No Script

الارقام المسجلة تملأ جيوب الاحتياطي العام وتطفئ العجوزات وتسرّع مشاريع متأخرة ومستقبلية

نفط مرتفع ودولار قوي عوائد الكويت الاستثنائية... لا تأتي فُرادى

تصغير
تكبير

- 88 في المئة من إيرادات الكويت النفطية بالعملة الخضراء
- الدولار القوي يخفّض كلفة الواردات ويحدّ تهديد التضخم المستورد
- النفط حافظَ على أسعاره من 3 خانات لـ 9 أشهر
- مؤشر الدولار بلغ قمة لم يصلها منذ عقدين

ربما يكون من نافل القول، إن ارتفاع أسعار النفط منذ بداية 2022 يعزّز القوة المالية للكويت والخليج عموماً، في الداخل والخارج، كونه يُطلق سيلاً من التدفقات النقدية الاستثنائية.

ومحاسبياً يُؤمل مع الارتفاعات المسجلة ملء جيوب الاحتياطي العام مجدداً، إلى حدود إطفاء عجوزات السنة المالية الماضية، وتحقيق فائض مناسب يمكن امتصاصه في تنفيذ مشاريعها المتأخرة والمستقبلية، استثمارياً وإسكانياً وتنموياً.

ولعل ما يميّز المكاسب الاستثنائية المحققة لميزانية الكويت هذه المرة، أن فوائدها لم تأت فُرادى، بل مزدوجة، فعلاوة على وصول سعر البرميل 130 دولاراً، وعدم تراجعه عن 100 منذ بداية 2022، ما شكّل نمواً بالعوائد بأكثر من الضعف، مقارنة بالعام الماضي، تبرز أهمية دوران الأموال المحقّق من المبيعات النفطية والدولار القوي، والذي ارتفع الثلاثاء الماضي إلى أعلى مستوياته منذ 20 عاماً مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

قمة جديدة

فمع محافظة النفط على أسعاره المكوّنة من 3 خانات لنحو 9 أشهر تقريباً، وصعود مؤشر الدولار الذي يشكّل 88 في المئة من إيرادات الكويت النفطية، إلى قمة جديدة لم يبلغها منذ عقدين عند 109.48، تسجل الميزانية ارتفاعات مزدوجة، تشكل قوة مالية إضافية.

وتساعد قوة الدولار على إبقاء تكلفة واردات الكويت منخفضة، باعتبار أن غالبية مبيعاتها التصديرية بهذه العملة وكذلك مشترياتها، ما يرفع فائض حسابها الجاري.

وعلى عكس بقية دول العالم، لا تواجه الكويت المستوى نفسه من ضغوط ارتفاع أسعار السلع، فالتضخم محلياً يقارب 4.5 في المئة على أساس سنوي، فيما سجلت الأسعار باقتصادات كبرى مستويات قياسية لم تشهدها منذ عقود.

تأثير محدود

ومالياً ونقدياً يؤدي دعم الكويت لأسعار الوقود وغيره من السلع، وتوافر الدولار من مبيعاتها النفطية مرتفعة القيمة إضافة إلى التأثير الإيجابي لصعود وزن الدولار في سلة العملات المربوطة بالدينار، إلى الحد من تهديد التضخم المستورد، ويبقي تأثيره محدوداً مقارنة بدول العالم خصوصاً المستهلكة للنفط.

وبالطبع هذا لا يعني أن الكويت وغيرها من دول الخليج ليست عرضة لتأثير الارتفاع العالمي في أسعار السلع، والمتمثل بالزيادة السريعة لأسعار الحبوب واضطراب سلسلة التوريدات الزراعية الناجم عن الحرب الروسية-الأوكرانية، إلا أن ارتفاع أسعار النفط وقوة الدولار في الوقت نفسه يساهمان في تهدئة التداعيات السلبية لذلك، بما يخالف النيران المشتعلة في ميزانيات دول عدة، فتسعير غالبية واردات الكويت بالدولار يجعلها أقل تكلفة.

ورجحت وحدة «إيكونوميست إنتلجنس» أن تكون معدلات التضخم في الخليج بين أدنى المعدلات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عامي 2022-2023، في حين سجل التضخم في بريطانيا خلال يوليو الماضي أعلى مستوى له في 40 عاماً، حيث تواجه البلاد احتمالية حدوث ركود، فيما بلغ معدل التضخم في منطقة اليورو على أساس سنوي 8.9 في المئة بيوليو، مقارنة بـ8.6 في المئة في يونيو.

التشاؤم يهيمن على مستقبل الإسترليني واليورو

سجّل اليورو تراجعاً مقابل الدولار بلغ 11.92 في المئة منذ بداية العام الجاري، فيما انخفض الجنيه الإسترليني بنحو 14.39 في المئة أمام العملة الخضراء.

أما أمام الدينار فتراجعت العملة الأوروبية الموحدة بنحو 10.2 في المئة منذ بداية 2022، فيما انخفض الإسترليني بما نسبته 12.8 في المئة أمام العملة الكويتية.

وهبط اليورو أخيراً إلى ما دون مستوى التعادل مقابل الدولار منذ ما يقارب 20 عاماً، حيث تفاقم ضعفه نتيجة لتخلف البنك المركزي الأوروبي عن رفع أسعار الفائدة أسوة بالبنوك المركزية الأخرى.

ومن شأن هذا الضعف أن يجعل واردات أوروبا أعلى تكلفة، خصوصاً وارداتها من السلع المسعرة بالدولار مثل النفط الخام.

وأدت حالة عدم اليقين إلى تراجع اليورو الذي انخفض في أحدث التداولات بنسبة 0.4 في المئة إلى 0.9976 دولار.

وتاريخياً، كانت العملة الأوروبية أعلى من الدولار باستثناء السنوات التي أعقبت إطلاقها عام 1999 وفي ديسمبر 2002 عندما كان قد مضى أقل من عام على إصدار العملة الموحدة.

من جهة أخرى، ذكرت وكالة «بلومبيرغ» أن أحوال الجنيه الإسترليني تبدو أسوأ من اليورو، مشيرة إلى أن الجنيه سيتأثر بشدة في الأشهر المقبلة بجملة عوامل منها الركود الاقتصادي الداهم ومعدل التضخم المرتفع وتشكيل حكومة جديدة في بريطانيا.

ودفع هذا بالمتداولين إلى التحوط ضد هبوط الجنيه أمام اليورو حتى مع معاناة اليورو بسبب توريدات الغاز إلى المنطقة.

وسجل الجنيه الإسترليني في أغسطس أسوأ أداء شهري له منذ أواخر 2016 مقابل الدولار وأسوأ شهر له مقابل اليورو منذ منتصف 2021 مع مخاوف من تباطؤ الاقتصاد البريطاني بشكل حاد في الوقت الذي دفع فيه التضخم المستثمرين إلى بيع العملة.

وانخفض الجنيه بنسبة 4.4 في المئة في أغسطس ما يتجاوز خسارة 4.3 في المئة في أبريل. وتراجع الإسترليني الاثنين الماضي إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2020، عندما ضرب الذعر الأسواق من انتشار فيروس كورونا.

ويتوقع خبراء أن يبقى اليورو ضعيفاً هذا العام مقابل الدولار. فمن جهة تواجه منطقة اليورو أزمة طاقة مع خطر قيام روسيا بتقليص توريداتها من الغاز، وهنالك من جهة أخرى تأخر البنك المركزي الأوروبي عن نظرائه في رفع أسعار الفائدة للتصدي للتضخم فضلاً عن الأزمة السياسية في إيطاليا.

ويبدي محللون تشاؤماً أكبر حول آفاق الجنيه الإسترليني، ويخشى البعض من أنه قد ينحدر إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار.

وجاء تحذير البنك المركزي الإنكليزي من حدوث ركود اقتصادي طويل الأمد ليزيد احتمال أنه قد يضطر إلى مسار معاكس بتخفيض أسعار الفائدة في العام المقبل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي