No Script

«سيظلّ الغث والسمين باقيين مدى الحياة»

منى الشمري لـ «الراي»: الفن بيئة طاردة... والإخراج ليس صيحة «أكشن» والسلام


منى الشمري
منى الشمري
تصغير
تكبير

- لستُ من الكتّاب الذين يسعون لكتابة أكبر عدد من المسلسلات من أجل التواجد
- يسرني التعاون مع سعاد عبدالله مراراً وتكراراً في أعمال مقبلة
- لا أكتب عملاً بلا اتفاق مسبق ثم أعرضه على المنتجين
- صارت المسلسلات تتشابه... فالمصريون «يمصرون» الإسباني والأتراك يسرقون الكوريين

رأت الأديبة وكاتبة الدراما منى الشمري أن الفن بيئة طاردة، مشيرة إلى أن المبدع الحقيقي لا يعيش في وسطٍ كهذا، «حيث الاختلاف في وجهات النظر يفسد كل الودّ ويشحن النفوس».

وأوضحت الشمري في حوار مع «الراي» أن أكثر ما يؤرق الكاتب الكويتي عندما يقدم نصاً ويجده مختلفاً على الشاشة بسبب رؤية المخرج، خصوصاً إذا كان عمق وثقافة الكاتب أكبر من ثقافة المخرج المحدودة، معتبرة أن «الإخراج ليس صيحة (أكشن) والسلام». كما أكدت أنها تتعامل مع الكتابة «ككيان أدبي ومعمار فني».

• فلنبدأ من حيث انتهيتِ، ونتعرف على ما لديكِ من نصوص جديدة؟

- حالياً في مرحلة تحويل روايتي الأخيرة «خادمات المقام» إلى عمل درامي، والكتابة على مهل تحتاج المزيد من الوقت والتروي ولست من الكتّاب الذين يسعون لكتابة أكبر عدد من المسلسلات من أجل التواجد، أو يشغلهم أن يكون لهم في كل عام عمل أو أكثر، وذلك أنني أعتني بالكيف وما يهمني حجم تأثير العمل وأن يبقى من كلاسيكيات الأعمال الخالدة في ذاكرة الناس وأرشيف الفن، بحيث لا يمر مرور الكرام مثل الكثير من الغث والهش على القنوات والمنصات.

• مسلسل «ذهبت مع الماء» كان «ترند» منذ بداية عرضه، فهل توقعتِ ذلك؟

- نعم توقعت أن يكون العمل حديث ونقاش الناس وينجح هذا النجاح الفني والجماهيري الذي يستحقه، فالعمل يعرض الكثير من الأفكار الجريئة التي تدور سراً في البيوت ولا تظهر علناً في عمل فني.

أن تخرج حواراتنا من غرفنا المغلقة إلى الشاشة المفتوحة كفضاء واسع وأن نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية أمر يستحق أن يطرح بهذه القوة، ويجد الصدى الجميل، فالدراما تطورت كثيراً وعليها أن تناقش ما يحدث في مجتمعاتنا الخليجية والعربية من دون خجل، لكن في الوقت ذاته من دون تجريح أو سقوط أخلاقي أو ابتذال، فالعمل المشرّف يمكن للعائلة أن تجتمع لمشاهدته ولا تشعر بالخجل من حواراته أو مشاهده المخلة.

• كيف تصفين تعاونك مع الفنانة القديرة سعاد عبدالله في مسلسل «سيدة العتمة»؟

- كانت تجربة رائعة في الحقيقة، وسعيدة أنه من خلالها عادت «سندريلا الشاشة» للعمل بعد فترة توقف، وأنه أول مسلسل قصير لـ«أم طلال» على «منصة شاهد» من كتابتي بعد انقطاعها الطويل عن تقديم الأعمال القصيرة.

كنت متخوفة في البداية كونها نجمة كبيرة أن تتدخل في النص أو تحذف مشاهد، لكن الواقع أنني وجدت منها كل الاحترام والحرص والتقدير للنص واستفدت من كل ملاحظة قالتها لي، وكنا في حالة تناغم أنا و«أم طلال» والمخرج عيسى ذياب، وهذا ما جعل «سيدة العتمة» ينجح ويحقق مشاهدات عالية، فهو لون جديد على الفنانة سعاد عبدالله، وانعكس روح الفريق على العمل وظهر على الشاشة أنه مشغول بحب، وفي النية أن نواصل معاً العمل مستقبلاً في تعاونات أخرى بإذن الله حال اتفقنا على فكرة جديدة، ويسرني تكرار التعاون معها مراراً وتكراراً في أعمال مقبلة، فهي على المستوى الإنساني صديقة وأم لكل من تعمل معهم.

• هل لا تزال شركات الإنتاج تتلقف النص الجيد، أم أنها باتت تبحث عن النصوص الرخيصة حتى وإن كان محتواها فقيراً؟

- سيظل كل صاحب هدف يبحث عن ضالته، وسيظل الغث والسمين باقيين مدى الحياة، والزمن وحده يفرز حيث لا يبقى في ذاكرة الناس ووجدانهم وتاريخ الفن إلا الصحيح والمختلف والأكثر تميزاً.

• ما الذي يؤرق الكاتب الكويتي، ويقف حجر عثرة في طريقه؟

- أكثر ما يؤرق الكاتب أن يقدم نصاً ويجده مختلفاً على الشاشة بسبب رؤية المخرج، خصوصاً إذا كان عمق وثقافة الكاتب أكبر من ثقافة المخرج المحدودة.

بعض المخرجين غير مطلع ولا يقرأ بشكل عام كيف يمكن أن يتعامل مع مكنونات نص قوي وهو سطحي الأفق.

الفن فضاء للأفكار والرؤى ومنطوق للثقافة والتجارب الإبداعية والصور والمتعة البصرية وباب من أبواب المعنى في الحياة وليس صيحة «أكشن» والسلام.

هموم الكاتب العميق صاحب المبدأ كثيرة، إذ إن الفن بيئة طاردة، ولهذا أظن أن أفضلنا يفكر بالانسحاب من الساحة الفنية، وأعمارنا قصيرة، فالمبدع الحقيقي لا يعيش في وسطٍ كهذا، حيث الاختلاف في وجهات النظر يفسد كل الود ويشحن النفوس... وسط تغلب فيه المصالح المتقلبة والتلاعب ومشاكل الإنتاج، واللغة التي تدور لا تشبهك».

كما أن الكاتب المبدع يحتاج لأن يتعامل مع أشخاص يملكون الاحترافية، ابتداء من احترام النص وخصوصية التناول الفكري واللغة والحس الأدبي ووجهات النظر وتقدير الجهد المبذول في الكتابة وحتى الالتزام بالاتفاق على شكل تنفيذ العمل وظهوره الأخير على الشاشة.

• في ظل تواجد المنصات الرقمية، هل ستصبح أعمال الثلاثين حلقة شيئاً من الماضي؟

- في الوقت الراهن تنشط أعمال المواسم التي تطلبها المنصات الرقمية، على مدار العام، وهذا شيء جيد، فالنشاط مستمر والممثلون صاروا مشغولين طوال العام وليس موسماً واحداً في السنة، لكن الثلاثين حلقة ستظل مطلوبة، خصوصاً في شهر رمضان حيث فترة البث طويلة ولابد من إنتاج الثلاثين حلقة وبعض القنوات اجتازت الحلقات إلى ما يزيد على الـ 750 حلقة.

• كم عدد الأعمال التي ألّفتها ولم ترَ النور إلى الآن؟

- بطبيعتي لا أكتب بلا منهجية مثل بقية كتّاب السيناريو، أعني لا أكتب عملاً بلا اتفاق مسبق ثم أعرضه على المنتجين، لأن الوقت لديّ جداً ثمين ومزدحم، ولهذا ليست لدي أعمال لم ترَ النور، باستثناء مسلسل كوميدي كتبت ثماني حلقات منه مع الفنان الكبير الراحل عبدالحسين عبدالرضا، ولكن للأسف لم نكمل المشروع لوفاته رحمة الله عليه.

إذا توافر لديّ شهور فراغ أفضل أن أقضي وقتي في كتابة رواية جديدة، على أن أكتب مسلسلاً مصير إنتاجه مجهول، لذلك تجد أعمالي قليلة.

• لاحظنا في الآونة الأخيرة تشابه بعض الأفكار في المسلسلات الدرامية، فإلى ماذا نعزو ذلك؟

- نعزو ذلك إلى عدم ثقافة وخبرة بعض كتّاب السيناريو الجدد ومحدودية تجاربهم بالحياة والكتابة تحتاج نضجاً يفتقده الكتاب الشباب، الذين يبحثون عن شهرة سريعة ويواصلون بأسرع وقت كتابة أكبر قدر من الأعمال التي تمر مرور الكرام، ولهذا نجد مؤلفين في الخليج يلجأون لتكويت أو سعودة مسلسلات وأعمال تركية أو أجنبية أو حتى عربية قديمة.

صارت المسلسلات تتشابه، فالمصريون «يمصرون» الإسباني والإيطالي، والأتراك يسرقون من الكوريين وهلم جرا، ولهذا تجد أكثر المعروض مكرراً بأسماء مختلفة.

حتى يكون هناك عمل درامي فريد من نوعه ويحمل بصمته الخاصة، لابد أن يكون الكاتب محترفاً ويملك قصته الخاصة، وهذا يتطلب موهبة من طراز خاص.

• كيف ترين مستوى النصوص الكوميدية التي تطرح بين الحين والآخر؟

- بصراحة، يبدو أن الكوميديا التي تضحك المشاهد من القلب تمر بأزمة وهي نادرة جداً وما يقدم حالياً من أعمال يعتبر جيداً.

«لايت كوميدي» لطيفة خفيفة ترسم الابتسامة على محيا المشاهد، لأن كتابة الكوميديا صعبة جداً ومقولة من السهل أن تبكي الناس لكن من الصعب أن تجعلهم يضحكون حقيقية تماماً، ولهذا ينتزع الممثلون بجهد شخصي خارج النص ضحكات المشاهدين بـ «القطات» العفوية.

• هل تشكل الكتابة في الكوميديا أزمة لكِ، كما هي الحال بالنسبة للكثير من الكتّاب؟

- بالنسبة إليّ اشتغلت تجارب كوميدية في أكثر من مشروع مع «MBC»، ومنذ ما يقارب العام أنهينا تصوير مسلسل «فركش» وهو «لايت كوميدي»، عن سيدة كويتية أرملة أميركي، وكيف تتحدى صعاب الحياة الفقيرة ومشاكل إعالة أولادها الأميركان وأمها الكبيرة. وقامت بدور البطولة فيه الفنانة فوز الشطي مع مجموعة من الفنانين، وهو من إخراج المصري حسين شوكت، ولم يعرض المسلسل حتى الآن.

أما بالنسبة إلى الكوميديا، فهي كما قلت نوع صعب من الكتابة.

لكن بالنسبة إليّ لا تشكل أزمة، فبالإمكان كتابة عمل ناجح إذا كان الكاتب يجد نفسه مؤهلاً لهذا النوع من الكتابة ويملك نفساً ساخراً، فمن خلال الكوميديا السوداء تستطيع تمرير الكثير من الإسقاطات بداعي الضحك لا تستطيع تمريرها في عمل درامي عادي.

مشكلة الكوميديا أن ليس لدينا كاتب كوميدي متخصص، فالكل يكتب ويجرب في كل شيء، وقد تنقذ ورش الكتابة المشتركة الأعمال الكوميدية ويخرج لنا عمل حلو وناجح مثل ما حدث مع مسلسل «تقدير احتياج» بجهود شبابية.

• هل تسمحين لأحد بالتعديل على كتاباتك، إذا كان التعديل مطلوباً ويخدم العمل؟

- كل نص درامي قابل للنقاش والمراجعة، ففي النهاية هي أفكار، وأحرص على أن أقوم بنفسي بالتعديل والإضافة في حال اتفقنا عليها، لأنه ليس دور المخرج أو النجم أن يضع يده في النص، ولهذا حين يتدخلون في النص، لابد أن يسقط منهم شيء أو يقعون في خطأ يربك الحبكة، لأن كاتب النص أدرى، وهو من يمسك خيوط الكتابة بإحكام ودراية.

العبودية وتجارة الرقيق

قالت الشمري إنها تتعامل مع الكتابة ككيان أدبي ومعمار فني، «عمل تراه كلوحة، وعمق يقدم نفسه كرواية، أبحث فيها عن طرق مغايرة في الكتابة، وأفكار غير تقليدية في التناول، وأقدمها رزينة بالغة القيمة وعالية التوجه، وأحقق بعض أحلامي فيها، مثل العبودية وتجارة الرقيق كانت الفكرة أحد أحلامي وظلت تلح في بالي منذ تصوير مسلسل (كحل أسود قلب أبيض)». وأضافت «كنت أتمنى أن تكون دائماً هي عملي المقبل، لكن تأجلت الفكرة سنوات لجرأة الطرح واستحالة موافقة رقابة النصوص عليها، وحين وجدنا أخيراً أن المنصات الرقمية توافر لي سقفاً عالياً من الحرية في الكتابة، فكرت فوراً أن أكتب عن حقبة العبودية بكل ما فيها من مآسٍ وقدمتها من خلال مسلسل (ذهبت مع الماء)».

«أيام مضت»

تطرقت الشمري إلى مشروعها الإذاعي الذي أُعلن عنه، ولكنه توقف، بعد أن تأجّل تنفيذه بسبب «جائحة كورونا».

وقالت: «كتبت مسلسلاً إذاعياً بعنوان (أيام مضت) لرمضان الفائت، يتحدث عن ثلاث أخوات مهووسات بفكرة الثراء وتتغير حياتهن بعد وفاة والدهن، لكن بسبب ظروف (كورونا) تأجل تنفيذ العمل، والمسلسل موجود لكن حتى الآن لم يبت في أمر تنفيذه، حيث إن وزارة الإعلام كما يبدو لم تخصص ميزانية للأعمال الرمضانية، ونرجو أن تساعد الإمكانات وكيل الإذاعة يوسف السريع بأن يقدم ما لديه من طموحات وتصورات لتطوير الإذاعة، فهو فنان بالفطرة وباحث مبدع في تاريخ الموسيقى ولديه تطلعات للأفضل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي