ترودو يشارك في مسيرة دعماً للتظاهرات
طلاب إيران يتحدّون تحذيرات الحرس الثوري
تحدى طلاب إيرانيون، تحذيرات الحرس الثوري في شأن ضرورة إنهاء الاحتجاجات، ما أثار رد فعل عنيفاً من شرطة مكافحة الشغب وعناصر «الباسيج».
ويتظاهر الإيرانيون بمختلف خلفياتهم وانتماءاتهم منذ وفاة مهسا أميني (22 عاماً) أثناء احتجاز «شرطة الأخلاق» لها بعد اعتقالها لارتداء ملابس اعتبرت غير لائقة.
وتصاعد الغضب الشعبي إزاء وفاة أميني في 16 سبتمبر الماضي، حتى بات واحداً من أصعب التحديات التي تواجهها القيادة الدينية منذ ثورة 1979، إذ ردد متظاهرون هتافات «بالموت» للزعيم الأعلى السيد علي خامنئي.
وحذر قائد الحرس الثوري حسين سلامي، المحتجين من أن يوم السبت، «سيكون آخر يوم يخرجون فيه إلى الشوارع»، وهو التحذير الأكثر صرامة لمسؤول إيراني حتى الآن.
ومع ذلك، أظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل طلابا يشتبكون مع شرطة مكافحة الشغب و«الباسيج» في جامعات مختلفة.
ولم تتمكن «رويترز» من التحقق من هذه اللقطات.
وأظهر مقطع فيديو أحد أفراد «الباسيج» وهو يطلق النار من سلاح من مدى قريب على طلاب يحتجون في فرع جامعة آزاد في طهران.
كما سُمع دوي إطلاق نار في مقطع نشرته منظمة «هنكاو» الحقوقية خلال احتجاجات في جامعة كردستان في سنندج.
وأظهرت مقاطع فيديو من جامعات في مدن أخرى قوات «الباسيج» وهي تفتح النار على الطلاب.
وفي أنحاء البلاد، حاولت قوات الأمن محاصرة الطلاب داخل مباني الجامعات بإطلاق الغاز المسيل للدموع وضرب المتظاهرين بالعصي، مما دفع الطلاب، الذين بدا أنهم عزل، للتراجع فيما هتف بعضهم «الباسيج العار أغربوا عن وجوهنا» و«الموت لخامنئي».
تاريخ من قمع الاحتجاجات
وذكرت «وكالة هرانا للأنباء» المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ان 283 متظاهرا قتلوا في الاضطرابات حتى السبت، بينهم 44 قاصرا.
كما سقط نحو 34 من أفراد قوات الأمن.
وأضافت الوكالة أن أكثر من 14 ألف شخص تم اعتقالهم، بينهم 253 طالباً، في 132 مدينة وبلدة و122 جامعة.
وسحق الحرس الثوري و«الباسيج» التابعة له جميع أشكال المعارضة في الماضي.
وقال قائد في الحرس الثوري، أمس، إن «مثيري الفتنة» يوجهون إهانات لهم في الجامعات وفي الشوارع، وتوعد باستخدام المزيد من القوة إذا استمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
ونقلت «وكالة إرنا للأنباء» الرسمية، عن قائد الحرس الثوري في إقليم خراسان الجنوبي العميد محمد رضا مهدوي، «حتى الآن، التزم الباسيج ضبط النفس والصبر. لكن الأمر سيخرج عن سيطرتنا إذا استمر الوضع».
مناشدة صحافيين
إلى ذلك، طالب أكثر من 300 صحافي إيراني بالإفراج عن زميلتين لهما مسجونتين بسبب تغطيتهما لقضية أميني في بيان نشرته صحيفة «اعتماد» وصحف أخرى أمس.
وكانت نيلوفر حميدي التقطت صورة لوالدي أميني وهما يتعانقان في أحد مستشفيات طهران حيث كانت ابنتهما ترقد في غيبوبة.
وكانت الصورة، التي نشرتها حميدي على «تويتر»، أول جرس إنذار للعالم على أن هناك خطبا ما في شأن أميني التي كانت اعتقلتها «شرطة الأخلاق» قبل ذلك بثلاثة أيام بدعوى ارتدائها ملابس غير لائقة.
أما الهه محمدي، فقد غطت جنازة أميني في مدينة سقز الكردية، مسقط رأسها، حيث بدأت الاحتجاجات.
واتهم بيان مشترك من وزارة الاستخبارات الإيرانية واستخبارات الحرس الثوري، يوم الجمعة، حميدي ومحمدي بأنهما عميلتان لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي).
ويتماشى اعتقالهما مع الرواية الرسمية التي تروج لها طهران، ومفادها بأن الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى الغربية وعملاءها في الداخل يقفون وراء الاضطرابات وعازمون على زعزعة الاستقرار.
وتقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن 40 صحافيا اعتُقلوا في الأسابيع الستة الماضية، وإن العدد في تزايد.
ولعبت الطالبات والنساء دورا بارزا في الاحتجاجات، حيث قمن بحرق حجابهن في الوقت الذي طالبت فيه الحشود بسقوط الجمهورية الإسلامية التي وصلت إلى السلطة عام 1979.
وصرح علي خان محمدي، الناطق باسم «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» لموقع «خبر أون لاين»، أمس، بان «خلع الحجاب مخالف لقانوننا والهيئة لن تتراجع عن موقفها».
وأضاف «ومع ذلك، يجب أن تتحلى تصرفاتنا بالحكمة لتجنب منح الأعداء أي ذريعة لاستخدامها ضدنا».
ومن غير المرجح أن يقبل المحتجون بالتلميحات حول تخفيف اللهجة والإجراءات الأمنية، خصوصاً بعدما تصاعدت مطالبهم إلى ما هو أبعد من تغيير قواعد الزي، وباتوا ينادون اليوم بإنهاء حكم رجال الدين.
وفي محاولة أخرى على ما يبدو لنزع فتيل التوتر، قال رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، إنه يحق للناس المطالبة بالتغيير وإن مطالبهم ستُلبى إذا نأوا بأنفسهم عن «مثيري الشغب» الذين خرجوا إلى الشوارع.
وأضاف «نرى أن الاحتجاجات ليست فقط حركة تصحيحية ودافعا للتقدم لكننا نعتقد أيضاً أن هذه الحركات الاجتماعية ستغير السياسات والقرارات، بشرط ابتعادها عن مرتكبي العنف والمجرمين والانفصاليين»، وهي مصطلحات يستخدمها المسؤولون عادة للإشارة إلى المتظاهرين.
وفي أوتاوا، انضمّ رئيس الوزراء جاستن ترودو إلى مسيرة مع محتجّين تجمّعوا في العاصمة الكندية، السبت، دعمًا للحركة الاحتجاجيّة التي تشهدها إيران منذ أكثر من 40 يوماً.
وقال ترودو لصحافيّين، أمام لافتة بيضاء مغطّاة بعشرات بصمات الأيدي الحمراء، «سنُواصل نضالنا من أجل مستقبل أفضل للجميع في كلّ أنحاء الكوكب، خصوصًا النساء اللواتي عانين في إيران».
وأضاف «نحن هنا متضامنون معكم وسنبقى كذلك»، قبل أن يُنهي خطابه بترديد شعارات إيرانيّة رافعاً قبضته وسط هتافات الجماهير.
وإلى جانبه، قالت زوجته صوفي غريغوار ترودو إنّها حضرت لأنّ «حرّية المرأة تعني حرّية جميع النساء».
وذكّر رئيس الحكومة بأنّه فرض عقوبات عدّة خلال الشهر الماضي على عشرات من كبار المسؤولين الإيرانيين ردا على «انتهاكات منهجيّة لحقوق الإنسان».
ونُظّمت تجمّعات في مدن كنديّة أخرى، ولا سيّما في فانكوفر ومونتريال ووينيبيغ وتورنتو حيث شكّل المتظاهرون سلاسل بشريّة.
كما تجمّع الآلاف السبت في باريس ومدن فرنسيّة أخرى.