وزير الإعلام افتتح المهرجان وكرّم باقة من المبدعين
«الهجين» دشّن عروض «الكويت المسرحي 22»... بـ «اضطهاد الطبقة البرجوازية للكادحة»
- المطيري: المسرح هو المنبر لطرح ومعالجة القضايا التنموية
فيما دشّن وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري فعاليات الدورة الـ 22 لمهرجان الكويت المسرحي الخميس الماضي، وكرّم باقة من الفنانين، انطلق الجمعة، أول العروض الرسمية للفرق المتنافسة، حيث شهدت خشبة مسرح الدسمة، عرضاً لفرقة «إيت» للإنتاج الفني والمسرحي بعنوان «الهجين» والمأخوذ عن حكاية «الرجل الذي صار كلباً» للكاتب الأرجنتيني أوز فالد آركون، والذي يتحدث عن معاناة دول أميركا اللاتينية واضطهاد الطبقة البرجوازية للطبقة الكادحة.
تدور الأحداث حول رجل متزوج ضاقت به سُبل العيش، حتى إنه لا يجد ما يسد رمقه أو يستره هو وزوجته، رغم أنه فنان استعراضي ومهندس ميكانيكي لكنه عاطل وفشلت كل محاولاته في العثور على وظيفة.
لذا فإنه يعيش حياة بائسة ولا أمل له في حياة كريمة، لكنه يجد أخيراً وظيفة كلب حراسة في أحد المصانع بعد أن مات كلب الحراسة الخاص به فيعرض عليه رب العمل أن يقوم بمهام الكلب المتوفى، وأمام ظروفه يوافق بلا تردد ليتحوّل إلى كلب له أنياب ويجيد النباح ويسكن فى بيت الكلب الضيق.
وهنا تصعق زوجته عندما تكتشف أن زوجها صار كلباً، فلا تدعه يقترب منها خوفاً من أن تلد طفلاً يحمل صفات الكلب والإنسان معاً، فيصبح مسخاً مشوهاً هجيناً، لا هو إنسان ولا هو كلب.
وهنا نصل إلى ذروة المأساة فلا تجد الزوجه التي لا تستطيع العيش وحيدة سوى التخلي عن إنسانيتها والتحوّل إلى كلب لترافق زوجها في حياته الجديدة والنباح معاً.
«الهجين» من إخراج وسينوغرافيا أحمد البناي، «دراماتورج» فلول الفيلكاوي، إشراف علي البلوشي، ومن تمثيل الفنان مبارك سلطان وعلي الششتري ومحمد الشطي وفاطمة خالد وعقيل دشتي.
السينوغرافيا
تحمل الرؤية الإخراجية للمسرحية سمات التجريب والعبث وتطرح الكثير من التساؤلات اللامعقولة، فهي كوميديا سوداء تمزج المضحك بالمبكي وتثير الجدل، فمجرد طرح فكرة الرجل الذي صار كلباً تصيبنا بالدهشة والتساؤل: كيف يتحول الإنسان إلى كلب، ومدى إمكانية ذلك؟ وماهي الدوافع؟ وهل هذا التحوّل حتمياً؟ أم قرار يتخذه الإنسان في لحظة ما تفصل ما بين إنسانيته وحيوانيته؟... لندرك أننا أمام حالة عبثية قدمها المخرج البناي بحرفية، ومزج فيها بين المأساة أو التراجيديا والكوميديا والاستعراض والغناء، في فضاء مسرحي سيطرت عليه السينوغرافيا.
كما نجح المخرج وفريق العمل في ألا يندفعوا وراء إغراء الكوميديا طلباً لضحكات الجمهور، فبالرغم من اللمسات الكوميدية إلا أنها جاءت بوعي شديد وبعيدة عن التهريج الذي يفقد العمل مضامينه الفكرية.
أما الموسيقى «اللايف»، فقد أضفت حيوية على العرض وساهمت في تعميق المأساة مع عزف الكمان الحزين، وأكدت على عمق الطرح الفكري.
كذلك جاءت الإضاءة معبّرة من خلال اللون الأحمر عندما تحول إلى كلب وقتلت إنسانيته، وكذلك البقع الضوئية في المونولوجات بين الزوج والزوجة لتنشر الأزياء السوداء حالة من الكآبة التي تسيطر على فضاء المسرح.
بالنسبة إلى الأداء التمثيلي، قدم لنا مبارك سلطان دور الراوي باقتدار، بلغة سليمة وحضور كبير، مستغلاً قوة نبراته الصوتية كما بذل علي الششتري مجهوداً كبيراً في التعايش مع شخصية الإنسان الذي تحول إلى كلب، منتقلاً بينهما بسلاسة ورشاقة جسدية وصوتية وجعلنا نتعايش معه في مأساته.
كما قدم محمد الشطي دوره بحرفية، مستخدماً الأداء الحركي والتلوين الصوتي.
في حين قدمت فاطمة الخالد دور الزوجة الوفية وانتقلت بين حالات عدة بقدرة عالية، خصوصاً عندما تحولت إلى كلب مع زوجها لتنبح معه.
الندوة التطبيقية
أعقب العرض ندوة تطبيقية، شارك فيها المخرج البناي و«الدراماتوج» فلول الفيلكاوي، وقدمتها الزميلة نيفين أبولافي، بحضور المُعقّب الدكتور أحمد عبدالمنعم.
في مستهل حديثه، أشاد عبدالمنعم بجهود اللجنة المنظمة للمهرجان في إحياء الندوات التطبيقية، مشيراً إلى أن العرض بُذل فيه مجهود كبير ومستحق، كما وجه تحية تقدير إلى فريق العمل كافة.
وأضاف «لقد تميز العرض في السينوغرافيا، حيث تم توظيفها بشكل جيد وليس لغرض الإبهار فقط، وتم التحرك وفق المطلوب».
لكنه تساءل: «إن عنوان العرض جاء باسم (الهجين) لكننا لم نرَ الهجين، بل شاهدنا الرجل الذي تحوّل كلباً»! وأكمل: «هل من الممكن أن نتعاطف مع الشخص الذي قرر بنفسه أن يتحول إلى كلب وفق ما قُدم لنا؟... باعتقادي إذا كان هناك عرض آخر سيقدم فمن الأفضل أن تتم مراجعته».
تراث ثقافي
وكان الوزير المطيري، أكد خلال كلمة الافتتاح على أهمية مهرجان الكويت المسرحي، كونه حدثاً مهماً على مستوى العالم العربي ورافداً حقيقياً في بناء الأمم، مبيناً أن المسرح تراث ثقافي لا يقل أهمية عن الثقافات والموروثات الكويتية الأخرى.
وأضاف المطيري «نحتفي معاً بانطلاقة المهرجان لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف لتنمية الحركة المسرحية، فهو مساحة اجتماعية تحتوي على رسائل اجتماعية متعددة، ومنبراً لطرح ومعالجة القضايا التنموية، كما أنه أرشفة للمشاعر وذاكرة وطنية بهوية كويتية خالصة».
وانطلق عرض الافتتاح بعنوان «مسيرة المسرح في الكويت»، تأليف ومادة بحثية لحبيبة العبدالله، ومن إخراج يوسف الحشاش، وتمثيل عبدالمحسن العمر، كما فاجأ الفنان محمد المنصور الجمهور بظهوره في نهاية العرض، ليحث الفنانين الشباب على مواصلة الإبداع المسرحي، مشدداً بقوله «نحن زائلون والمسرح باقٍ».
كما تم عرض لمحات على شاشة المسرح، عن العروض الرسمية المشاركة في المهرجان، وهي مسرحية «الهجين» لمؤسسة «إيت»، مسرحية «لنشرب القهوة» لفرقة مسرح الشباب، مسرحية «طاهرة» لفرقة مسرح الخليج العربي، مسرحية «تفضلوا على العشاء» لفرقة المسرح الكويتي، مسرحية «ماردين» لفرقة المسرح الشعبي، في حين سيكون الختام بمسرحية «ولاية عجب» لشركة «جالبوت»، على أن يتم تكريم العروض الفائزة في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر الجاري.
وفي نهاية الحفل، اعتلى الوزير المطيري خشبة المسرح لتكريم المحتفى بهم المبدعين، وهم سمير القلاف، إبراهيم الحربي، عبدالناصر الزاير، الناقدة ليلى أحمد، مبارك ماجد سلطان، عماد العكاري، ياسر العماري، محمد الحملي وناصر كرماني.
إعادة تشكيل لجنة التحكيم
أعلن الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتكليف الدكتور عيسى الأنصاري عن إعادة تشكيل لجنة التحكيم الخاصة بالعروض المسرحية للمهرجان، وذلك «لمزيد من الشفافية والاستقلالية في مهام اللجان الفنية المختصه لمهرجان الكويت المسرحي، بعد أن قدّم رئيس اللجنة الدكتور علي حيدر اعتذاره عن عدم رئاستها وذلك لارتباطه بأعمال لجنة أخرى في المهرجان نفسه، ولضمان عدم التقصير في القيام بأعمال اللجنة خلال ترؤسه لها»، مبيناً أنه بناء على ذلك تم تكليف الدكتورة نوره العتال برئاسة اللجنة وانضمام الفنان خالد الرويعي من مملكة البحرين الشقيقة عضواً باللجنة.