التجربة الأوكرانية... روسيا في مأزق والحرب كشفت عن «جانب أوروبي مشرق»

طائرة من دون طيار ترفع العلم الأوكراني تمر فوق نصب تذكاري لـ «الوطن الأم» خلال عيد الاستقلال (أ ف ب)
طائرة من دون طيار ترفع العلم الأوكراني تمر فوق نصب تذكاري لـ «الوطن الأم» خلال عيد الاستقلال (أ ف ب)
تصغير
تكبير

6 أشهر من الحرب في أوكرانيا، كانت كفيلة بكسر هيبة روسيا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً بعد فشل موسكو في تحقيق أهدافها وتراجع قدراتها بشكل غير مسبوق على كل الأصعدة، في ظل توقعات بالمزيد من الخسائر الروسية نتيجة طول أمد الحرب.

الجيش الروسي «ضعيف»

على مدى ستة أشهر، زرعت الحرب البرية الكبرى الرعب في أوروبا، ونجحت موسكو في السيطرة على نحو 20 في المئة من أوكرانيا، لكن الجيش الأوكراني مازال صامداً بفضل «الأسلحة الغربية الفعالة»، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

بعد مرور نصف العام على الغزو، ظهرت حقيقة «القوة العظمى لروسيا»، بعدما قلبت الحرب الافتراضات حول «قوة الجيش والاقتصاد الروسيين»، وفقاً لتقرير لوكالة «بلومبرغ».

كانت روسيا تسعى لإعادة تأكيد كونها «قوة عسكرية عالمية»، لكن النتائج الميدانية أثبتت عكس ذلك تماماً، ودعت إلى «إعادة التفكير في قدرات موسكو التقليدية»، وفقاً للوكالة.

ومع استمرار الحرب تراجعت «الروح المعنوية للقوات الروسية»، التي أصبحت تعاني نقص «القوى البشرية واللوجستيات»، بعد تعطيل الإمدادات من قبل القوات الأوكرانية المسلحة بأسلحة غربية بعيدة المدى، وفقاً لتقرير لصحيفة «التايمز» البريطانية.

ويشير أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، فيليبس أوبراين، إلى أن الجيش الروسي لا يكافئ نظيره الأميركي ولا حتى «قوات الناتو»، مؤكداً أن موسكو «ليست حتى قوة عسكرية من الدرجة الثانية».

وأظهرت الحرب أن روسيا «غير قادرة على إدارة عمليات معقدة بالطريقة التي يمكن أن يقوم بها البريطانيون أو الفرنسيون أو الإسرائيليون»، بحسب ما قال أوبراين لـ «بلومبرغ».

ويتحدث وزير الدفاع الأوكراني السابق أندري زاغورودنيوك، عن توقعات سابقة بقدرة الجيش الروسي على «الهيمنة أرضاً وجواً» على أوكرانيا، باعتباره ثاني أكبر جيش في العالم، مضيفاً «تمكّنا من منعهم».

وتابع: «لا يمكننا التوقف، ولا يمكننا الانتقال إلى حرب مملة منخفضة الحدة»، مضيفاً «نحن بحاجة إلى التفكير في كيفية الضغط عليهم»، بحسب «نيويورك تايمز».

ويرى المدير العام السابق للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، مايكل كلارك، إمكانية أخذ القوات الأوكرانية زمام المبادرة في المعارك بحلول الربيع المقبل.

و«يمكن أن يطرد الأوكرانيون الروس من الأراضي التي احتلوها منذ 24 فبراير، إذا لم ينكمش الغرب تحت ضغط إمدادات الغاز الشتوية، وفي حال زيادة الدعم الغربي»، وفقاً لما قاله كلارك لـ«التايمز».

تراجع اقتصادي

فضلاً عن «التدهور العسكري»، فقد تضاءلت قوة موسكو الديبلوماسية وتبدو آفاقها الاقتصادية طويلة الأمد «قاتمة»، بعدما أضرت ستة أشهر من الحرب روسيا من «الناحية الاستراتيجية»، وفق ما أوردت «التايمز».

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 6 في المئة هذا العام.

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بـ«شكل كئيب». وفي مايو، توقعت وزارة المالية انكماشاً بنسبة 12 في المئة هذا العام، لاقتصاد متأثر بعاصفة من العقوبات الدولية، بحسب ما ذكرت «بلومبرغ».

وتضر العقوبات الغربية بالاقتصاد الروسي لكنها «لم تسحقه بعد»، وسيتصاعد الضرر وسيؤدي إلى تدهور روسيا اقتصادياً على المدى الطويل، وفقاً لتقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

تآكل القدرات العسكرية

ومن المرجح أن تتآكل قدرة روسيا على إنتاج أسلحة متطورة تقنياً لأن العقوبات الغربية تعوق الواردات، وفق «بلومبرغ».

وفي المعدات الروسية التي تم الاستيلاء عليها أو تدميرها في ساحات القتال، تم اكتشاف 450 مكوناً أجنبياً في 27 نظاماً روسياً للأسلحة الحيوية، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والصواريخ ومعدات الاتصالات، بحسب دراسة لـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة».

وتم تصنيع غالبية هذه الأجزاء من قبل الشركات الأميركية، وفي خضم العقوبات الغربية «تظل روسيا وقواتها المسلحة عرضة للجهود المتعددة الأطراف لخنق تدفقات مكونات تلك الأسلحة ورفع تكاليف عدوانها على أوكرانيا»، وفقاً للدراسة.

ونتيجة لذلك، قد لا تتمكن روسيا حتى من الحفاظ على ترسانتها النووية على المدى الطويل، طالما أنها لا تزال خاضعة للعقوبات، وفق المحلل في مؤسسة «ريدل»، بافل لوزين.

ويرى لوزين، الذي كان مستشاراً للزعيم الروسي المعارض المسجون، أليكسي نافالني، أن «افتقار روسيا للمعدات الصناعية والتقنيات ورأس المال البشري سيجعل الأعداد الحالية من الصواريخ العابرة للقارات والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة أمراً مستحيلاً»، وفقاً لـ«بلومبرغ».

روسيا تتراجع ديبلوماسياً... وأوروبا «أكثر اتحادا»

ومنذ حشد قواتها بالقرب من حدود أوكرانيا، عملت الولايات المتحدة عن كثب مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لإنشاء تحالف أقوى من الدول المستعدة للتصرف في مواجهة العدوان الروسي غير المبرر الذي انتهك ميثاق الأمم المتحدة ومزق السلام، وفق «نيويورك تايمز».

وأضافت «بينما كانت أوكرانيا تقاوم(الفظائع الروسية)، شددت الدول الأوروبية إدانتها لموسكو، ما جعلها أكثر اتحادا في وجه أطماع روسيا».

ويشر نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس، برونو تيرتريس، إلى «جانب مشرق»، قائلاً «لا تزال أوروبا أكثر اتحادا وفعالية مما كان يتوقعه معظمنا قبل ستة أشهر».

وتابع أن قدرة واستعداد أوروبا لدعم وزيادة العقوبات موسكو رغم ان الخلافات والتوترات العرضية هي «حقائق ملموسة».

وقال رئيس مركز السياسة الأوروبية في بروكسيل، فابيان زليغ، إن الحرب «أحدثت بالفعل تغييرات عميقة في الاتحاد الأوروبي».

ويشمل ذلك إجراءات غير مسبوقة في شأن «العقوبات على موسكو، والمساعدات لأوكرانيا، توسع الإنفاق العسكري لأوروبا، مع منح أوكرانيا وجورجيا وضع المرشح»، بحسب «نيويورك تايمز».

ويتحدث مدير المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، غونترام وولف، عن «الوحدة الأوروبية» في مواجهة الغزو، مشيراً إلى «العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو».

لكنه يشعر بخيبة أمل لأن «ألمانيا وفرنسا لا ترسلان المزيد من الأسلحة بسرعة أكبر إلى أوكرانيا»، مرجعاً ذلك إلى «القلق من النجاح الكبير في أوكرانيا الذي قد يدفع روسيا إلى تصعيد الحرب وجر حلف الناتو»، بحسب «نيويورك تايمز».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي