أما بعد... ّ

«تزوير عام 1967»

تصغير
تكبير

إن الدستور الكويتي هو الوثيقة والعقد الاجتماعي والسياسي، وان هذا الدستور كان ومازال بمثابة خارطة طريق لو قدر لنا الالتزام به لحصدت الكويت توافقاً واستقراراً وتطوراً سياسياً ديموقراطياً.

ولخلقنا أجواء تفاؤل تساعد على سير عجلة التنمية في البلاد، إلا أن عدم الالتزام به ومحاولات تعطيله أو افشاله أو تعديله لتضييق صلاحيات المجلس المنتخب أدت إلى تعثر عجلة التنمية وتعثر التطور الديموقراطي.

والتزوير الذي جرى في انتخابات مجلس الأمة عام 1967 يمكن اعتباره سبباً رئيساً وراء ذلك.

يذكر النائب السابق عبدالله النيباري، رحمه الله، في سياق الحديث عن انتخابات مجلس الأمة عام 1967 التي مرَّ عليها أكثر من 55 عاماً، وليس المقصود هنا التشفي أو فتح الجروح، وإنما لنستخلص منها الدروس والعبر.

فماذا حدث حينها؟ ولماذا؟

بعد إقرار الدستور في نوفمبر 1962 أجريت الانتخابات العامة الأولى في يناير عام 1963، وحققت فيها قائمة نواب الشعب (حركة القوميين العرب بقيادة د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي وحلفائهما) نجاحاً كبيراً وبارزاً، وكانوا القلب النابض لذلك المجلس الذي ما كاد يصل إلى منتصف عمره حتى حدثت أزمة استقالة 8 أعضاء من هذا التحالف، احتجاجاً على تعديل القوانين المتعلقة بالحريات العامة، وهي: قانون الصحافة وقانون الموظفين وقانون الأندية والجمعيات، وجاءت التعديلات لتقييد حريات الصحافة وإبداء الرأي والحظر على الأندية وجمعيات النفع العام من ممارسة أي نشاط سياسي أو التدخل في السياسة والحظر على موظفي الدولة من المشاركة في أي نشاط سياسي، بما في ذلك إبداء الرأي، والأكثر من ذلك هو استخدام الحكومة للأغلبية الموالية لها للتضييق على المعارضة في ممارسة حقها في النقاش داخل المجلس، وذلك بإقفال باب النقاش لأي أمر مطروح على المجلس، من دون إعطاء الفرصة للأعضاء بإبداء آرائهم، وتبع ذلك استقالة رئيس المجلس آنذاك المغفور له عبدالعزيز حمد الصقر.

على أبواب انتخابات عام 1967، استعدت المعارضة بقيادة الخطيب والقطامي وبالتنسيق مع كتلة التجار الإصلاحيين وعدد من المستقلين لخوض المعركة بقوائم شملت معظم الدوائر العشر، وفق التقسيم الانتخابي آنذاك، بلغ عدد المرشحين 35 مرشحاً منهم 6 من التجار الإصلاحيين، و8 من المستقلين وقائمة نواب الشعب بقيادة الخطيب والقطامي والتي ضمت 21 مرشحاً، وكانت مخاوف السلطة أن يفوز عدد من هذه الكتل لتشكل غالبية أعضاء المجلس أو أقلية كبيرة فيه.

ولما لم تنفع الأساليب والوسائل الأخرى في التأثير على المواطنين، سواء بالترغيب، أو بالضغط، تم اللجوء إلى أسلوب فج ومفضوح، وذلك باستخدام القوة واقتحام مراكز الانتخاب وتهديد اللجان الانتخابية، وعلى الأخص مندوبي المرشحين وتم الاستيلاء على صناديق الانتخاب في اللجان الفرعية، ونقلها إلى أماكن مجهولة وتم استبدال الصناديق التي وضع الناخبون أوراق تصويتهم فيها بصناديق مملوءة بأوراق مزورة، ومنعت مندوبي المرشحين من مراقبة الفرز.

وطبعاً كانت النتيجة سقوط معظم مرشحي التحالف الواسع.

وعلى إثر ذلك، عقد أعضاء هذه القوائم اجتماعاً وأصدروا فيه البيان المشهور المعروف ببيان المعارضة في شأن تزوير انتخابات 67/1/25، ووقع عليه 38 مرشحاً، أدانوا فيه عملية التزوير وطالبوا بإلغاء الانتخابات، وبعد إعلان البيان، أعلن سبعة مرشحين آخرين تأييدهم للبيان، كما أصدرت جمعيات النفع العام بيانات، وهي احتجاج جمعية المهندسين الكويتية، وجمعية المحامين، ورابطة الأدباء، والجمعية الثقافة النسائية واتحاد المقاولين، واتحاد عمال البترول، والاتحاد الوطني لطلبة الكويت في القاهرة، وطلاب ثانوية كيفان، والاتحاد الوطني لطلبة الكويت في بيروت، وطلاب جامعة الكويت.

هذا الموقف هو الأساس فيما عانته الكويت من عدم الاستقرار الذي عشناه، خصوصاً في السنوات الأخيرة.

Twitter: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي