قد يبدأ بحملة تخريب في أوروبا أو مهاجمة البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا أو استهداف كبار مسؤوليها
البنتاغون ترى «مكاسب ضئيلة» في حال لجأ بوتين للخيار النووي
للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962، يطلق قادة الكرملين تهديدات نووية صريحة، وهو ما دفع المسؤولين في واشنطن إلى دراسة العديد من السيناريوهات المختلفة للرد في حال لجأت موسكو للخيار النووي، واستخدمت سلاحاً تكتيكياً للتعويض عن الإخفاقات في أوكرانيا.
وفي خطاب ألقاه يوم الجمعة، أثار بوتين الاحتمال مجدداً، ووصف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بأنهما يسعيان إلى تدمير روسيا، وأعلن مرة أخرى أنه سيستخدم «كل الوسائل المتاحة» للدفاع عن الأراضي الروسية التي أعلن أنها تضم الآن أربع مقاطعات من شرق أوكرانيا.
وذكّر العالم بقرار الرئيس هاري إس ترومان إسقاط أسلحة ذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان قبل 77 عاماً، مضيفاً «بالمناسبة، لقد خلقوا سابقة».
ويقول كبار المسؤولين الأميركيين إنهم يعتقدون أن فرص استخدام بوتين لسلاح نووي لا تزال منخفضة، ولم يروا أي دليل على أنه ينقل أياً من أسلحته الذرية.
ويشير تحليل حديث للبنتاغون، وفق ما نشر موقع «العربية» إلى أن الفوائد العسكرية ستكون قليلة بينما التكلفة التي سيتحملها بوتين في رد دولي غاضب، ربما حتى من الصينيين الذين يحتاج إلى دعمهم بشدة، يمكن أن تكون هائلة، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
لكن المسؤولين في واشنطن أصبحوا قلقين في شأن الاحتمال الآن أكثر بكثير مما كانوا عليه في بداية الصراع الأوكراني في فبراير الماضي، خصوصاً بعد سلسلة من الانسحابات المهينة ومعدلات الإصابات العالية في الجيش الروسي، والخطوة التي لا تحظى بشعبية كبيرة لتجنيد الشباب للخدمة.
لهذه الأسباب أو غيرها، يرى بوتين بوضوح أن التهديد بترسانته النووية وسيلة لبث الخوف وربما لاستعادة بعض الاحترام لقوة روسيا.
والأهم من ذلك، أنه قد يرى أن التهديد بإطلاق العنان لجزء من مخزونه البالغ نحو 2000 سلاح نووي تكتيكي على شكل رؤوس حربية منخفضة القوة يمكن استخدامها كوسيلة للحصول على التنازلات التي يريدها.
واقترح التقرير أنه بسبب عدم قدرته على الانتصار في ساحة المعركة، يرى بعض المحللين العسكريين الروس أن هناك إمكانية لتفجير سلاح تكتيكي فوق مكان بعيد مثل البحر الأسود، أو ربما في الواقع ضد قاعدة عسكرية أوكرانية.
ورداً على هذه التهديدات، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن أي استخدام للأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى «عواقب وخيمة» على روسيا، مضيفاً أنه في الاتصالات الخاصة مع موسكو، «أوضحت» الولايات المتحدة كيف يمكن لأميركا والعالم الرد.
وفي تحذيره لموسكو الأسبوع الماضي، رفض سوليفان الكشف عن الرد الأميركي أو حلف شمال الأطلسي، مؤكداً أن «أحد مفاتيح ردع الحرب الباردة هو الغموض في نوعية الرد».
لكن في المحادثات السرية، اقترحت مجموعة من المسؤولين أنه إذا فجرت روسيا سلاحاً نووياً تكتيكياً على الأراضي الأوكرانية، فستكون الخيارات فصل روسيا عن الاقتصاد العالمي، أو نوعاً من الرد العسكري قد يتم تنفيذه من قبل الأوكرانيين.
من جانبهم، يرى المحللون والمسؤولون الروس أن شبح الصراع النووي يعطي ميزة واضحة إلى جانبهم، لأن نتيجة الحرب لها أهمية وجودية بالنسبة للكرملين، ولكن ليس للبيت الأبيض، ويبدو أن المسؤولين الروس يعتقدون أن لديهم ميزة في اختبار الإرادات التي تمثلها سياسة حافة الهاوية النووية.
ووضع ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق نائب رئيس مجلس الأمن المتشدد، هذه الأطروحة الأسبوع الماضي في منشور على «تلغرام».
وقال إنه إذا أُجبرت روسيا على استخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، فمن غير المرجح أن يتدخل «الناتو» عسكرياً بسبب خطر أن يؤدي هجوم مباشر على روسيا إلى حرب نووية شاملة.
وكتب: «لن يموت الديماغوجيون في الخارج والأوروبيون في كارثة نووية لذلك، سيبتلعون استخدام أي سلاح في الصراع الحالي».
وأشار التقرير إلى أنه عندما أصبح المدى الكامل لمكاسب أوكرانيا في هجومها المضاد في سبتمبر واضحاً، كثفت إدارة الرئيس جو بايدن دراستها للخطوات التي قد يتخذها بوتين لعكس التصور بأن الجيش الروسي يخسر الحرب.
وسرعان ما رأى مسؤولو الإدارة أن بعض توقعاتهم تتحقق، حيث أعلن زعيم الكرملين عن تعبئة الاحتياطيات العسكرية رغم المعارضة التي أثارتها.
والآن، مع ضم أراضٍ أوكرانية، يتزايد القلق في واشنطن من أنه إذا تمكنت أوكرانيا من البناء على نجاحها وتعرض بوتين لهزيمة مذلة، فإن المسؤولين الأميركيين قلقون من أنه قد يندفع بسرعة ويفكر في استخدام سلاح نووي.
ومع انسحاب القوات الروسية من مركز السكك الحديد الاستراتيجي في ليمان - في الأراضي التي ضمتها موسكو يوم الجمعة - تواصل روسيا خسارة أراضيها في شرق أوكرانيا.
ومن الواضح أن بوتين يرى الترسانة النووية على أنها أساس ما تبقى من وضع روسيا كقوة عظمى أمام العالم.
ولهذا السبب، قد تكون الأسابيع القليلة المقبلة وقتاً خطيراً بشكل خاص، وفق مسؤولين أميركيين وأوروبيين.
لكن من غير المرجح أن يستخدم بوتين سلاحاً نووياً على الفور. ومن المحتمل أن تتضمن خطواته الأولية، وفقاً للمسؤولين، حملة تخريب في أوروبا، أو مهاجمة البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، أو استهداف كبار المسؤولين في كييف.