حسناً فعلت الحكومة بقرارها المتأخر باطلاق منصة «تيسير» لتعيين المقيمين بصورة غير قانونية «البدون»، بدلاً من العمالة الوافدة في القطاع الخاص.
وكانت هذه الخطوة، بمثابة الأمل للكثير من الأخوة البدون الذي اعتبرهم ضمن نسيج المجتمع الكويتي.
وأتمنى أن تقوم الحكومة بحملة إعلامية لتوضيح تفاصيل التسجيل عبر القنوات الفضائية وبقية وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يكون التسجيل عبر الموقع الإلكتروني كي نبتعد عن الازدحامات في المراجعة.
إن منصة «تيسير» من شأنها أن تعمل على حفظ الكرامة لتلك الفئة التي عانت على مدى أكثر من نصف القرن من الزمن، دون أن نجد الحل الناجع لهؤلاء الناس الذين يعيشون بين ظهرانينا وسط معاناة في الكثير من عناصر الحياة الكريمة.
إن مسألة حصول كل شخص مقيم بصورة غير قانونية على فرصة للعمل بصورة قانونية إنما هي خطوة صغيرة في طريق طويل، نتمنى أن تتبعها خطوات عدة من أجل الحفاظ على الجانب الإنساني لطالما أن الكويت كانت وما زالت تمتلك إرثاً طويلاً في العطاء الإنساني داخل وخارج الكويت.
وأن تكون بخطوتك متأخراً أفضل كثيراً من ألّا تكون هناك خطوة لك، الأمر الذي يدعونا إلى المطالبة بخطوات متعددة على مستوى الوزارات، خصوصاً أننا تابعنا على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن أن هناك من الكفاءات التي تعيش بيننا، ونحن بحاجة ماسة لهم، فعلى سبيل المثال هناك من فئة البدون من هم أطباء وممرضون ومدرسون ومهندسون ومحامون ونحن بأمس الحاجة إلى خدماتهم ليساهموا في عملية التشييد والبناء لبلدهم الكويت الحبيبة.
وهناك الكثير من الوزارات التي يتكدس بها الكثير من الإخوة الضيوف الوافدين وفي تخصصات غير نادرة، يمكن أن يشغلها الإخوة البدون، ولا أريد أن أذكر الوزارات لأنني على ثقة من أن الحكومة قادرة على البحث في ذلك، خاصة في ما يتعلق بمن يعمل على بند يسمى «التكليف» وهم محرومون من مكافأة نهاية الخدمة.
وتأتي تلك القفزة النوعية بالتنسيق مع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، إلا انني أتمنى أن يتم التسجيل بطرق سلسلة بعيدة كل البعد عن التعقيد والتركيز على حسن المعاملة خصوصاً في ما يتعلق بالحقوق من حيث الراتب المناسب تبعاً لما كان يحصل عليه المقيم على الأقل والإجازة السنوية ومكافأة نهاية الخدمة، والتنسيق مع البنوك للسماح لهم بفتح الحسابات البنكية والسحب دون تعقيدات تذكر.
وأرجو أن يكون هناك تشجيعاً للأيدي العاملة في المهن الفنية من تلك الفئة، فمنهم من لديه حرفة الميكانيكا والحدادة والصبغ والنجارة وغيرها من المهن، كما أرجو أن تكون هناك مراعاة بمسألة إيجاد وظائف إدارية للإناث من تلك الفئة كي نشجعهن على الانخراط بالعمل.
ويأتي هذا القرار الإيجابي وإن كان متأخراً ليضيف الكثير من النقاط الإيجابية تحت مظلة القانون لتلك الفئة التي تنشد «اللقمة الحلال»، كما أتمنى منح حوافز لكل شركة من القطاع الخاصة التي تشارك في عملية توظيف تلك الفئة من الجنسين.
ويأتي هنا الدور التاريخي لمجلس الأمة المقبل الذي يجب عليه أن يتحمل مسؤوليته تجاه إحدى أهم القضايا العالقة في أجندة الحكومات الكويتية المتعاقبة، وليعلن كل عضو بالبرلمان موقفه بصراحة كي يعرف الشعب الكويتي بما فيهم فئة البدون موقفهم الحقيقي، حيث إنني مازلت أذكر بعض الأعضاء السابقين في مجلس سابق كان يتكسب إعلامياً من أنه يساند قضية البدون، وعندما تم تحديد موعد جلسة لمناقشة قضية البدون غاب عن الجلسة!
وهناك سلسلة من المجالات التي يمتلك خلالها بعض أفراد البدون كفاءات متميزة وقد عرفت الكثير منهم في مجالات أخرى مثل الكمبيوتر والصحافة حيث الكثير من المبدعين.
ولأنني عاصرت الحركة التشكيلية، فقد عرفت الكثير من الفنانين التشكيليين المبدعين منهم في الرسم والنحت والتصوير، وبعضهم حصل على الجنسية الكويتية في السنوات الأخيرة.
وأذكر أن أحد الفنانين المبدعين من البدون انتقل إلى رحمة الله، قبل سنوات عدة، إذ قال لي كيف يتم السكوت عمن يكتب الخط العربي ورسم الكاريكاتير عبر الكمبيوتر فأين الابداع في ذلك؟ وكيف يتم السماح لهم بتمثيل الكويت في الخارج؟!
وبالطبع هناك من الإخوة البدون شعراء وكتاب قصة ورواية ومسرح والكثير من الرياضيين في ألعاب رياضية عدة مع تمنياتنا لهم بالتوفيق.
همسة:
«تيسير» تبعث الأمل وتقضي على اليأس والإحباط لدى البدون.