يقول علماء البيولوجيا وهم العلماء المهتمون بدراسة الأحياء وأهمها علم الخلية، يقولون إن الخلية الحيّة تكون أكثر حساسية للتلف وهي في طور النمو، أما الخلية الناضجة مكتملة النمو فهي خلية يصعُب إتلافُها، والخليتان الشابة والناضجة يمكن إصلاحهما بالعلاج.
وأنا بصفتي مختصاً بالمعالجة الإشعاعية لخلايا السرطان أعلم صحة ودقة تلك المعلومة، فالأشعة العلاجية ﻻ تقتل الخلايا الناضجة إنما تعمل على إيقاف نمو الخلايا التي في طور النمو، وهي الخلايا الشابة التي يسهُل تدميرها.
ولأن الخَلق وحدة متكاملة، فإن ما ينطبق على الخلايا يسري مثله على بقية التركيبات الأخرى لجوانب الخَلق مهما تباعدت.
إننا نعيش في كون مستمدَّةٌ تعاليمُهُ من خالق واحد، يقول عن تجانس الوجود الدكتور أحمد زكي، أول رئيس لمجلة العربي الكويتية (إن العين مخلوقة لأن هناك شمساً، ولولا الشمس ما كان هناك حاجة للعين)، وما ينطبق على الترابط المادي ينطبق أيضاً على الترابط اللاعضوي، فكما تفسُد الخلايا الشابة بقليل من الضرر تفسد الأرواح الشابة أيضاً بقليل من الضرر، لهذا تجد الشباب في أي مجتمع هم الأكثر تأثراً بانتشار الفساد وشيوع المحسوبية، فمن خلال الشباب، وهم الخلايا النامية، يمكن زرع المؤثِرات السلبية، وكذلك يمكن منع المؤثرات السلبية بمنع التمييز في العمل إلا بالاجتهاد فتخلق مجتمعاً كاليابان، شبابهم لم يَرَوْا واسطة وﻻ محسوبية؛ وﻻ ابن فلان أو ابنة علاّن، فأصبحت اليابان بقيادة أبنائها دولة تستحق الإشادة بها.
ومن جهة أخرى، يمكن نشر المؤثرات السلبية والأمثلة اليومية عن المحسوبية والواسطة في كل نواحي الحياة فتخلق، كما هو حاصل اليوم، مجتمع كالكويت شبابه مليء بالمؤثرات السلبية، حتى وصل الحال به بالإيمان المُطلق بالواسطة؛ ولم يعد العمل والاجتهاد وسيلة للتقييم عند الكثيرين منهم، إذاً نحن نتاج ما نزرعهُ في شباب الأمة.
لو اقتنع المسؤولون بالمؤثرات الإيجابية؛ وآمنوا بأن ما يمارسونه من سلبيات هو العنصر القاتل، والأشعة المدمرة لشبابنا، لو آمنوا بذلك فربما ننجح في تخفيض مستوى الموجات السلبية التي تُدمّر شبابنا اليوم؛ وبالطبع ستدمر مجتمعنا في الغد.
أعضاء مجلس أمتنا، وهم خلايا ناضجة، كنا نراهم بصحبة شبابنا أمام مكتب الوزراء والوكلاء لإعطائهم أولى الجرعات السلبية؛ وأول دروس في الواسطة والمحسوبية حتى يتم إتلاف عقولهم وخلاياهم التي هي بالأساس خلايا حساسة للتلف. فهل ستنتهي هذه الموجات السلبية في الانتخابات المقبلة؟ وهل سيأتي إلى مجلس أمتنا رجال يحترمون العمل والاجتهاد؛ ويُسخّرون وقتهم للمتابعة والتشريع والابتعاد عن زرع المحسوبية والتمييز داخل مجتمعنا؟ أسئلة يتمنى كل مواطن صالح أن يكون جوابها نعم، نحن جميعاً بانتظار نتائج انتخابات مجلس الأمة المقبل، والتي ستعكس إيمان شعبنا بالتغييرات الجديدة، مرحلة لو أحسن الشعب استغلالها فسنجد جيلاً مختلفاً يثق بتحقيق العدالة؛ ويسعى إلى تطوير بلده في بيئة إيجابية تعيد الثقة إلى نفوس شبابنا.