقدية الجديدة حتى الآن في ما يتعلق برفع الفائدة تدريجياً مقابل زيادة تدخل الأدوات النقدية، ويرجع ذلك لأكثر من سبب، أبرزها:

1 - مقابل الرفع التدريجي الذي يتبناه «المركزي» لسعر الخصم بواقع ربع نقطة يُجري تعديلاً بنسب متفاوتة في أسعار التدخل بالسوق النقدي على عمليات إعادة الشراء (الريبو)، وسندات وتورق البنك، ونظام قبول الودائع لأجل، وأدوات التدخل المباشر، إضافة إلى أدوات الدّين العام.

ويدعم التحرك الرقابي بهذا الخصوص الجاذبية النسبية للدينار، رغم اختفاء الهامش بين سعر الخصم الكويتي وفائدة «الفيديرالي»، للمرة الأولى على مدار 12 عاماً، بعد أن بلغ في الكويت 3 في المئة، وبأميركا بين 3 و3.25 في المئة.

2 - غالبية المخاوف الرقابية تتأتى من التعرض لفجوة في حائط الأفراد، لا سيما الذين قد يفضلون الانتقال إلى الدولار أملاً في الاستفادة من معدل الفائدة الأعلى، لكن بسبب توجيه «المركزي» للبنوك بأن تقوم برفع الفائدة على الودائع بمعدل القروض نفسه يمكن القول إن فرص إغراء الأفراد بالهجرة للدولار ضاقت كثيراً.

3 - الجهات الحكومية وفي مقدمتها الهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تُصنّف على أنها من أهم مصادر الودائع في البنوك وأكثرها استقراراً، كونها تحافظ على ثبات عمليات الإيداع محلياً وعدم تغيير اتجاه أموالها بناءً على محفّز ارتفاع الفائدة فقط، حيث توجد التزامات دعم من «هيئة الاستثمار» نحو البنوك الوطنية، ما يضمن وجود استقرار في ودائعها بالدينار وعدم تحويلها إلى الدولار بدافع السعر الإضافي فقط.

4 - أيضاً معلوم عن الهيئة العامة للاستثمار أنها من أكثر الجهات توفيراً للدولار، وهذا بدا واضحاً خلال مراحل الطلب المختلفة على هذه العملة، ومن شأن ذلك توفير الكميات المطلوبة في القطاع المصرفي، والتي تسهم في تحقيق الاكتفاء مصرفياً، وعدم الوقوع تحت ضغط البحث عن موارد بديلة لتلبية المتطلبات الدولارية أو الاستغناء عن الدينار بمبادلته بدولار.

وأسهمت الزيادة الملموسة المسجلة لأسعار النفط في زيادة كميات الدولار المحققة من مبيعات الذهب الأسود خلال الفترة الماضية ما وفّر مبالغ إضافية للبنوك من ودائع الدولار.

5 - إذا كان الدولار الأميركي العملة الأكثر أماناً والأكثر ملاءمة والأكثر استخداماً في آسيا والعالم اليوم، ولا توجد عملة أخرى مدعومة بالذهب أو غير ذلك قابلة للمقارنة، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك في المستقبل القريب، إلا أن الدينار من العملات الثابتة ومن الأكبر ملاءة، كما أنه مرتبط بسلة عملات يهيمن عليها الدولار ما جعل الدينار غير معرض لضغوط التذبذب التاريخية التي تعرضت لها العملات الرئيسية عالمياً بالفترة الأخيرة، وفي مقدمتها الجنيه الإسترليني واليورو والين الياباني واليوان الصيني.

زيادة الخصم

وفيما تؤكد جميع المؤشرات على أن سياسة «المركزي» في تسعير الخصم أفلحت حتى الآن، إلا أن السؤال الرئيس يظل مطروحاً: هل استنفد «المركزي» فعلاً هامش الفائدة المسموح باستغلاله من قبل مجلس إدارته المنتهي فترته يوليو الماضي وبالتالي لا يمكن زيادة سعر الخصم حتى يتم تشكيل مجلس إدارة جديد له؟ وهل يمكن أن يتأخر «المركزي» بعض الوقت بخلاف العادة في زيادة الخصم محلياً ولو تدريجياً إذا قرّر «الفيديرالي» الرفع قبل تشكيل مجلسه؟

دينار فائض مقابل دولار مطلوب

وفقاً لآلية مبادلة الودائع، سيكون بإمكان أي بنك كويتي إيداع أموال بعملة محلية لدى بنك آخر، واستبدالها بأخرى بالقيمة نفسها لكن بعملة أجنبية يعاني نقصاً في سيولتها «والعكس صحيح»، ما يعني مصرفياً توظيفاً أفضل لفوائض الأموال، مقابل توفير احتياجات البنوك من الودائع بالأموال الأجنبية.

وغالباً تفعّل آلية تبادل الودائع هذه بين بنوك محلية ومصارف أجنبية، حيث تتم مقابلة الفائض من الأموال بعملة معينة بالنقص بأخرى، ويتم التسعير بناءً على آلية العرض والطلب ومدى شح العملة الصعبة من السوق.

وللتبسيط، ودون أي تعقيد، لو افترضنا أن هناك بنكاً «x» يحتاج لوديعة تقدر بـ100 مليون دولار، لترتيب احتياجاته من هذه العملة، وفي المقابل لديه فوائض بمستويات عالية من السيولة بالدينار، ففي هذه الحالة يستطيع إجراء مبادلة مع بنك آخر مهتم بإيداعه وديعة بالدينار مقابل الحصول على أخرى بالدولار بالقيمة نفسها وكذلك للفترة نفسها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي