حليفة روسيا في حربها.. وتوشك على تخطي العتبة النووية

الغرب أمام «معادلة مستحيلة الحل» في العلاقة مع إيران

إيران حليفة روسيا في حربها.. وتوشك على تخطي العتبة النووية
إيران حليفة روسيا في حربها.. وتوشك على تخطي العتبة النووية
تصغير
تكبير

- مصدر فرنسي: عجز غربي عن تبني إستراتيجية واضحة في مواجهة الملف الشديد التشعّب

تطرح إيران أكثر من أي وقت مضى معادلة يتعذّر على الغربيين حلّها بعقوبات لا ترقى إلى مصاف القطيعة، فإيران حليفة لروسيا في حربها، وهي على وشك تخطي العتبة النووية.

وقبيل اجتماع مغلق لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول ملف المسيّرات الإيرانية المستخدمة في أوكرانيا، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي «نحن في وضعية دقيقة وأمام مأزق واضح.. يجب تنسيق الجهود بين الحلفاء في مقاربة المراحل المقبلة».

وأقر المصدر الفرنسي بعجز الغرب عن تبني استراتيجية واضحة في مواجهة الملف الإيراني الشديد التشعّب.

وانخراط إيران إلى جانب روسيا في الحرب الدائرة في أوكرانيا يثير القلق.

ويعكس تزويد طهران لموسكو بطائرات مسيّرة، وفي مراحل لاحقة صواريخ ومدرّبين، وفق وسائل إعلام ناطقة بالإنكليزية، تعزيزا غير مسبوق للمحور الروسي-الإيراني.

وقال مدير «مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية»، علي واعظ، «انتقلنا من شراكة تكتيكية إلى علاقة استراتيجية».

ومقابل تزويدها موسكو هذه المسيّرات التي قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عددها بلغ 2400 مسيّرة من طرازي «شاهد-136» و«شاهد-131»، تأمل إيران تحديث أعتدتها العسكرية والاستحصال على مقاتلات «سوخوي 35» وأنظمة «اس-400» الدفاعية المضادة للصواريخ من روسيا، وفق خبراء.

وتنفي الحكومة الإيرانية أن تكون قد زوّدت موسكو مسيّرات قتالية، لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يؤكدان أن لديهما «أدلة كافية» على ذلك.

والأوضاع بغاية الخطورة، بحسب ديبلوماسيين أوروبيون، فمن جهة يقرّ هؤلاء باستحالة عدم فرض عقوبات جديدة لكنّهم يتخوّفون من جهة أخرى من تصعيد للتوتر.

محور أيديولوجي

وأوضح الباحث في «المعهد الدولي للدراسات الإيرانية» كليمان تيرم أن «الحكومة الإيرانية تنفي تزويد أسلحة للحد من الأضرار» في العلاقة مع الغرب، لكن المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، والحرس الثوري يؤكدان ذلك «بعبارات مبطّنة».

وأشار الباحث خصوصاً إلى تصريح لخامنئي سخر فيه ممن كانوا قبل سنوات يعتقدون أن المسيّرات الإيرانية لا وجود لها.

ويشير الباحث فريد وحيد في «مؤسسة جان جوريس» إلى وجود أسس أيديولوجية أيضا لمحور موسكو-طهران، قائلا «هذان بلدان خاضعان للعقوبات وتجمعهما الكراهية للغرب».

ويضيف «تاريخيا، هناك انعدام ثقة بين الروس والإيرانيين، هم لا يكنّون الود لبعضهما البعض.

لكن حاليا، تعوّل طهران على نظام عالمي جديد وانتهاء هيمنة الغرب».

ويشدد على أن للأمر بعدا أيديولوجيا كبيرا، مشيرا إلى أنه «لا يتوافق على الإطلاق مع تطلّعات المجتمع الإيراني، لكنّه أمر واقع».

لا خطة بديلة

وتشهد إيران حراكا احتجاجيا شعبيا لم تشهد مثيلا له منذ سنوات، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر بعدما أوقفتها «شرطة الأخلاق»، فيما أسفرت حملة القمع عن سقوط أكثر من مئة قتيل واستدعت موجة إدانات دولية وفرض عقوبات على طهران.

ويقول فريد وحيد إن «القمع الدامي من جهة والتقارب بين طهران وموسكو من جهة أخرى، يشكلان معضلة بغاية الجدية للغربيين» الذين يحاولون منذ أكثر من عام إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة»، التسمية الرسمية للاتفاق المبرم في العام 2015 بين القوى الكبرى وطهران لكبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية.

لكن الاتفاق يترنّح منذ العام 2018 حين أعلن الرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه وإعادة فرض عقوبات أميركية على إيران التي ردّت على الخطوة بالتحرّر تدريجا من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق. والمفاوضات تراوح مكانها وتبدو حاليا أمام مأزق يستحيل تخطيه.

ويقول وحيد «حاليا، رؤية مسؤول أميركي ومسؤول إيراني يوقّعان اتفاقا هو أمر لا يمكن تصوّره».

ويشدد تيرم على أن «التعاطي مع إيران بات متعذّرا»، مشيرا إلى أن الروس «القادرين على التأثير في أعلى هرم النظام الإيراني لم يعودوا مهتمين بمساعدة الأميركيين في العودة للاتفاق النووي».

لكن أحدا لا يريد إطلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق النووي.

ويقول واعظ إن «الغرب ليست لديه خيارات جيدة»، مشيرا إلى أن الغربيين عليهم أن يختاروا بين «نظام قمعي يقتل شعبه والنظام نفسه حائزا السلاح النووي».

ويتجلى العجز الغربي في الأمم المتحدة.

ويعتبر الأميركيون والأوروبيون أن تزويد طهران روسيا طائرات مسيّرة يشكّل انتهاكا للقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

ويشير المصدر الديبلوماسي إلى أن إعادة فرض العقوبات «ليست مطروحة حاليا على الطاولة».

وقال وحيد «إذا سلّمنا بأن الاتفاق النووي انتهى، ماذا يمكننا أن نفعل؟ لا أحد لديه خطة بديلة ولا أحد يرغب بالدخول في مغامرة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط».

وفي ما يتعلّق بفرضية تغيير النظام في طهران يقول مصدر مقرّب من الملف «ما من ساذج يرغب بالمراهنة على ذلك. حتى وإن أثمر الحراك الحالي، لن يحصل (التغيير) قبل سنوات عدة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي