ماكرون يؤكد أن الغرب مستعد لدعم كييف «على الأمد الطويل»
زيلينسكي يتعهّد باستعادة الحكم الأوكراني في شبه جزيرة القرم
- موسكو تتعهد التعامل «بلا رحمة» مع قتلة ابنة المفكر الداعم للكرملين
- النزاع في أوكرانيا «ضرورة» لبعض الروس و«مؤسف» لآخرين
تعهد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أمس، باستعادة الحكم الأوكراني في شبه جزيرة القرم، في خطوة قال إنها ستساعد على إعادة إرساء «القانون والنظام العالميين».
وتابع زيلينسكي، في كلمة افتتاحية بمؤتمر «منصة القرم»، ان استعادة السيطرة على شبه الجزيرة، التي احتلتها روسيا وضمتها عام 2014، ستكون «أكبر خطوة مضادة للحرب».
وأضاف «بدأ كل شيء مع شبه جزيرة القرم، وسينتهي مع شبه جزيرة القرم».
وقال زيلينسكي إن ممثلين عن نحو 60 دولة ومنظمة دولية يشاركون في القمة، من بينهم نحو 40 رئيساً ورئيس وزراء.
وكان جميعهم تقريباً يشاركون عبر الإنترنت، لكن الرئيس البولندي أندريه دودا حضر القمة خلال زيارة لكييف.
من جانبه، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب عبر الفيديو أمام المؤتمر، أن يتواصل دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا «على الأمد الطويل».
وتابع «لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف أو روح تنازل في مواجهة ذلك، لأن الأمر مرتبط بحريتنا، من أجل الجميع، وبالسلام في كل مكان حول العالم».
في سياق ثانٍ، حذّرت السفارة الأميركية في كييف، أمس، من أن روسيا قد تضرب منشآت مدنية ومباني حكومية «في الأيام المقبلة»، داعية المواطنين الأميركيين إلى «مغادرة أوكرانيا اعتباراً من الآن».
وأشار زيلينسكي، أمس، إلى وجود خطر «كلّ يوم» بشنّ ضربات روسية جديدة على كييف.
وفي موسكو، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إلى التعامل «بلا رحمة» مع المسؤولين عن مقتل ابنة مفكر مؤيد للكرملين حضر جنازتها مئات الأشخاص.
وقُتلت داريا دوغينا، وهي صحافية ومحللة سياسية، السبت، إثر انفجار عبوة زرعت في السيارة التي كانت تقودها على طريق سريع في ضواحي موسكو.
داريا التي كانت تبلغ من العمر 29 عاماً، هي ابنة ألكسندر دوغينا (60 عاماً)، وهو مفكر تمايز باعتناقه عقيدة «الأوراسية الجديدة» المناهضة لليبرالية. ودعمت، على غرار والدها، بشدة الهجوم الروسي في أوكرانيا.
كانت داريا عائدة مع والدها، كلّ في سيارة، من مهرجان ثقافي محافظ في ضواحي موسكو، عندما لقيت حتفها في انفجار مركبتها.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو «نأمل بأن يتم استكمال التحقيق قريباً. بناء على نتائج هذا التحقيق، لا يمكن أن تكون هناك أي رحمة تجاه أولئك الذين نظّموا وأصدروا الأوامر ونفّذوا» عملية التفجير.
تجمع مئات المعزين، بينهم أقارب وسياسيون، أمس في موسكو أمام نعش داريا دوغينا الذي علته صورة لها وهي تبتسم.
وقال ألكسندر دوغينا الذي كان حاضراً مع والدة داريا، ناتاليا ميلينتيفا، في بداية الجنازة «ماتت فداء لروسيا، أمّة وشعبا، في الجبهة. والجبهة هي هنا».
وأضاف وهو يبكي «من الكلمات الأولى التي علمناها إياها في طفولتها كانت بالطبع روسيا وقوتنا وشعبنا وإمبراطوريتنا».
أحدثت جريمة قتل داريا صدمة في روسيا. ومنحها الرئيس فلاديمير بوتين، بعد وفاتها وسام الشجاعة، وهو وسام رفيع.
وفي واشنطن، امتنع الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الاثنين، عن التكهن حول هوية المسؤول عن جريمة القتل.
ودان كل هجوم يستهدف المدنيين مشيراً إلى أن كييف نفت أي تورط لها.
وردت نظيرته الروسية ماريا زاخاروفا، أمس، على «تلغرام»، «بما أن مقتل صحافي لم يستدع تعليقاً من هذه الزاوية، وهو أمر شديد الأهمية بالنسبة للسلطات الأميركية، فواشنطن إذن لا تملك أي حق اخلاقي... بالحكم على حقوق الإنسان في العالم».
ومنذ 2014، يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مروّج الحركة الأوراسيّة (وهو ائتلاف بين أوروبا وآسيا تحت القيادة الروسية) ألكسندر دوغينا. كما استهدفت عقوبات اميركية ابنته منذ مطلع مارس الماضي.
ويعتبر الكسندر الذي له إطلالات تلفزيونية كثيرة والمعروف بلحيته الطويلة، مؤثراً على جزء من اليمين المتطرف في أوروبا.
ويرى كثيرون أن الفيلسوف، أدّى دورا في توتّر العلاقات بين بوتين والغرب وقد أطلقوا عليه لقب «عقل بوتين».
ولم يعرب بوتين يوماً عن دعمه له في العلن، فيما يقلل مراقبون من أهمية تأثيره في الكرملين.
وبعد ستة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لا يزال الروس منقسمين إزاء هذا النزاع بين من يعتبره «ضرورة» ومن يراه «مؤسفا»، غير أن الجميع يأمل في انتهائه قريباً.
ويقول ديمتري رومانينكو، وهو شاب في الخامسة والثلاثين من العمر متخصّص في تكنولوجيا المعلومات يقطن العاصمة موسكو «أشعر فعلاً بالأسف على الأوكرانيين. فهم يعانون بلا مبرّر ولم يقترفوا سوءاً».
وانقلبت حياة الكثير من الروس رأسا على عقب إثر قرار بوتين إرسال قوّات عسكرية إلى أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير.
وتسببت العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو برحيل كبرى المجموعات الغربية، وبإغلاق خطوط جوية عدى، فانعزل البلد جزئياً، بالإضافة إلى تضخّم شديد.
وهنا وهناك في موسكو، تظهر بعض الإشارات التي تعكس تأييد العملية العسكرية، كملصقات على شكل حرف «زد» («Z» بالإنكليزية) وضعت على زجاج سيارات للإحالة إلى الحرف المرسوم على المدرّعات الروسية في أوكرانيا.
لكن في وسط العاصمة الروسية التي يعتنق سكانها أفكاراً أكثر ليبيرالية من تلك السائدة في بقيّة مناطق البلاد، قامت غالبية الأشخاص الذين استطلعت «فرانس برس» آراءهم بتوجيه انتقادات أو الإعراب عن أسف.