No Script

لن يسير وحده... لكنه سيمشي مُتثاقِلاً مُتعَباً مُحبَطاً

ما مُشكلة ليفربول؟

تصغير
تكبير

بعد سقوطه على أرض ملعبه أمام ليدز يونايتد وقبل ذلك على ملعب نوتنغهام فوريست، وبعد «سقطاته» مع فرق في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، لم يعد بإمكان مدرب ليفربول، الألماني يورغن كلوب أن يغطي حالة التراجع التي يمرّ بها الفريق بعبارات الفلسفة التي برع فيها وبتفسيرات لغوية لا تمت إلى الواقع بصلة.

باختصار، مشكلة ليفربول الأساسية كمنت في الركون إلى «فائض الثقة» الناجم عن الأداء الجيد للفريق في السنوات الماضية، حيث فاز ببطولة الدوري ودوري أبطال أوروبا وكأس إنكلترا وكأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة ووصل العام الماضي إلى نهائي دوري الأبطال وكاد أن يخطف لقب الدوري.

فائض الثقة هذا مفيد أن تم البناء عليه للتطوير والاندفاع أكثر، لكن الركون إليه فقط والاعتداد به أدى إلى اختلال كبير في اتخاذ القرارات، وإلّا كيف يمكن تفسير التفريط بحصان رابح في المضمار مثل السنغالي ساديو ماني وتركه يغادر إلى بايرن ميونيخ الألماني كونه لم يكن راضياً عن راتبه، ثم الاتفاق مع الأوروغوياني داروين نونيز من بنفيكا البرتغالي بأكثر من 70 مليون جنيه إسترليني... كان يكفي ربع هذا المبلغ لتسوية وضع راتب ماني حتى 2025 والحفاظ عليه كلاعب يتقن الاختراقات من مختلف الجوانب والتسديد الناجح مع بقاء مبلغ كبير وكافٍ للتعاقد مع مهاجم قوي.

للتذكير فقط، فإن صفقتي النروجي إرلينغ هالاند إلى مانشستر سيتي والبرازيلي غبريال جيزوس إلى أرسنال كانتا في حدود 50 مليون إسترليني لكل منهما ولا ضرورة لمقارنة أدائهما مع فريقيهما الجديدين بأداء نونيز مهما حاول الإعلام المؤيد لكلوب التركيز دائماً على سرعته في الملعب من دون الحديث عن الفرص الكثيرة التي فشل فيها في التسديد رغم انفراداته... حتى الآن ما زال نونيز يشبه آندي كارول مع التمنيات بأن يثبت نفسه كما «يهددنا» دائماً.

وفائض الثقة، أدى أيضاً إلى التعامل مع الإصابات وكأنها أمر عادي في مسيرة فريق، إذ بدلاً من وجود دكة احتياط موازية للفريق الأساسي مثلما تفعل الفرق الكبرى، اكتفى كلوب بالاعتماد على اللاعبين الشبان وهؤلاء مهما «فلتت» منهم لمحة كروية جميلة إلّا أنهم يبقون بحاجة إلى إمكانات وخبرات ونضج مختلف في التعامل مع الكرة بروح الفريق.

وهذه السنة ذهب كلوب بعيداً في تفريغ كتيبة الهجوم ببيعه البلجيكي ديفورك أوريجي والياباني تاكومي مينامينو (رغم الأداء الوسط لكليهما)، فإذا به يواجه واقع إصابة الكولومبي لويس دياز والبرتغالي ديوغو جوتا، فلم يعد عنده سوى المصري محمد صلاح والبرازيلي روبرتو فرمينيو ونونيز، ثم واجه إصابة نونيز، فلم يجد مهاجماً سوى الصغير البرتغالي فابيو كارفاليو ومركزه لاعب وسط أساساً للحلول محل نونيز، وأحياناً يعتمد على الشاب العائد من الإصابة هارفي إليوت في مركز الوسط المهاجم.

وفائض الثقة، أنسى كلوب والجهاز الفني أن لاعبي خط الوسط يكبرون ويتعبون وتصبح حركتهم بطيئة مهما كانت مهاراتهم عالية وهذا الأمر ينطبق مثلاً على البرازيلي فابينيو الذي يقدّم أسوأ أداء له هذا الموسم. ناهيك عن الإصابات التي لا تنتهي سواء لأليكس أوكسليد-تشامبرلين أو كورتيس جونز أو الغيني نابي كيتا، والأخير لا يفهم أكثر مشجعي ليفربول كيف استمات كلوب لإحضاره من لايبزيغ الألماني عام 2018 بل حجزه قبل عام مع دفعة مسبقة، ثم أمضى مسيرته إما مصاباً أو تائهاً بين المراكز رغم بعض لمحات التألق.

كذلك الأمر بالنسبة إلى قائد الفريق جوردان هندرسون الذي يتعثّر خمس مباريات ويقدّم مستوى جيداً في السادسة. أما الإسباني تياغو الكانتارا، فعليك أن تتوقع منه أداءً مقبولاً إن لم يكن مصاباً أو عائداً من إصابة، في حين سيحتفل جيمس ميلنر بعد فترة بعيد ميلاده الـ37 وهو الذي يدخله كلوب في المباريات للعب في الوسط أو الدفاع أو في مركز الظهيرين الأيمن والأيسر.

ومن النكات التي يسوقها جمهور ليفربول أن كلوب وقبل إقفال المهلة الصيفية لاستقدام لاعبين تعاقد مع البرازيلي أرثر ميلو كلاعب وسط على سبيل الإعارة من يوفنتوس الإيطالي، واتضح أنه مصاب جزئياً ثم عندما لعب مباراته الأولى تطوّرت إصابته. ويقولون إن كلوب وفرّ على نفسه «وبدل أن يحضر لاعب وسط ويصاب لاحقاً أحضر لاعباً مصاباً أساساً وضمه إلى قائمة متلقي العلاج».

وفي ظل وجود أضعف خط وسط في ليفربول، انكشف الدفاع الذي بات يتعرّض لهجمات مباشرة من دون أي حائط صد أمامهم، وانصب الانتقاد على لاعبي الدفاع وهم في الواقع يتحملون عبء اللعب في الدفاع والوسط. وكم كانت طريقة الدفاع المتقدم كارثية كون كلوب يريد من الهولندي فيرجيل فان دايك ورفاقه مواكبة الضغط العالي الهجومي وإغلاق ثغرات الوسط، لكن أي لاعب مهاري منافس سريع يهرب من مصيدة التسلل يصل بسهولة إلى مرمى البرازيلي أليسون بيكر ويفرض عليه ضغطاً كبيراً.

لم يفكر كلوب مثلاً في تغيير مركز ترينت ألكسندر- أرنولد اليميني إلى الوسط وإعفائه من الجري من منطقة جزاء إلى أخرى وتأهيل مدافع مكانه، ولم يواكب براعة الأسكتلندي أندرو روبرتسون اليساري بلاعب وسط يتناغم معه ويسهل مهمة تقدمه إلى منطقة الخصم.

ليفربول يبقى ليفربول. لن يسير وحده أبداً، لكن الحديث عن الأخطاء لا ينتقص من الولاء لفريق وصل إلى العالمية من دون أن تترجم إدارته هذا الوصول بإجراءات تحصينية أولاً لمسيرته بالحفاظ على اللاعبين الجيدين، وبقرارات صائبة في ضخ الدماء الجديدة في المراكز المناسبة ثانياً.

يكفي القول من دون تنظير أن التعديلات التي أجراها «سيتي» وأرسنال في الصيف أوصلتهما إلى التنافس على المركزين الأول والثاني حتى الآن.

إن لم يستفد كلوب من نافذة الانتقالات الشتوية، فستغلق كل أبواب التأهل حتى إلى المراكز الستة الأولى. لن يسير ليفربول وحده بل سيمشي مُتثاقِلاً مُتعَباً مُتثائِباً مُحبَطاً في انتظار انتفاضة إدارية على مستوى الخيارات... والإنفاق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي