No Script

ألوان

حظك نصيبك

تصغير
تكبير

نعم، أؤمن بأن الحظ له دور في حياتنا، لكنني أرفض أن يكون ذلك شماعة لتبرير اخفاقاتنا، وأؤمن بأن هناك من يعتقد بفلسفة «حظك نصيبك» التي من شأنها أن تعمل على التأثير على حياتنا عبر أمور عدة تحدث في حياتنا.

وفي ديوانية صديقي «بوراشد» حيث إننا نجتمع، ومثل بقية الديوانيات نتحدث بكل شيء، وفي السنوات الأخيرة جذب انتباهي من يشرف على تقديم الخدمة في الديوانية «محمد شاه»، وهو رجل خمسيني من بنغلاديش الذي عاش لسنوات طويلة في الكويت، بل إنه بات يتحدث بلغة عربية سليمة، كما أنه يجيد نطق بعض المفردات الكويتية بصورة سليمة، ولفت انتباهي إلى أنه يقول الحقيقة دون مجاملة، وهو لا يشارك في الحديث إلا إن طلب منه بوراشد، كي لا يغضب أي شخص من صراحته.

وأذكر أن أحد رواد الديوانية قال إن احضار عاملات المنزل بات مكلفاً، وكذلك الأمر ينطبق على السائق، وقد لا تكون محظوظاً إن لم يكن السائق أو العاملة على مستوى مرضٍ، فقال أحدهم المسألة «حظك نصيبك»... مثل «الرقي» دون شرط السكين! فعلق محمد شاه، قائلاً، الأمر نفسه ينطبق علينا، فالسائق منا قد يعمل لدى أسرة ثرية تمتلك فيلا كبيرة ويقود سيارة فارهة، ويسكن في غرفة خاصة بها كل متطلبات الحياة الحديثة، إضافة الى المأكولات الراقية، وقد يكون نصيب السائق أن يعمل على «وانيت» ويعمل راعياً مع «الحلال» أي الغنم في الصحراء، دون وجود تكييف أو بقية الأمور الحديثة في الحياة التي يتوقعها في الكويت... فضحكنا جميعاً.

وإذا قمنا بعمل قياس لفلسفة «حظك نصيبك»، فإن الأمر لا يتوقف على عاملة المنزل فقط، فقد ينطبق ذلك على نصيبك بحصولك على منصب ما أو أن يتقاعد مسؤول سيئ في العمل ليحل محله شخص لطيف يمتاز بالطيبة وبالعدالة دون المساس بايقاع العمل.

وفي القطاع السياسي، فقد يكون هناك بروز وزير أو نائب التزم بالقسم وعمل جاهداً من أجل مصلحة الكويت وشعبها دون العمل إلى جني مصالح خاصة أو إلى مصلحة الحزب أو الفئة التي ينتمي إليها.

والأمر نفسه ينطبق على المؤسسات الثقافية التي تندرج تحت مظلة جمعيات النفع العام فتبرز أسماء دخيلة على الثقافة، كأن يكون وراقاً أو جامعاً للمجلات القديمة، أو يأتي من لا يكتب الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية أو المسرح أو الدراسة النقدية أو المقالة الثقافية، ويدعي أنه رجل ثقافة بل ويتصدر جمعية ثقافية عبر تكتيكات معينة، أو من يستخدم البروجكتر ليصنع لوحة ثم يدعي أنه فنان تشكيلي أو من يسرق أو يقتبس فكرة إنسانية لينفذها في عمل تشكيلي من نحت أو خزف، ويجد إعلاماً يدفع به ليكون رمزاً فنياً، والقائمة تطول في الكثير من قطاعات الثقافة والفكر والإبداع الأكاديمي.

وإذا عدنا إلى عاملات المنازل فإن المسألة مرتبطة بالحظ وبالنصيب إلى حد ما فقد يكن في أفضل أداء لهن، وقد يكن في أسوأ حالاتهن، ناهيك عن بقية السلوكيات مثل السرقة وعدم الإلمام في التنظيف، بل إن البعض منهن قمن بقتل أفراد العائلة التي يعملن لديها، ولا أريد الإشارة إلى جنسية معينة لأن التعميم مسألة مرفوضة بتاتاً ولا يمكن الأخذ بها في النظرة الموضوعية للقضية التي لها أبعاد كثيرة.

ومثلما أرفض سلوكيات العاملات السيئة، إلا أنني في الوقت نفسه أرفض الإساءة لهن عبر حرمانهن من الراحة بعد العمل لثماني ساعات يومياً ويمكن تقسيم تلك الساعات إلى فترتين مع منحهن راحة يوم واحد أسبوعياً على الأقل يتم الاتفاق عليه، إضافة إلى ضرورة توفير الغذاء المناسب والملابس المناسبة والسكن المناسب، وعلينا ان نتذكر دائماً بأن هؤلاء النسوة تركن بلادهن وأطفالهن من أجل توفير حياة كريمة خاصة مع ارتفاع العملة الكويتية.

همسة،

وجود عاملة قديرة في المنزل أفضل من زوجة لا تعي دورها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي