No Script

مشاهدات

لا غير الدستور... وثيقة

تصغير
تكبير

المجتمع الكويتي الجميل في أفعاله وخِصاله وبتنوعه وبمكوناته المختلفة وبسلوكياته وتصرفاته هو مجتمع محافظ دينياً، وثقافته وتراثه متنوع أيضاً تنوعاً كبيراً، فهو قد استفاد واقتبس من ثقافات الشعوب المحيطة به والذين يمثلون في الحقيقة الشعب الكويتي المتعدد الأعراق بسبب الهجرة من دول الجوار، وهو محب للخير، ويحترم جميع المجتمعات بمختلف انتماءاتهم العرقية، الكويت الحبيبة التي قد تم اختيارها لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية يعود هذا الاختيار إلى تقديمها صورة معتدلة للروح الإسلامية المتسامحة مع المجتمعات الأخرى بغض النظر عن عقائدها الدينية، فالكويت كانت ولاتزال وستبقى أرض الصداقة والسلام، يحكمها (آل الصباح) الكرام، ولدينا وثيقة الدستور والتي تنظّم السياسة العامة للدولة وتكفل حقوق وواجبات الجميع على أكمل وجه.

- وكلما كتبت شيئاً قمت فشطبت ما كتبت، لأقوم بكتابة أفكار جديدة، تتجمع الأفكار ثم تتبعثر! رياح من الأفكار تعصف برأسي... لا تسكن ولا تخرج، والآن أحاول من خلال مقالٍ -أو أكثر- الإمساكَ بعددٍ من الأفكار، أحاول تشخيص الحالة التراجعية والتخلف الفكري العقائدي من خلال أحد أهم زوايا الرؤية، لورقة دسيسة يتم تداولها بصورة علنية.

فكل الغرابة من تداول هكذا ورقةٍ تخفي بين طياتها الكثير من علامات التعجب والاستفهام، وثيقة دس السم بالعسل، وتكسباً رخيصاً من المرشحين في العملية الانتخابية المستحقة في ظل التحديات والأزمة الدولية الراهنة، كنا نتمنى بأن يطرح مشروع وطني لحلحلة المشاكل التي يعاني منها المواطن كالمشكلة الإسكانية والبطالة ومشاكل توظيف الشباب والتعليم ومخرجاته، والصحة، إلى جانب تعديل التركيبة السكانية وتنويع مصادر الدخل والقضاء على المخدرات والعديد من القضايا المهمة.

- فما هو الهدف من تداول هذه الورقة ومحاولات الحث على سرعة التوقيع والموافقة عليها؟ يا ترى!

أهي التحديات الخارجية التي شكلها المجتمع الآخر بمؤسساته التي تجبر الجميع على الدخول فيها فتأكل وقتهم وتغرس فيهم وفي أبنائهم قيمها رغماً عنهم؟ أهي حالة الغفلة عن استراتيجيات التغيير وأدوات الإنجاز المجتمعي، والاستغراق في التفاصيل ما جعلهم في خانة من يعمل لغير الكويت ويحقّق أجندات خارجية لا تفيد الكويت بل تضر بها؟ أهي الانحرافة الكبرى التي حدثت للحالة المتعصبة المعاصرة لبعض فئات المجتمع حين انشغلت بالتدين الفردي وغفلت عن التدين المجتمعي.

أليس ذلك بوادر فتنة ما في المجتمع؟

أليس ذلك محاولة لشق الوحدة الوطنية؟

- هل أنتم تملكون صكوك الغفران لمنحها لمَن تشاؤون وحجبها عمن تشاؤون؟!

- هل أنتم أوصياء على الناس وضمائرهم والاطلاع عما في قلوبهم؟!

والله سبحانه يقول: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن)، ويقول تعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)، كما نجد الكثير من الآيات القرآنية التي مقاصدها في سياقات مختلفة ومعانٍ متعددة، وهو ما يؤكده كل تشريع من تشريعاته التي أسست على مبدأ الحرية والاختيار، فلا إكراهَ في الدين.

- نقول لهؤلاء اعلموا أن الكويت بناها أبناؤها المخلصون لها، بذلوا في ذلك الغالي والنفيس وحافظوا عليها من الفتن والمهاترات والفرقة ولا يزالون وسيبقون هكذا بإذن الله، والكويتيون لا يقبلون الوصاية عليهم من أحد سواءً كان لفظاً أو كتابةً من أي كان ومن أي جهة كانت، فلذلك نطالب أصحاب الشأن في التيارات المختلفة والجمعيات المدنية والاجتماعية والجهات الحكومية المعنية بثقافة المجتمع التصدي لهؤلاء بكل حزم، فكل من يتجرأ لفرض أجندة وأهداف حزبية محاولاً شق وحدتنا الوطنية سيكون منبوذاً من جميع أفراد المجتمع.

وكذلك، نطالب الأعضاء السابقين لمجلس الأمة والمرشحين الحاليين الوطنيين الذين يدافعون عن حريات الشعب، التصرف واتخاذ القرارات والمواقف الصادقة والأمانة في قول كلمة الحق من أجل القضاء على هذه العقلية المتحجرة التي ستؤدي بالمجتمع إلى التراجع والتخلف.

وهنا أيضاً يأتي دور السلطة التنفيذية لاتخاذ ما يلزم من قرارات ضد هؤلاء الذين يتداولون ويروّجون لمثل هذه الأمور التي تهدّد الوحدة الوطنية، فسلامة الوطن من سلامة المواطن، فإذا تم الاعتداء على حقوق وحرية المواطن تم الاعتداء على الوطن.

فنحن في دولة مدنية ينظّم القانون فيها العيش، فلا يمكن السماح لكائن مَن كان العمل على بث الفتن في وطن السلام والتآخي والتعايش السلمي، فالمواطنون والوافدون ملتزمون بالآداب العامة والقوانين التي تنظّم سير المجتمع، ولا وصاية لأي كان على أفراد هذا المجتمع ليديره حسب رغباته وأهوائه، ومحاولة فرض فئة معيّنة أجندتها على الدولة والمجتمع مرفوضة قطعياً، وإن هذه الوثيقة (الورقة المتداولة ) تعدّ وصاية مرفوضة على المجتمع الكويتي.

وكما جاء في الأمثال (كلٌّ يرى الناس بعين طبعه)، يقال هذا المثل عندما يكون هناك أشخاص فيهم بعض الصفات الذميمة فيظنون أن كل الناس فيهم هذه الصفات الذميمة كما هي فيهم، فيظنون أنهم بهذه الطريقة يقومون بعملية الإصلاح في المجتمع وتقويم العيب الذي يظنون أنه فيه.

جاء في بعض الحكايات أنه كان هناك في قديم الزمان 3 رجال يمشون في طريقهم في وقت متقدم من الليل، وأثناء سيرهم في الطريق شاهدوا رجلاً يقوم بالحفر، وكانوا لا يعرفون ما السبب وراء هذا الفعل.

فقال الرجل الأول: لابد أن هذا الرجل قتل شخصاً ما، ويريد أن يخفي الجريمة ويدفن الجثة في الظلام؟

وقال الثاني: لا، هذا الرجل لا يبدو أنه قاتل، ولكنه خائف من سرقة أمواله ولم يجد شخصاً يؤتمنه على ممتلكاته أثناء غيابه، لذلك يقوم بإخفاء ممتلكاته في الحفرة؟

وقال الثالث: لا، أعتقد أن هذا الرجل رجل صالح يحفر بئراً لكي يقوم بتأمين الماء لمن يحتاج إليه.

العِبرة من هذه الحكاية:

أن كل شخص يرى أن الشخص الذي أمامه مثله، حيث إن الشخص الصالح يرى غيره شخصاً صالحاً مثله أو أحسن منه.

أما الشخص المجرم الفاسد، فإنه يرى الناس فاسدين يرتكبون الجرائم، لنرجع ونقول كما جاء في الأمثال الشعبية:

«كلٌّ يرى الناس بعين طبعه».

اللهمّ احفظ الكويتَ آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي