No Script

ما الفرق بين الركود والكساد الاقتصادي؟

تصغير
تكبير

تتوالى تحذيرات مديري كبرى المؤسسات العالمية وتقارير اقتصادية من تزايد احتمال دخول الاقتصاد العالمي في براثن الركود، خصوصاً بعد تعرّض اقتصاديات العالم لصدمة جائحة كورونا، أعقبها الغزو الروسي لأوكرانيا، وما نتج عنه من تعطيل لسلاسل الإمداد وزيادة كبيرة في الأسعار.

ووفقاً لتقرير صادر أخيراً من البنك الدولي، فإنّ تفاقم التباطؤ في وتيرة الاقتصاد العالمي بدأ يدخل فترة يمكن أن تصبح طويلة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع، نتيجة إنهاء العمل بالسياسات التيسيرية للبنوك المركزية لمواجهة تداعيات «كورونا»، إلى جانب تعطّل النشاط الاقتصادي والاستثمار والتجارة على المدى القريب، وضعف الطلب المكبوت، ما يدفع إلى الوقوع في الركود، في حين يحذّر محللون واقتصاديون مما هو أسوأ من ذلك، وهو دخول اقتصاد العالم بحالة كساد، تعتبر كارثة اقتصادية.

ما هو الركود؟

يُعرّف الركود الاقتصادي بأنه انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لربعين سنويين على التوالي، بينما يعّرفه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الأميركي على أنه تراجع كبير في النشاط الاقتصادي، يستمر لأكثر من بضعة أشهر.

وتشمل المؤشرات الدالة على حدوث حالة ركود، وفقاً للمكتب الوطني للبحوث الاقتصاية، انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتراجع الدخل الحقيقي، وارتفاع معدل البطالة، وتباطؤ الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة، وقلة الإنفاق الاستهلاكي.

وشهد العالم تاريخياً نحو 50 حالة ركود اقتصادي، بداية من ذعر النحاس في عام 1789 وحتى الأزمة المالية العالمية عام 2008، كما كانت حالات الركود إشاعة كثيراً خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وشهدت الفترة بين عامي 1945 و2001 نحو 10 حالات ركود فقط.

أما بالنسبة للكساد الاقتصادي فيُعرّف بتراجع وانكماش في النشاط الاقتصادي يحدث لفترات زمنية طويلة قد تبدأ بستة أشهر وقد تصل إلى عشرات السنوات. والكساد لا بد أن يصاحبه انخفاض في قيمة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة في معدلات البطالة وانخفاض في قيمة العملة الوطنية، وفي الوقت نفسه ينخفض الطلب على شراء أنواع السلع المختلفة إلى مستويات قياسية، بينما يظل ثابتاً في ما يتعلق بالغذاء.

ويرجع الاقتصاديون ذلك التراجع في الطلب، إلى انعدام أو شبه انعدام للقدرة الشرائية للمستهلكين نتيجة تأثر دخولهم النقدي إما بسبب فقد وظيفة أو الخوف من بيع أي ممتلكات لغياب الثقة في الاقتصاد على المدى الزمني القصير.

الكساد العظيم

وفي عام 1929، ضرب الكساد الولايات المتحدة الأميركية والعالم، في أزمة اقتصادية غير مسبوقة سمُيت في الأدبيات الاقتصادية والتاريخية بأزمة «الكساد الكبير» أو «Great Depression» واستمر لـ10 سنوات.

وبدأ الكساد مع انهيار «وول ستريت» ومؤشر «داو جونز» في أكتوبر من عام 1929، ليشهد ذلك العام بدء انهيار في أسواق المال، ثم ارتفاع معدلات البطالة إلى نسب كبيرة غير مسبوقة، ثم انكماش وهبوط الإيرادات الزراعية، وضياع فرص تحقيق أي نمو اقتصادي، حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية.

واختلفت الأسباب في شأن بداية الأزمة وتنوعت تلك الأسباب بين ارتفاع مديونية المستهلك ووجود أسواق سيئة التنظيم سمحت بقروض مفرطة في التفاؤل من قبل المصارف والمستثمرين، والافتقار لصناعات جديدة قادرة على تحقيق نسب نمو كبيرة.

ووصل الأمر إلى أسوأ أحواله في شتاء عام 1932، ثم تلته 4 سنوات من النمو، فيما خلّف الكساد أعداداً غير مسبوقة من البطالة والفقر.

كارثة اقتصادية

يؤكد اقتصاديون أن الكساد يعتبر كارثة اقتصادية حادة ينخفض خلالها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة لا تقل عن 10 في المئة، وهو أشد كثيراً عن الركود، وتمتد آثاره لسنوات، وهو في الحقيقة يكون بمثابة الكابوس بالنسبة للأعمال التجارية والمصرفية وأنشطة التصنيع.

ويقول إريك راشواي في كتابه «الكساد الكبير والصفقة الجديدة»، إن الكساد الذي ضرب أميركا في الربع الأول من القرن العشرين كان مقدمة لفترة طويلة من الركود الاقتصادي، الذي لا بيع فيه ولا شراء.

ويؤكد راشواي أنه لا يوجد تعريف موحد للركود أو الكساد، مبيناً أن هناك اعتقاداً معاصراً مفاده أن الكساد هو مجرد ركود حاد طويل الأجل.

نماذج تاريخية

أحد الأمثلة على الكساد، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في إندونيسيا عام 1998 بنسبة 18 في المئة، إضافة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لتايلند بنسبة 15 في المئة خلال العامين المنتهيين في الربع الأول من عام 1998، خلال ما يعرف بأزمة النمور الآسيوية. وكذلك ما حدث في ماليزيا عندما انخفض ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة في عام 1998، وفنلندا التي انكمش اقتصادها بنسبة 10.6 في المئة في الفترة ما بين عامي 1990 و1993.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي