فيدرر... و«العظمة الرياضية»
أُسدل الستار على مسيرة أحد أعظم اللاعبين في عالم الرياضة عموماً والتنس خصوصاً.
رياضي أثبت أن العظمة الرياضية هي أكثر من مجرّد الفوز. إنه الاستثنائي السويسري روجيه فيدرر.
ما السبب الذي يجعل فيدرر رياضياً استثنائياً، بل وبالنسبة للكثير يقف على قمّة هذا الجيل وكل جيلٍ آخر؟
رغم عدد من الإنجازات والأرقام والألقاب الكبيرة التي حقّقها في مسيرته، إلّا أنه فاز بعدد أقل في البطولات الكبرى مقارنة بالإسباني رافائيل نادال والصربي نوفاك ديوكوفيتش، وأمضى أسابيع أقل في التصنيف الأول على العالم بعد ديوكوفيتش، وفاز بألقاب رابطة المحترفين أقل من النجم السابق الأميركي جيمي كونورز.
مع ذلك، فإن الأرقام مقياس غير كافٍ للنجاح الرياضي لسبب واحد، أنها تحجب تأثير الأحداث التي تعطّل تكافؤ الفرص عبر الاجيال.
فمثلاً لا تعكس الأرقام فترة الإيقاف الذي حصل جراء جائحة «كورونا» لهذا الجيل، أو الاقصاء الذي تعرّض له ديوكوفيتش من المشاركة في بطولات نتيجة رفضه التطعيم، كما انها لا تحسب الفترة الانتقالية من مرحلة الهواة الى الاحتراف، أو الانجاز الذي حقّقه الأسترالي رود لافر، حيث فاز ببطولات الأربع الكبرى في العام نفسه مرتين وهو ما لم يستطع فيدرر ونادال وديوكوفيتش تحقيقه ولو لمرة واحدة.
العظمة الرياضية لا يمكن أن نختزلها في الألقاب.
في فترة سيطرته كان متفرداً باسلوب يسهل جميع العقبات التي تواجهه، واعاد اختراع اللعبة وتكييفها مع نفسه وظروفه المختلفة في عدد من المرات مع الاجيال التي واجهها طوال مسيرته.
كان اسلوب فيدرر ممتعاً بشكل فريد للعين، حيث أدخل على التنس آفاقاً جمالية جديدة، فكان كل ما هو صعب في اللعبة يظهره سهلاً من خلال أدائه المتميز السلس وأظهر للجميع أن الكفاءة لا يجب أن تأتي على حساب الجمال.
أخيراً، تكمن عظمة فيدرر في أخلاقياته، حيث كانت نزاهته كرياضي أكثر وضوحاً في كيفية تصرّفه في الملعب وكيف ادار مبارياته مع اعظم منافسيه.
طوال مسيرته ولأكثر من 1700 مباراة لم ينسحب أبداً من أي مباراة ولم يتظاهر أبداً أو يخضع للاصابة عندما تبدأ المنافسة تفلت منه.
حصل على جائزة الروح الرياضيه 13 مرة وهي جائزة يصوّت عليها زملاؤه اللاعبون المحترفون.
عندما ترى هذه المشاعر الكبيرة والاشادات المميزة وكلمات الحب والشكر والثناء من مختلف رياضيي العالم وشخصيات المجتمع في مختلف المجالات، فأعلم جيداً أن ما قدمه هذا الرجل للرياضة عموما والتنس خصوصا أمر استثنائي حقاً.
الدكتور محمد السماك