جودة الحياة

جنون الترند

تصغير
تكبير

في زمن «السوشيال ميديا» أصبحت العلاقات الإنسانية والأخبار الشخصية ومآسي الغير موضوعاً «للترند» والشهرة وجلب الأموال عبر شبكة الانترنت، وطالما كانت تلك الأخبار تحمل طابع الإثارة والتشويق فهي ترند تجلب الشهرة والمال لصانعه بكبسة زر.

والترند ببساطة هو أن يصبح حدثاً - ما - مهما كانت درجة أهميته موضوعاً لحديث الناس لأيام أو حتى أسابيع فيحصد أكبر عدد من المشاهدات والتعليقات والإعجاب من المتابعين على «السوشيال ميديا».

ليس عيباً أن تكون مشهوراً ومحط أنظار الناس على طول البلاد وعرضها، أو حتى على مستوى الخليج والعالم، طالما احترمت معايير وأخلاقيات المجتمع، تقاليده وأعرافه، وفي الواقع لا شيء أسهل في منطقتنا العربية من الترند عبر تسويق المواضيع التافهة والمحتوى الفارغ.

ولا يتوقف البحث عن الترند كل يوم واللهث وراء السلبيات بشكل غريب عند بعض الناس، وهناك من يدس السم في الدسم لأهداف مقصودة. ويُجري بعض مشاهير «السوشيال ميديا» سباقات متسارعة في البحث عن كل جديد ومُثير مهما كان مضمونه ومحتواه وذلك حتى لا يخفت نجمهم وتقل عدد مشاهداتهم... إنه جنون الترند والبحث عن أكبر عدد من المشاهدات والتعليقات سواء كانت إعجاباً أو العكس تماماً.

ففي عالم مفتوح لا تحكمه أي ضوابط أخلاقية ولا مهنية يقدم «نشطاء» السوشيال ميديا محتويات كغثاء السيل سعياً وراء الترند وتصدر قوائم الأعلى مشاهدة لكسب الأموال والشهرة، ويمكنني القول إن جُل ما يقدمه مشاهير «السوشيال ميديا» ليس له قيمة حقيقية.

ليس بدعاً القول إن الوصول إلى أعلى ترند الذي تتبعه الشهرة، والتي تتدفق على أثرها الأموال والإعلانات دفع بعض المشاهير إلى اللعب بالأوراق كافة دون مراعاة لأي قيد أو شرط.

وحين يبدأ الشعور الزائف بالأهمية والتأثير حينها تتهافت القنوات الإعلامية لاستضافتهم وتحويلهم بسرعة جنونية إلى نجوم مجتمع وأصحاب شهرة، وربما النفوذ لدى جهات عدة.

وللأسف كلما ازدادوا شهرةً ازدادوا جنوناً في البحث عن ترند أكثر إثارة ليتفاخروا بعدد المشاهدات ومقارنتها مع بقية المشاهير ويؤكدوا بأنهم الأعلى مشاهدة والأكثر تأثيراً، وكما أشرت لا يهم نوع هذا التأثير ومحتوى ومضمون الترند، وإنما المهم هو تصدر قائمة الأعلى مشاهدة وحديث الجميع.

وفي سبيل الترند لا يفكر بعض مشاهير «السوشيال ميديا» والذين يحظون بنسب عالية من المتابعين لحساباتهم في انهيار منظومة القيم ولا الأضرار التي تلحق بالآخرين، كما وللأسف لا يتردّدون في بيع قيم وعادات المجتمع وتقاليده في سبيل الشهرة والمال فلا شيء أكثر جلباً للشهرة من السطحية والابتذال في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أن الأكثر خطورة في الترند هو تقليد الشباب لما يطلقه هؤلاء من تقليعات في اللبس والشكل والسلوكيات المستفزة والمبتذلة وغير اللائقة وغيرها من التفاهات.

ولا يمكننا التحكم في محتويات عالم الانترنت وانتقاء الأكثر جودة وملائمة لمجتمعنا وعاداته وتقاليده، فقد أصبح العالم بيتاً إلكترونياً نتجول فيه افتراضياً مع آخرين يحملون قيماً وأفكاراً وطريقة مختلفة للحياة.

وفى فضاء «السوشيال ميديا» المفتوح يتم أيضاً وبكل بساطة صرف الجمهور عن الاهتمام بالأولويات الحقيقية والقضايا الجوهرية إلى أخرى مصطنعة تماماً وزائفة، ويقوم الجمهور وهو مُغيّب بمتابعة المضمون المتسم بالإثارة ولُعبة الترند على شاشات الهواتف كما هو الحال في العديد من التطبيقات الإلكترونية والتي تعرض فيديوهات عن كل شيء، ولا يستطيع المتابع البسيط التمييز بين خيرها وشرها.

ختاماً، علينا أن نرتقي بالذوق العام والتصدي لتلك الظواهر السلبية، والعمل بشكل جاد على تحفيز الشباب على الإبداع والابتكار، ورفع همم الشرائح الأكثر أهمية في المجتمع باعتبارهم الاستثمار الحقيقي للبلد.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي