إجراء رقابي معمول به في الدول المتقدمة لكن تطبيقه يحتاج آلية وضوابط
«المُراجع الخفي»... يهزّ جذع الإصلاح
رسم سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد من خلال توجيه الحكومة في النطق السامي خلال افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السابع عشر، لتبني مبادرة «المُراجع الخفي»، أحد أهم الخطوط العريضة لكيفية تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين ونقلها إلى مستوى يتوافق مع تطلعات القيادة السياسية التي تضع خدمة المواطن في المقام الأول.
«الراي» طرحت المبادرة على عدد من القياديين والمسؤولين، فأكدوا أن من شأنها أن تهز جذع الإصلاح في الجهات الحكومية والهيئات المستقلة، بهدف تفعيل الرقابة وضمان حُسن سير العمل فيها.
وفيما بدأت جميع الجهات الحكومية، وعلى رأسها ديوان الخدمة المدنية تستعد لإعداد تصوراتها في شأن كيفية تطبيق مبادرة «المراجع الخفي»، أبدى قياديون في مختلف الجهات الحكومية وخبراء قانونيون تأييدهم الكبير لهذا الإجراء الرقابي المعمول به في جميع الدول المتقدمة، مؤكدين «أنها بادرة ممتازة لتحقيق الإصلاح لكن تحتاج إلى آلية عمل واضحة».
أعضاء البلدي: مبادرة ممتازة لقياس أداء العمل
العبدالجادر: تكشف مواضع الخلل وتحدّ من الفساد الإداري
قال عضو المجلس البلدي فهد العبدالجادر لـ«الراي» إن «فكرة المراجع الخفي من شأنها أن ترتقي بأداء الوزارات والهيئات الحكومية، إذا تم تطبيقها بالطريقة السليمة، كما أنها ستسهم في ضبط وضمان جودة الخدمات المقدمة للمواطنين واكتشاف مواضع الخلل والحد من الفساد الإداري والتقاعس الحاصل في بعض الجهات».
الأمير: لا بد أن ترافقها ضوابط لمنع التجني على الموظفين
من جانبها، أعربت عضوة المجلس منيرة الأمير عن أملها بتطبيق الفكرة لمتابعة مستوى الأداء داخل المؤسسات الحكومية لرفع معدلات إنتاجية العمل.
وقالت في تصريح لـ«الراي» إن «من الضروي الأخذ بعين الاعتبار الهدف من المبادرة بوضع ضوابط وتحديد الجهة التي من حقها أن تتولى هذه المهمة حتى لا تنحرف عن مسارها».
الشلفان: تعزز جودة الخدمات مع ضمان تقديمها بصورة مناسبة
من جانبها، قالت عضوة المجلس المهندسة شريفة الشلفان إن الفكرة ممتازة ومطبقة في بعض الدول، كما أنها أثبتت نجاحها، لا سيما في القطاع الخاص بالكويت.
وقالت الشلفان في تصريح لـ«الراي» إن «الغاية من تطبيقها هي تعزيز جودة الخدمات المقدمة للمراجعين، وضمان تقديمها بالصورة المناسبة وبصورة خاصة في الجهات الحكومية ذات الارتباط الوثيق بالأمور الأساسية لجميع فئات المجتمع».
الرومي: تُساعد مسؤولي الإدارات على تحفيز الموظفين
بدورها، قالت عضوة المجلس فرح الرومي في تصريح لـ«الراي» إن «الفكرة تعتبر من الوسائل الفعالة لقياس أداء المسؤولين والموظفين والتأكد من انضباطية العمل، وتحفز العاملين على أداء واجباتهم على أكمل وجه، وهي وسيلة تُعين مسؤولي الإدارات في مواقع العمل المختلفة على تحفيز الموظفين وتأكيد التزامهم بالعمل وزيادة الانتاجية، ولا تعفي المسؤولين من القيام بواجباتهم في هذا الاتجاه».
علياء الفارسي: منظومة بسيطة سهلة التطبيق والمتابعة والقياس
وأكدت عضوة المجلس المهندسة علياء الفارسي أنها «فكرة إبداعية نتائجها تساهم في خلق بيئة عمل صحية مع الوقت في حال تم تطبيقها بشكل صحيح ضمن ضوابط مدروسة»، مبينة أن «الفكرة أتت من مبادئ ديننا الحنيف (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، وبالتالي من أصغر موظف بالدولة إلى أعلى موظف عليه واجبات ومسؤوليات لابد من الالتزام بها».
وأضافت الفارسي في تصريح لـ«الراي» أن الفكرة لم تأتِ للمحاسبة فقط أو لمعرفة مدى كفاءة عمل الموظف، وجودة أدائه، بل تواجده في مقر عمله وسهولة الوصول إليه، مشددة على ضرورة وضع منظومة بسيطة سهلة التطبيق والمتابعة والقياس، كوضع شاشة إلكترونية مقابل الموظفين الذين لديهم مراجعون كثر، تتضمن أسئلة بسيطة وسريعة يمكن إدخالها خلال ثوان.
السديراوي: يُفضّل أن يكون غير كويتي
اعتبر مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور مانع السديراوي أن مبادرة المراجع الخفي خطوة مهمة للبلد، تحتاج إلى آلية واضحة كي تطبق بشكل صحيح ومنظم.
وقال السديراوي في تصريح لـ«الراي» إنه «لا يهم في المراجع إن كان رجلاً أم امرأة، أو كويتي أو غير كويتي، بل على العكس يفضل أن يكون غير كويتي حتى يرصد حالة التمييز التي لدى البعض ضد الإخوة الوافدين».
تربويون: خطوة إصلاحية
الرشيد: أي شخص ثقة يمكن أن يقوم بالدور سواء كان رجلاً أو امرأة
أكد الوكيل المساعد الأسبق للمنشآت التربوية والتخطيط في وزارة التربية الدكتور خالد الرشيد، أن تطبيق فكرة «المراجع الخفي» في الوزارات هي «خطوة جيدة للمراقبة والإصلاح وتحريك عجلة العمل ومعاملات المواطنين، وهناك أيضاً طرق فاعلة باستخدام التكنولوجيا ونظم المعلومات من شأنها أن تساهم في قياس مدى استجابة الجهات الحكومية لمراجعات المواطنين».
وقال الرشيد في تصريح لـ «الراي» إن «أي شخص ثقة وموضوعي ممكن أن يقوم بهذا الدور، سواء كان رجلاً أو امرأة».
النجار: من يعمل لن ينتظر حتى يزوره المراجع الخفي
بدوره، رأى الوكيل المساعد للشؤون المالية في وزارة التربية يوسف النجار، في تصريح لـ«الراي»، أن فكرة «المراجع الخفي» إيجابية وإصلاحية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع في جميع الجهات الحكومية، مؤكداً أن «من يعمل لن ينتظر حتى يزوره المراجع الخفي» ليقوم بتحسين عمله فهو في الأصل يقوم بعمله جيداً.
بوعركي: نشد على يد الحكومة
من جهتها، قالت الوكيلة المساعدة للشؤون الإدارية والتطوير الإداري رجاء بو عركي، إنها «خطوة إصلاحية نشد على يد الحكومة فيها». وبيّنت، في تصريح لـ«الراي»، أنه «لا يهم إن كان المراجع الخفي رجلاً أم امرأة وليس في وجوده أي ضرر على القيادي أو المسؤول، طالما أنه إجراء رقابي معمول به في جميع الجهات الحكومية».
العجمي: لا تبوق.. لا تخاف
بدوره، اعتبر مدير إدارة البحوث التربوية في وزارة التربية عبد الله العجمي، في تصريح لـ«الراي»، أن الفكرة تتضمن رسالة إصلاحية مفادها «لا تبوق ولا تخاف»، وهي دليل على تطبيق نهج الشفافية والمصداقية حين يوثق المراجع ازدحاماً ما في إدارة حكومية أو أبواب مسؤول مغلقة في وجه المراجعين.
العيسى: إجراء يحتاج لتنظيم
وصف وزير التربية وزير التعليم العالي السابق الدكتور بدر العيسى تطبيق «المراجع الخفي» في الجهات الحكومية بـ«الإجراء السليم»، لكنه يحتاج إلى تنظيم فقد يساوم هذا المراجع الموظف أو المسؤول لتمرير شؤونه الخاصة، فمن يراقبه؟
وقال العيسى، في تصريح لـ«الراي»، إن المراجع الخفي قد يرصد التجاوزات في ظل وجود موظف غير متفهم وقد يصور للتوثيق وتنشر في مواقع التواصل الاجتماعي فما هو الإجراء في هذه الحالة؟، مؤكداً أن هذا الإجراء معمول به في البنوك لكنه أصبح معروفاً إذ يمكن كشفه من خلال تكرار الأسئلة.
وتساءل العيسى: «هل يسمح للمراجع الخفي بالدخول في جميع قطاعات الجهة وهل يصور وما هو الإجراء القانوني في ذلك؟»، مشيراً إلى أن موظفي بعض الجهات قد يساومون الوزارة في تخليص أعمالها من خلال تمرير بعض الشؤون الخاصة بهم، وقد يقوم المراجع الخفي بالأمر ذاته لذلك نحن بحاجة إلى قوانين تسد هذه الثغرات.
خبراء قانونيون يُحدّدون الضوابط
الحمود: إجراء رقابي لا تشوبه أي ثغرات قانونية
وصف أستاذ القانون بكلية الحقوق في جامعة الكويت الدكتور إبراهيم الحمود مبادرة «المُراجع الخفي» بأنها نوع من أنواع الرقابة التي لا تتضمن أي ثغرات قانونية، «فالمراجع الخفي لا يتجسس على الأمور الخاصة للموظفين أو القياديين وإنما يرصد الوضع في مكان حكومي عام... وفي الإدارة الحكومية من حق أي إنسان أن يدخل».
وقال الحمود، في تصريح لـ«الراي»، إن هناك أموراً يجب أن تؤخذ في الحسبان عند تطبيق هذه المبادرة أهمها تغيير «المراجع» باستمرار حتى لا ينكشف أمره، إذ يتم تغييرهم في أوروبا كل شهر لضمان خصوصية عملهم، لكن يبقى السؤال المهم «من الجهة التي سيتبعها هذا المراجع وما هي ثقافته ومدى موضوعيته، وهل من الممكن أن يتبلّى على المسؤول وهل سيخضع للرقابة حتى لا يستغل وظيفته في الشأن الخاص؟».
سراب: الأمانة والحيادية والنزاهة... صفات مطلوبة
من جانبها، قالت عضو اللجنة الاقتصادية في جمعية المحامين الكويتية المحامية تهاني سراب، في تصريح لـ«الراي»، إن «مبادرة المراجع الخفي لا بد أن تتضمن حفظ حق الطرفين، أي المراجع والموظف».
وذكرت أن أهم المعايير التي يجب توافرها في «المُراجع الخفي» هي الأمانة والحيادية والنزاهة والضمير في نقل ما يحدث أمامه.
القطان: قانون «الخدمة المدنية» لا يعرف الموظف الخفي أو السري
من جانبه، استفسر المتخصص في الشؤون الإدارية المحامي محمود القطان، عن وضعية «المراجع الخفي»، إن كان سيتم توظيفه من خارج جهة العمل أو من داخلها.
وقال في تصريح لـ«الراي»، «إذا كان المراجع الخفي من خارج جهة العمل، فهذا غير مقبول، لأنه لو لاحظ وجود تقصير من موظف ما فالمفترض أن تتم محاسبته وفق القانون، من ناحية لفت النظر أو اللوم أو الخصم أو حتى الفصل أو إحالته للمحاكمة التأديبية، وذلك من خلال التحقيق الداخلي معه من جهة عمله، أما لو كان المراجع الخفي من داخل العمل فهذا الأمر يمثل قصوراً ومدعاة للمجاملة والكره والحقد أو حتى تصفية الحساب بين طرفين قد يكون بينهما خلاف سابق، وبالتالي لا بد من وضع ضوابط صارمة في هذه الحالة، خصوصاً أن قانون ديوان الخدمة المدنية لا يُعرّف الموظف الخفي أو الموظف السري».
الرشيدي: «الكهرباء» تُطبّق الفكرة من 2020
قال الوكيل المساعد لقطاع خدمات العملاء في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة أحمد الرشيدي «إن الوزارة تطبق هذه الفكرة منذ العام 2020، وتم أخيراً التجديد مرة أخرى لقرار اللجنة» المعنية، مشيراً إلى استفادة الوزارة بشكل كبير من الملاحظات التي كان يرصدها أعضاء لجنة الفريق الخفي في شأن أداء بعض موظفي الوزارة من خلال تلافيها مستقبلاً. وأضاف الرشيدي، في تصريح لـ«الراي» إن «تطبيق هذه الفكرة كان يأتي في إطار سياسة جديدة لكشف مواطن الخلل والقصور في الخدمات المقدمة في الإدارات التي تتعامل مع الجمهور، وفي مقدمتها إدارتا خدمة العملاء والتمديدات الكهربائية».
«ديوان الخدمة» ينتظر توجيهات الشيتان
ما زال ديوان الخدمة المدنية ينتظر تعليمات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان للبدء في إعداد التصورات ووضع الضوابط الكفيلة التي تضمن التطبيق السليم لمبادرة «المراجع الخفي».
وقال مصدر مطلع في الديوان، لـ«الراي»، «يُمكن أن يقتدي الديوان بنظيره القطري في تصنيف المراجع الخفي كوظيفة حكومية، ووضع التجربة في قلب عملية التطوير الحكومي».
5 مواصفات
1 - محايد
2 - ذو ضمير حي
3 - ذو خبرة في العمل الإداري
4 - سريع البديهة
5 - لبق في التعامل
3 أماكن
يفترض أن يتواجد «المراجع الخفي» في العديد من الإدارات والجهات، أبرزها:
1 - إدارات الجهات الحكومية التي لم تستخدم التقنيات الالكترونية.
2 - الإدارت التي يوجد فيها احتكاك مباشر مع المراجعين.
3 - الإدارات ذات الطابع الخدمي.
4 مهام
يضطلع «المُراجع الخفي» بسلسلة من المهام، أبرزها:
1 - نقل الصورة من دون احتكاك بالموظفين.
2 - رفع تقاريره بصفة أسبوعية للمسؤولين المعنيين.
3 - عدم إقحام رأيه الشخصي في التقرير
4 - التقيّد بالمعايير التي سيتم وضعها لتقييم الموظف
متى يختفي؟
ينتهي دور «المُراجع الخفي» في 3 حالات:
1 - حال اكتمال تطبيق الخدمات الإلكترونية بنسبة تصل إلى 100 في المئة في جميع الجهات الحكومية.
2 - عندما يشعر الموظف بأنه رقيب على أدائه.
3 - عندما يتم إنجاز المعاملات أولاً بأول.
5 فوائد
في ما يلي أبرز الإيجابيات لتطبيق المبادرة:
1 - تعزيز كفاءة العمل.
2 - رفع مستوى الإنتاجية.
3 - عدم التمييز بين المراجعين.
4 - ترسيخ مبدأ العدالة في إنجاز معاملات المراجعين.
5 - كشف مواقع الخلل وإغلاق باب التسيّب الإداري.
المبادرة في ميزان القانون
• إجراء رقابي لا تشوبه أي ثغرات قانونية.
• تطبيقه يحتاج لضمانة تحفظ حقوق المراجع والموظف.
التغيير باستمرار
اتفق جميع المتحدثين على ضرورة أن يكون هناك تغيير مستمر في أسماء الموظفين الذين ستسند لهم مهمة «المُراجع الخفي» حتى لا يكونوا مكشوفين أمام موظفي الجهات الحكومية المفترض مراقبتهم.