No Script

ما في خاطري

(تأثير براندي)

تصغير
تكبير

في الولايات المتحدة الأميركية وفي سنة 1981م بالتحديد، تم عمل استطلاع رأي عن مرشحين أرادا ترشيح نفسيهما لأحد المقاطعات وكان المرشحان أحدهما أبيض والآخر أسود البشرة يُدعى براندي. وفي استطلاعات الرأي اكتسح المرشح براندي، صاحب البشرة السوداء، وحصل على درجة عالية في الاستطلاع بعد تأييد الغالبية له، وفي الحقيقة براندي كان يمتلك إمكانات تؤهله لهذا المنصب، والمفاجأة كانت عندما فاز بالانتخابات المرشح الآخر صاحب البشرة البيضاء وبفارق كبير.

فرغم أن الاستطلاعات كانت قائمة على أسس سليمة وواضحة ولكن نتيجة الانتخابات كانت صادمة، الأمر الذي دفع الباحثين في هذا الاستطلاع لمراجعة النتائج مرة أخرى ليكتشفوا أن المشاركين بالاستطلاع والذين أبلغوا الباحثين بأنهم مؤيدون للمرشح صاحب البشرة السوداء قد وقعوا تحت تأثير ما سميّ لاحقاً بـ (تأثير براندي)، وهو كما وصفتهُ الدكتورة فاطمة السالم وهي تتحدث في دراسة هذه الظاهرة في أحد اللقاءات بأن المشارك بالاستطلاع يكون خائفاً من تقييم الباحث فيعطي إجابات غير صادقة ولا تعكس نواياه الحقيقية.

وبالفعل، هذا التأثير منطقي وقائم في العديد من المجتمعات الأخرى، ولعل المجتمع الكويتي هو مثال على ذلك، فتجلس في بعض الدواوين وترى الغالبية العظمى تطالب بالإصلاح وتردد عبارات «أحسنوا الاختيار»، والبعض منهم عندما يتسلّم ورقة التصويت تراه يختار ابن عمه أو أحداً من أسرته أو من طائفته ضارباً كل الحديث والمثاليات التي ذكرها للآخرين عرض الحائط، فهو عندما يكون جالساً وسط الآخرين يخجل أن يقول إنه سيصوت لأحد أقربائه أو لأحد المرشحين الذين يخدمون مصالحه الشخصية، فالثقافة العامة للمجتمع وتأثيرها في السنين الأخيرة لن تقبل بهذا الاعتراف، فيذكر للآخرين ما يودون سماعه وفي الأفعال يقوم بعكس ما يدعيه، ولذلك يستغرب البعض عندما يرى بعض المخرجات السلبية والتي رضخ بعضها للفساد تدخل قبة عبدالله السالم رغم السلبيات الكثيرة التي ارتبطت بها.

فأخشى أن يقع البعض تحت (تأثير براندي) فيدعي للآخرين بأنه عازمٌ على اختيار الأصلح، وعندما تحين ساعة التصويت تراه يوجه صوته لأحد آخر تربطه به علاقة أسرية أو مصالح شخصية، فيجب أن يدرك البعض بأن هذا التأثير قائم، ولكن يجب أن يقاومه في سبيل مستقبله ومستقبل أبنائه، فالمرحلة المقبلة حساسة ومهمة وتتطلب منا ألا نخضع لأي ضغوطات وتأثيرات قد تحيدنا عن اختيار الأصلح بعيداً عن حسابات القبيلة والمذهب والأسرة والمصالح الشخصية، وأن نستشعر قيمة هذا الاختيار في تحديد مصير هذا البلد وأن نتقبل التغيير، فالمجتمعات المتحضرة تتطور في إدراكها وتحسن من أفكارها وقناعاتها.

Twitter: @alessa_815

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي