من الخميس إلى الخميس

الولايات المتحدة الأميركية ومعنى الصداقة

تصغير
تكبير

رغم العلاقة الطيّبة التي تجمع بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين الولايات المتحدة الأميركية، وهي علاقة تاريخية قديمة أكدت عليها دول المجلس وجميع الإدارات الأميركية، إلا أن الإدارة الحالية للولايات المتحدة لم تستطع فهم تلك العلاقة بالطريقة الصحيحة.

وسوء الفهم عادة يأتي من استشارات خاطئة، أو مواقف سياسية سابقة تفرض نفسها على صاحب القرار الأميركي، وبالطبع لا يمكن لقادة الدول الخليجية نسيان أن الولايات المتحدة الأميركية هي القوة الأكبر في العالم وأن الطرفين ساندا بعضهما في أوقات عصيبة، ورغم سرعة التغيرات التي نراها حولنا إلا أن قادتنا ما زالوا يقفون داعمين لمكانة الولايات المتحدة في العالم وهم أي دول مجلس التعاون، قوة صاعدة من الصعب اليوم تجاهلها أو عدم التعاون معها.

قبل أيام أعرب مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (Jake Sullivan) في بيان له عن خيبة الرئيس جو بايدن (Joe Biden) بقرار (أوبك بلس) بخفض إنتاج البترول مليوني برميل يومياً، بل وقد عبّر الرئيس نفسه عن انزعاجه ورغبته في إعادة تقييم العلاقة مع المملكة العربية السعودية بعد ذلك القرار، ورافق ذلك تهديد من بعض أعضاء الكونغرس بإعادة إحياء المشروع القديم المسمى نوبك (NOPEC)، وما يتبعه من تحدٍ ضد «أوبك» على مستوى الولايات المتحدة ونظامها القضائي.

إن التفكير الليبرالي الذي تستمّدُ الولايات المتحدة منه سياستها هو نفسه الذي يرفض المزج بين مصالح الدول الاقتصادية وبين العمل السياسي، فقرار (أوبك بلس ) كان قراراً اقتصادياً بحتاً، وفرضته عوامل اقتصادية يمر بها العالم لعل أهمها الركود العالمي، الصراع الروسي - الأوكراني وما تبعه من تهديدات اقتصادية، وكذلك ما قامت به الصين من إغلاق مصادر إنتاج عديدة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، وبالتالي كان لزاماً على دول (أوبك بلس) أن تتخذ قراراً للحفاظ على استقرار السوق العالمي، وهذا القرار لم يُوجه للولايات المتحدة، والتعجّل الذي قامت به إدارة الرئيس (بايدن) بإقحام اسم السعودية في هذا الشأن يعكس لأي متابع التصيّد الذي دأبت عليه تلك الإدارة لأكبر دول مجلس التعاون الخليجي، والأمر المثير للدهشة أن (أوبك بلس) يضم دولاً كثيرة منها دول جارة للولايات المتحدة وهي المكسيك ودول ما زالت لأميركا اليد العليا بها كالعراق، ومع ذلك لم يصدر التصريح إلا باسم السعودية.

إن أكبر دليل بأن قرار (أوبك بلس) كان قراراً اقتصادياً بحتاً من أجل الحفاظ على استقرار السوق العالمي، هو أن سعر البترول لم يتأثر ارتفاعاً بذلك القرار بل العكس فقد انخفض السعر دولارين قبل يومين.

أحياناً تكون سياسة اللامنطق علامة ضعف، وهذا الضعف ظهر واضحا بردّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (Emmanuel Macron)، الذي لم يقبل بيع الغاز له من أميركا بأربعة أضعاف سعره، وقال ليس هذا الذي نفهمه لمعنى الصداقة، وهي كلمة يقولها اليوم كثيرون عن معنى الصداقة التي تفهمها إدارة بايدن، لا سيما في ما يتعلق بمجلس التعاون وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

أتمنى ألّا تسعى إدارة الرئيس بايدن إلى الاستعجال بفك روابط وثيقة تربط بين دولنا وبين الولايات المتحدة، فإن المتغيرات السريعة في العالم تفرض علينا جميعاً أن نكون متفاهمين وموحدين من أجل مصالح شعوبنا، تلك المصالح التي نعرف نحن فيها معنى الصداقة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي