No Script

ألوان

الفن والحياة

تصغير
تكبير

يتميّز الفن التشكيلي عن بقية الفنون بأنه كان حاضراً في الحياة منذ القدم حيث الأرض بوديانها وصحاريها وبأشجارها وثمارها المتعددة الألوان، إضافة إلى السماء والشمس والقمر والغيوم والألوان التي شاهدها الإنسان، فكانت انطلاقته لإعمار الأرض، فتتابعت الحضارات التي سادت ثم بادت، فتم توثيقها عبر الفنون التشكيلية من رسم ونحت وخزف، ساعدت علماء الآثار في ما بعد على معرفة بعض ملامح تلك الحضارات الإنسانية.

والفن التشكيلي بفروعه كافة، أول من نجح في تحقيق شعار حوار الحضارات بين مختلف شعوب العالم المتعدد بلغاته وثقافاته، فنجحت اللوحة التشكيلية بإجراء حوار بين العقول والقلوب، وقد بات حوار الحضارات شعاراً عالمياً لم ينجح بتحقيقه إلا الفن التشكيلي ومعه الموسيقى.

ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فقد مرت السنوات لكنني ما زلت أتذكّر وأدين بالفضل لمدرس الرسم في المرحلة المتوسطة وهو الأستاذ محمود عبدالقادر، الذي التفت الى ميولي للرسم وأول من صقل موهبتي وعلمني أبجديات التكنيك الفني، وتطور الأمر تدريجياً إلى تاريخ 13 مايو 1970م، حين أصبحت عضواً في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، فكانت نقلة نوعية في مسيرتي المتواضعة حيث تعرّفت على الفنانين التشكيليين الروّاد، ولمستُ منهم التشجيع والتوجيه، فكانت الانطلاقة عبر المشاركة في معارض مشتركة ثم معرض شخصي لي في الكويت، ولاحقاً في بعض الدول الخليجية والعربية والعالمية خصوصاً في أوروبا التي منحتنا المدارس الفنية إذ وجدت نفسي في المدرسة السريالية والتجريدية بعد نصيحة من رسام قبرصي زار الكويت واطلع على لوحاتي.

ولكل مجتهد نصيب، فكان الحصاد جوائز كثيرة حصلت عليها في الكويت والخليج وبعض الدول العربية، إضافة إلى أكثر من تكريم من قبل هيئات وجامعات عربية وعالمية.

وعندما أقمت معارض فنية في بعض العواصم الغربية، لفت انتباهي أن كل أفراد الأسرة تحضر إلى المعرض وتجري حواراً مع الفنان أو في ما بينها، فتساءلت متى يصبح الوضع هكذا في بلادنا العربية؟ وما زال هذا السؤال يلاحقني.

وهناك أسئلة كثيرة مثل هل وصلت اللوحة التشكيلية إلى البيت العربي؟ وهل سيأتي اليوم ليحصل الفنان التشكيلي على مكانته في المجتمع؟ وهل سيستمر الوضع التشكيلي حيث الغزارة بالإنتاج دون حركة نقدية توازيها؟

إن الفنان التشكيلي المبدع سيخلده التاريخ، والأسماء معروفة في كل بلد ولسوف يبقى ضمن ثقافة بلده جيل بعد جيل.

وكان لي اهتمامات كثيرة عبر الصحافة الكويتية، فكتبت في قضايا إنسانية وسياسية واجتماعية لكن لديّ توجهات نحو القضايا الثقافية بمفهومها الشامل، فأصبحت عضواً في جمعية الصحافيين الكويتية، وأشغل منصب نائب رئيس اتحاد الكتاب السياحيين العرب كما انني عضو في الاتحاد الدولي للسياحة.

ولقد انضممت إلى جمعيات نفع عامة كثيرة تُعنى بالثقافة، مثل نادي السينما الكويتي حيث إنني أشغل منصب مدير الأفلام، كما انني عضو مجلس إدارة المدير الإداري في رابطة الاجتماعيين الكويتية.

أيها الحضور الكريم... كم هو جميل تجمعنا الثقافي فعندما يجتمع مجموعة من الفنانين التشكيليين العرب يعد مكسباً، والحوارات الفنية هي أفضل ما في التجمعات، فلنحافظ على استمرار مثل هذه التجمعات في تونس الخضراء بلد الجمال والثقافة، مع تمنياتي للجميع بالتوفيق.

(الكلمة التي ألقيتها خلال مشاركتي في المنتدى الدولي الأول للفنون التشكيلية في تونس).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي