إن ما تشهده الساحة السياسية اليوم هو تخبطٌ وتشويشٌ واضحٌ، وأظنه حاصلٌ بشكل متعمد وممنهج، والهدف منه وصول الشارع الكويتي إلى حالة من التشويش وأن يُحاط المشهد بالضبابية المصطنعة والتشتيت المفتعل، وأن يشعر الناس باليأس السياسي والدستوري، بحيث يختلط الأمر على المتابع للمشهد، ومع كثرة القضايا المتداولة لا يستطيع المتابع التركيز على قضية معينة أو تمييز قانونية ودستورية الوضع من عدمه، وبذلك يختلط حابل الأمور بنابلها وحتى يتمكّن بالناس، اليأس من الحياة السياسية، ويركنوا عنها.
وعليه فإن كل مَن يعتقد أن سياسة الدولة العامة والتي يرسمها مجلس الوزراء، هي تخبط بلا تفكير وبلا دراسة، فهو واهمٌ، وعليه إعادة حساباته جيّداً؛ لأن الذي يريد تضليل وتشتيت الرأي العام، سيقوم بذلك بشكل ممنهج ومدروس.
ويبقى السؤال، ما الهدف والغاية من ممارسة كل هذا؟
إن الجواب، هو أن يعيش المرء أو المواطن، إن صح التعبير، عمره ينتظر ويتمنى حدوث الأفضل، وما وعد به من دون أن يساهم ولو بشكل طفيف في إحداث التغيير الذي يشمله ومستقبله وحياته بصفة عامة، وبأن يعيش أيضاً على ما قُدّم له فقط، وعدا هذا هو يأمل بالقادم.
وهنا نستطيع أن نسلّط الضوء على استراتيجية محددة، وسنسميها الإلهاء، فحتى إذا كانت الكلمة واسعة النطاق، بحيث إنها تعتمد في كل الاستراتيجيات المستعملة في التحكم بالشعوب، فإستراتيجية الإلهاء هي الأقوى والمستعملة في التحكم بالأفراد أو الشعوب.
أما عن استخداماتها من حيث كونها استراتيجية فعّالة في تسيير الشعوب، فتكمن في مواقف عديدة بحيث تطفو مصالح الشعب على السطح، بينما تخفي في أعماقها مصالح وأهداف ذات أبعاد أخطر من ذلك، لا يدركها سوى من كانت له القدرة على أن ينظر خلف المظاهر ويستنتج بغوصه في أعماق السياسة وتفكير دواهي التخطيط والتنفيذ.
ولكي تختفي تلك الغايات والأهداف التي لا يُراد لها أن تظهر للعلن، لا بد من تغطيتها وسترها برداء أشد سواداً وأوسع من ذلك الذي ترتديه تلك المواقف، وهنا تستخدم الحكومات أو الأفراد، طريقة خلق الأزمات بداية لتشتت النظر عن الأزمة الأساسية والأهم، ومن ثم تتبعها بطريقة أخرى، وهي المكملة للأولى، غاية في قطف ثمار ما تم التخطيط له، وهي ما تسمى باقتراح الحلول أو إيجاد الحل، هذا ما يرضي الشعب أو الفرد خصوصاً عندما لا يكون واعياً لحجمها وتأثيرها هي أو المشكلة الأكبر التي تغطيها.
وختاماً أؤكد هنا، أن الإلهاء لا يعتبر بتاتاً سياسة واضحة تفسيرها يكمن في إخفائها، بل هي مهارة ودهاء ومكر يتم استغلالها من طرف اليد التي تحرّك خيوط الدمى، لأن التحكم في الجماعات أسهل من التحكم في الأفراد.
وحريٌ بالمرء أن يكون واعياً لتلك السياسات التي تتم ممارستها وألا يقع في فخ التحكّم والاستغباء الذي يُمارس عليه، ولا يجب عليه أن يكون داهية ليدرك قوانين السيطرة والتحكم... كل ما يحتاجه الأمر هو قليل من الوعي فقط ليساعده في التحليل والتفكير المنطقي.
يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (لستُ بالخِبّ، ولا الخِبّ يخدعني).
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com