الآن... وبعد أن تمت انتخابات مجلس الأمة الكويتي 29 سبتمبر 2022، لا بد أن نقرأ بدقة نتائجها.
هذه الانتخابات هي الـ 18 في تاريخ الحياة البرلمانية السياسية لدولة الكويت، لكنها تأتي بصبغة معنوية جديدة، ومختلفة عن كل ما سبقها من انتخابات، لأنها جاءت في عهد جديد للحُكم، وحالة سياسية جديدة، ولأن صاحب السمو أمير البلاد -حفظه الله- عبر خطابه الرفيع الذي تلاه بالنيابة عنه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح -حفظه الله- دعا الشعب الكويتي على التصويت الانتخابي، وأن يُحسنوا الاختيار، وأن الحكومة لن تتدخل في هذه الانتخابات الجديدة، ولن تتدخل أيضاً في تلك الانتخابات التي ستكون لاحقاً في داخل البرلمان.
الذي يتضح من نتائج الدوائر الانتخابية الكويتية أن الشعب الكويتي كان متعطشاً جداً لهذه الانتخابات، حيث شارك الشعب في وصول أسماء للبرلمان ذات سيرة جيدة وخبرة سياسية، وأسماء أخرى جديدة جاءت بأرقام تلفت الانتباه.
(مِطرقة المجلس تعود للسعدون)
وصول أحمد السعدون للبرلمان، وعودته لمنصة الرئاسة هذا سيجعل البرلمان يسير بشكل دقيق وهادئ، وستخف بشكل ملاحظ تلك المشاكل والسلبيات بين منصة الرئاسة وبعض النواب، وبين النواب في ما بينهم.
(غرق الحوت)
أين اختفى النائب السابق الملقب بالحوت؟! أين غرق الحوت؟! والأهم ما الأسباب التي أدت إلى غرق الحوت المُحنك الذي كانت له صولات وجولات وحضور في تاريخ مجلس الأمة؟! (لماذا غــرّز)؟
لماذا غرّز النائب السابق في الطريق الانتخابي للدائرة الرابعة؟ وهو الذي يقولون عنه «ما يغرّز»! والعجيب أنه لم يحقق إلّا رقماً انتخابياً متواضعاً، على الرغم من أنه كان نائباً لأكثر من فترة انتخابية سابقة، وعلى الرغم من أنه ينتمي لقبيلة تمتلك رقماً ثقيلاً في حساب الانتخابات!
(الخليفة تصله البشارة وهو السجن)
في يوم الأربعاء 2022/9/28، وتحديداً في الساعة 3:00 عصراً، كتبت تغريدة على «تويتر» وهي لا تزال موجودة: «أظن بنسبة كبيرة أن المرشح مرزوق الخليفه غداً سوف يقوم من على حصير الحبس ثم يجلس على الكرسي الأخضر في البرلمان الكويتي». وبالفعل وصل الخليفة اعتبارياً لعضوية البرلمان، رغم أنه لا يزال حتى الآن في سجنه بسبب قضية فرعية الدائرة الرابعة لتشاورية قبيلة شمّر، وهو أول سجين كويتي يفوز بعضوّية البرلمان وهو لا يزال في سجنه!
(البطاقة المدنية دوّختهم)
لقد دوّخ العديد من المرشحين قرار اللجنة القانونية في مجلس الوزراء الذي نص على آلية التصويت وفق البطاقة المدنية، والذي أدى لتعديل جداول الناخبين وفق العناوين المثبتة بالبطاقة المدنية! حيث عمل لهم وفق المصطلح الكروي خطة كشف تسلل، وعطاهم بوثنين كلفس كما يقول مصطلح الجنجفة! وهذا لأن العديد من النواب نقلوا الكثير من القيود الانتخابية من دوائرها الانتخابية الأصلية إلى الدائرة الانتخابية التي يترشّح فيها. وبرافو مجلس الوزراء.
