الإمارة كان بها مقومات الدولة في تطبيق القوانين ودفع الرسوم والصدق والأمانات... مُدّت الأيدي الوافدة لتجذب معها أيدي المواطنين... من أجهزة الدولة حتى عمّت أجهزة الدولة في مواضع المال... فيهم الأمناء المحافظون على أخلاقهم حتى صارت الأمانة صفة نادرة.
تُوفي المرحوم سعد الناهض، فأجمعت المجالس والصّحف على أن الفقيد اتّسم بالأمانة النادرة، خلافاً لعدد ممن ظهروا على سطح أجهزة الدولة.
الرجل الثاني من نوادر الأمناء، هو رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية الأستاذ صالح يوسف الفضالة، الذي عرّض نفسه لمخاطر المهاجمين عليه، حيث صمد لهذا التكليف بأمانة وشجاعة.
عُرضت ثبوتيات المواطنة للبيع وعُرضت الجنسية أيضاً للبيع وتدرّجت في سُلّم نيلها من مكتب المختار إلى مكتب النائب في مجلس الأمة، وكثر بيعها في السبعينات ليصل سعرها 500 دينار وبعد التحرير من الغزو بلغت المليون وازدادت...
إنّ منصب الأستاذ صالح الفضالة لو تسلّمه آخر لأصبح ثرياً ثراءً بالغاً، هذا المنصب فيه أبواب كثيرة لنيل الجنسية...
بعدك يا أبا يوسف مَن يتحمّل الأمانة التي ثقلت حتى على الجبال الرّواسي في الأرض وجرّبت البلاد بعض التجار وآخرين من متوسطي الحال وكانت الأمانة نادرة بينهم.
منذ أن أُسّس بيت المال كانت مفاتيحه بيد يهود ونصارى واستمر المال في أيديهم في معظم العهود وعبر الأزمنة حتى وصلت إلى (حزقيل) وزير مالية العراق الذي طلب ريع النفط في مؤتمر لندن في منتصف الخمسينات بالذهب وليس الباوند ولا الدولار، وكان المركز المالي الإسلامي العربي في مصر وحامل خزائن مصر رمزي ستينيو، مسيحي اؤتمن على خزائن مصر في العهد الملكي الأخير وفي أول ثورة 1952.
(كتبتُ مقالاً عن خفة يد بعض المسلمين في الشرق والغرب...)
هجم على خزائننا مستشارو الهمّ والغمّ حتى وصلت لحالنا.
روى الشيخ يوسف بن عيسى القناعي أن بعد أيام من اختيار الشيخ عبدالله السالم، الحاكم الحادي عشر للدولة، استدعى الشيخ يوسف القناعي على عَجَل فقال له إن البلد منهوب من وجهاء وأمناء فوعده القناعي بالإصلاح.
ذهب القناعي إلى البحرين ليطلع على تجاربها في البلدية وأملاك الدولة، فعاد واقترح بوضع إدارة للمالية وأملاك الدولة...
أعود إلى أمانة اثنين عرفتهما وقد يكون هناك المزيد و(إن خليت خربت)... الوجيه سعد الناهض والوجيه صالح يوسف الفضالة.
اشترط الفضالة أن يكون حُراً ويرفض كل عطاء للراشين والمرتشين ولو تسلّم شخص آخر عمل الأستاذ الفضالة لصار أغنى من روتشيلد، المصرفي العالمي اليهودي الألماني الأصل صاحب أغنى أسرة في العالم... ومن هذه الأصالة ظهر النائب يوسف صالح الفضالة، الذي ضاق ذرعاً من مجلس الأمة وما يجري فيه... فتركه.