No Script

رؤية ورأي

انتخابات مكتب المجلس وغزوة أُحد

تصغير
تكبير

تصريحات وتحرّكات نوّاب الأغلبية في الأيّام السابقة، لا ترتقي إلى مستوى الآمال التي تراكمت لدى المواطن الكويتي المتلهّف لمحاربة الفساد المترقّب للإصلاح والتنمية، وتنذر بتخلّيهم وتركهم موقع تحصين المصالح العليا للوطن والمواطن، من على قمّة جبل أولويات الكويت الدولة، والنزول مهرولين نحو غنائم مكتب المجلس، قبل انتهاء معركة الإصلاح والتنمية، مثلما نزل الرّماة من الجبل في معركة أُحد قبل نهايتها. بل إن عدداً من هؤلاء النوّاب تخلّوا عن تكليفهم الدستوري ونزلوا قبل ابتداء المعركة.

تصريحاتهم وتحرّكاتهم أقرب إلى العشوائية وبعيدة عن المهنية، لكونها غير متسقة مع شعاراتهم ومبادئهم وقيمهم المعلنة. وهي في مجملها منفصلة وأحياناً متعارضة مع الأولويّات التي من أجلها انتخبهم الناخبون. القدر المؤكّد هو أن تصريحاتهم وتحرّكاتهم هذه الأيّام مختلفة بوضوح عن تلك في المرحلة ذاتها من عمر المجلس السابق. لذلك يُخشى أن يكون هذا التباين والتغيّر الكبير مقدّمة لتخلّيهم عن عدد من أولويات المواطنين والوطن.

كيف لا، والسوابق النيابية تشير إلى أن العديد من النوّاب انقلبوا على مبادئهم وتخلّوا عن أولوياتهم، إما فور فوزهم بعضوية مجلس الأمّة و إما حال شغلهم أحد مناصب مكتبه وإما عند تكليفهم بإحدى الحقائب الوزارية وإما بعد تبدّل الموازين في المشهد السياسي.

لذلك من حق الأمّة، بل من أبرز واجباتها، أن تراقب وتقيّم وتُقوّم أداء النوّاب ابتداءً من ساعة إعلان نتائج الانتخابات وتسمية الأعضاء، وليس من بعد شغلهم مناصب مكتب مجلس الأمّة. لأنه باختصار ووضوح، علينا أن نتحقق من أن تشكيلة مناصب المجلس سوف تخدم المصالح العليا للدولة وتحقّق أولويّات الشعب، وأن نمنع إشغالها بواسطة من سوف يتخلّى عن تلك المصالح والأولويّات بذريعة متطلبات وضرورات المنصب.

فعلى سبيل المثال، من حقنا نحن الشعب أن نعرف هل تأييد النوّاب ترشيح النائب المخضرم أحمد السعدون رئيساً للمجلس مشروط بالتزامه بأولوياته المعلنة، أو بأولويّات أخرى لم يعلنها بعد؟ وأيضاً من حقنا – نحن الشعب والنوّاب الذين سيختارون السعدون رئيساً للمجلس – أن نعلم هل تنازل السعدون عن بعض أولويّاته نظير ضمان كرسي الرئاسة؟ ومن المنطلق ذاته، من حقنا أن نوجّه هذين السؤالين إلى المترشحين لشغل المناصب الأخرى في المكتب.

ومن باب المثال أيضاً، أتساءل هل سيواصل السعدون تأييده ودعمه لـ «قانون جمعية المحامين الكويتية لمعالجة أوضاع البدون» أم أن دعمه للقانون سيَفتُر ويُجمّد مقابل كسب أصوات النوّاب المعارضين للقانون؟ وهل أساساً من صالح القانون أن يجلس السعدون على كرسي الرئاسة أم أن متطلّبات الكرسي ستقيّده وتحيّده؟ ثم أتساءل هل من الحصافة والحكمة أن يتحمّس مؤيّدو القانون لترأس السعدون المجلس قبل معرفة الإجابة عن السؤالين؟».

هناك حالة شبه إجماع على اختيار السعدون رئيساً للمجلس، وهذه الحالة متزامنة مع حالة توافق نيابي تجمعه مع الكثير من النوّاب. وبموجب هذا التزامن أصبحت كتلة السعدون في المجلس أكبر من كتلة رئيس الحكومة. وعليه من غير المقبول ألّا تقدّم كتلة السعدون برنامجها، أو على أقل تقدير أولوياتها ومشاريعها المشتركة، إلى الشعب الكويتي قبل الجلسة الافتتاحية، ليمارس الشعب دوره المسلوب في مرحلة مفصلية من عمر المجلس، مرحلة وضع أساسات وبناء هيكل المجلس الحالي.

لذلك، أدعو النوّاب الذين ينوون الترشح لمناصب مكتب المجلس، ابتداء برئيس المجلس وانتهاءً برؤساء بعض اللجان البرلمانية؛ أدعوهم إلى الإعلان – بالسرعة الممكنة وقبل الجلسة الافتتاحية – عن أولويّاتهم في حال فوزهم بالمنصب المنشود. كما أدعو زملاءهم النوّاب والمواطنين إلى تحديد مواقفهم تجاه المرشحين وفق أولويّاتهم المعلنة، ومصداقيتهم وقدرتهم على تحقيقها، من دون أي اعتبار للانتماءات الفئوية حتى وان كانت متستّرة بشعار الوحدة الوطنية...«اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي