لا تكونن متكبراً بسبب نجاحك، ولا تكونن منتفخ الأوداج لأنك أصبحت مُشرعاً، وشاور الجاهل والعاقل، لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها.
هكذا عزيزي القارئ يفتتح «بتَّاح حُتب» المسؤول الكبير في عهد مؤسس الأسرة المصرية الخامسة وصاياه لكل الذين سيعملون في السياسة وفي خدمة الشعب والملك والدولة.
كُن منصتاً فمن يستمع يكن مالكاً للفائدة، ولا تكن غبياً جاهلاً مكروهاً من الناس لأن القول الخبيث غذاء فمك، وأخلاقك تكون معروفة للحكام بخبثها.
إذا اتفق أنك كنت من بين الجالسين على مائدة أكبر منك مقاماً فخذ ما يُقدم لك حينما يُوضع أمامك، ولا تنظر إلا إلى ما وضع أمامك، والرجل العظيم يُعطي من بجواره.
لا تُعيدن أبداً كلمات حمقاء خرجت من غيرك في ساعة غضب، والتزم الصمت ولا تتكلم إلا إذا كنت تعلم بأنك ستحل المعضلات، واعلم أن صناعة الكلام أصعب من أي حرفة أخرى.
وعليك أن تُقدم للملك نصيحة تساعده، وكن عميق الكلام ثابت الجنان ما دمت تتكلم، فعسى أن يقول الملك الذي يسمع كلامك «ما أسد الكلام الذي يخرج من فمه!».
إذا أصبحت عظيماً بعد أن كنت صغير القدر وصرت صاحب ثروة بعد أن كنت محتاجاً... فلا تنسين كيف حالك في الزمن الماضي، ولا تتغن بثروتك التي أتت منحة من الملك، فأنت لست بأحسن من أقرانك الذين حل بهم الفقر.
لا تتغير على أصدقائك، فأنت لا تدري متى يُسخط عليك وتعود من حيث جئت، فإنه عندما تسوء حظوتك فإن الأصدقاء هم الذين لا يفتأون يقولون «مرحباً».
إذا أصبحت عضواً مُشرعاً فكن طلق الوجه شفيقاً حينما تسمع كلام المتظلِّم، ولا تقل هو ليس من أقربائي أو أهل بيتي فأنت خادماً للشعب الذي توجك.
حصّل الأخلاق واعمل على نشر العدالة وبذلك تحيا ذريتك... وإذا استمعت ووعيت ما ألقيته عليك فإن كل صنيع لك سيكون على غرار عمل الأجداد. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
Moh1alatwan@