العرض دخل المنافسة في «الكويت المسرحي 22»
«تفضّلوا على العشاء»... الأخير
العشاء الأخير، برائحة الموت وويلات الحروب...
ربما تكون هذه الجملة، هي المفهوم الأقرب والأعمق لمضمون النص، الذي تسلّحت به فرقة المسرح الكويتي لتدخل المنافسة أمس، في مهرجان الكويت المسرحي، الذي انطلقت فعاليات دورته الثانية والعشرين الخميس الماضي، وتستمر حتى التاسع والعشرين من شهر أكتوبر الجاري.
وقدّمت الفرقة عرضاً بعنوان «تفضلوا على العشاء» والذي حظي بإعجاب غالبية جمهور مسرح الدسمة، حيث بدا واضحاً الجهد الذي بذله مخرج العمل محمد الأنصاري. فعلى الرغم من صغر سنه، لكنه أثبت بأن المخرج سيد العمل، ومتى ما كان قارئاً جيداً للنص، فالنتيجة حتماً ستكون جيدة.
في مسرحية «تفضلوا على العشاء»، وهي بالمناسبة مسرحية تظهر إنسانياً المأساة التي تخلفها الحروب، اعتمد المخرج على مجموعة شبان يريدون إثبات وجودهم، فصنعوا ما صنعوا فوق خشبة المسرح من أداء متقن ومعايشة للشخصية وكاريزما وحضور فوق الخشبة.
أسلحة المخرج
الاشتغال على الممثل كان واضحاً من خلال صناعة المخرج من كل واحد من الممثلين مقاتلاً شرساً، وآخر مجنوناً وسط الشعب العادي البسيط، كل ما تقدم كانت أسلحة المخرج الأنصاري الذي «فصفص» النص بين يديه وأجاد تقديمه وفق رؤيته الإخراجية، التي صفق لها الجمهور طويلاً.
فإلى جانب المعركة التي كان يدور رحاها فوق الخشبة لناحية التنافس في الأداء بين الممثلين، كانت هناك معركة على جبهة أخرى بين المؤلفة فاطمة العامر والمخرج في كيفية تقديم المشهد التمثيلي. فالمؤلفة ارتكزت في النص على «الحدوتة» التي تخلفها الحروب، صراع يتبعه صراع، فمأساة، وما ينتج عن ذلك من ظلم وخوف ورعب وأشباح تتسيد المكان. ذكريات مؤلمة وفرح غائب وجشع يملأ المكان.
معركة إمكانات
كانت بمثابة دعوة على العشاء، ولكن من دون طعام، هي فقط صحون فارغة مصيرها الكسر، وفعلاً تكسرت فوق خشبة المسرح بشكل مبالغ به، حيث إن الصراع المحتدم بين البشر في مكان ضيق جعلهم جميعاً يعانون من الويلات، فيظهر لهم بشر آخرون بمظاهر مرعبة أجاد إتقانها عبدالعزيز الجريب وحصة العباد في وضع لمساتهما من «ماكيير»، وأزياء تزين بها المشهد، محققاً ما ذهب به الأنصاري من رؤية إخراجية.
ومن دون مبالغة، يمكن القول إننا كنا أمام معركة إمكانات المخرج الأنصاري، التي تفوقت في أماكن كثيرة على المشاهد التي رسمتها المؤلفة، ضمن سيناريو الحوار، وهذا متوقع. فالصورة التي طرحها المخرج فوق الخشبة كانت كفيلة بالتصفيق له، لأنه فعلياً تفنن في فرد عضلاته، وربما لفت انتباه أعضاء لجنة التحكيم.
وإحقاقاً للحق، كانت السينوغرافيا متناسقة ومتناغمة مع طبيعة الحوارات، من ديكور معبّر، كما أن إضاءة فاضل النصار تكسب دوماً.
يُذكر أن المسرحية شارك في بطولتها كوكبة من الممثلين الشباب، هم عبدالعزيز بهبهاني، ميثم الحسيني، فيصل الصفار، عبدالله البصيري، وآية العمري ومحمد المنصوري وعبدالله البلوشي وفاطمة الأنصاري وعلي المهيني وطلال الفريحي وعبدالله حكيم وعبدالله غريبي، وغيرهم.