(عالية / جنان )
وجهان نسائيان جديدان وحيدان في مجلس الأمة، هما السيدة عالية الخالد، الدائرة الثانية، 2365 صوتاً. ولقد خاضت عالية الانتخابات البرلمانية من قبل أكثر من مرة.
والسيدة الوزيرة السابقة جنان بوشهري، الدائرة الانتخابية الثالثة، 4321 صوتاً. وبلا شك سوف يكون عليهما حِمل سياسي ثقيل في ما يتعلّق بقضايا المرأة وما تحتاجه من تشريعات.
ولعل الحكومة ستعرض عليهما أو إحداهما المشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة.
(عبيد يحطّم الحصار السياسي)
النائب السابق عبيد الوسمي لاقى هجوماً عنيفاً وشرساً من بعض خصومه السياسيين ومن بعض السياسيين من أبناء قبيلته، بسبب مواقفه السياسية التي يرونها خاطئة من مفهومهم، وبسبب خطاباته التي كانت على منصته الانتخابية، التي كان يرد من خلالها عليهم ويدافع عن نفسه أمام تلك الأقوال والإشاعات وأحيانا الكلام الجارح في حقه. وبعيداً عن من هو المخطئ بين عبيد الوسمي والأسماء الأخرى، فلقد تم حصار عبيد الوسمي حصاراً سياسياً غير متوقع، من داخل القبيلة ومن خارجها، لكنه في النهاية استطاع أن ينفد بجلده ويحقق رقماً انتخابياً لم يعتد عليه عبيد.
(النائب المذيع الأصغر سِناً)
فاز المذيع السابق لقناة الوطن المُغلقة، عبدالوهاب العيسى، بالمركز التاسع عن الدائرة الثانية بـ 2056 صوتاً.
وعبدالوهاب أول ظهور له على الشاشة كان في عام 2007 كمذيع لنشرة الأخبار، وهو من مواليد 7 مارس 1988، أي أنه يبلغ من العمر 34 سنة، وعلى ذلك يكون هو أصغر نواب البرلمان سِناً. أتمنى من عبدالوهاب أن يكون أكثر ثقلاً كنائب جديد، وأن يبتعد عن الخلافات والمشاحنات في المجلس، وأن يخدم المواطنين بشكل حقيقي وملموس.
(ما لا تعرفه عن حامد محري)
النائب حامد محري البذالي، هو ثاني مرشح في تاريخ الكويت يفوز في عضوية البرلمان وهو محكوم عليه بالسجن، بعد النائب مرزوق الخليفة الشمري، بسبب قضية فرعية التشاورية للدائرة الثانية لـ «بني غانم».
حيث فاز حامد محري كنائب عن الدائرة الثانية في هذه الانتخابات 2022 بالمركز الرابع، بـ 3374 صوتاً.
ومما يُذكر أن حامد محري البذالي في الانتخابات التي كانت في عام 2020، لم يكن بينه وبين الفوز بالمركز العاشر إلا ستة أصوات فقط! حيث حصل المرشح أحمد الحمد على 2195 صوتاً، بينما حصل حامد البذالي على 2189 صوتاً.
( عثمان الخميس يربك الدّفيعة)
من الأحداث الجميلة التي واكبت فترة الانتخابات هذا العام هي الفتوى التي صدرت من الشيخ عثمان الخميس، التي قال فيها: «كل إنسان يدفع لك مالاً لا يجوز لك أن تصوّت له». حيث قطع الطريق على المرشحين الذين يشترون ذمم الناخبين بالمال لكيّ يصوّتوا لهم انتخابياً.
وهذه الفتوى من جهة أخرى، فرح فيها بعض مَن قبض الرشوة المالية، لأنها أتاحت لهم صرف المبالغ المالية التي قبضوها دون التقيّد بالقسَم الذي أقسموه عند المرشح الراشي!
في نهاية المقال... رد الشعب الكويتي التحية لسمو أمير البلاد، وولي عهده، حفطهما الله، حيث حرص على تصحيح المسار الانتخابي البرلماني سمعاً وطاعة لولي أمرهم، فاللهمّ احفظ الكويت وكلّ من عليها.