استهداف شبه جزيرة القرم يضع موسكو أمام خيارات سيئة!
عام 2014، استولت القوات الروسية على شبه جزيرة القرم من دون قتال، وقال الرئيس فلاديمير بوتين، حينها، إنها ستنتمي لروسيا «إلى الأبد».
لكن بعد 8 أعوام، كشفت الانفجارات في قاعدة جوية ومستودع ذخيرة، نتيجة هجمات أوكرانية، عن ضعف موسكو، وتحولت شبه الجزيرة إلى ساحة معركة بين الجارتين، وهو ما لم يكن في حسبان موسكو.
وبحسب مصادر لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن الهدف المباشر لأوكرانيا ليس استعادة شبه جزيرة القرم، بل إضعاف قدرة روسيا على شن حرب في الجنوب والشرق، حيث تسعى كييف لاستعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو.
وتعتبر القرم موطناً لقواعد روسية كبيرة وتلعب دوراً حاسماً في إمداد القوات في أماكن أخرى.
ولمدة شهرين، استخدمت كييف قاذفات صواريخ بعيدة المدى، قدمتها الولايات المتحدة لضرب أهداف في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في البر الرئيسي الأوكراني.
لكن ضربات القرم أظهرت قدرة كييف على ضرب عمق المناطق الروسية التي تتجاوز مدى تلك الأسلحة الأميركية.
ودمر هجوم على قاعدة ساكي الجوية الأسبوع الماضي، ما لا يقل عن 8 طائرات حربية روسية، وفقاً لصور الأقمار الاصطناعية ومسؤولين أوكرانيين وغربيين.
وأعلنت روسيا، في المقابل، أن ذخيرة انفجرت ولم تفقد أي طائرات. ويوم الثلاثاء، دوت انفجارات في القرم جراء استهداف مستودع ذخيرة في شمال شبه الجزيرة.
ولم ينسب المسؤولون الأوكرانيون الفضل علناً إلى الصواريخ، لكن كبار المسؤولين قالوا إنها من عمل القوات الأوكرانية، بينما أعلنت موسكو، ان هجوم الثلاثاء «نفذه مخربون أوكرانيون".
وفي حادث آخر، قال نائب روسي ورئيس بلدية سيفاستوبول، إن عبوة ناسفة صغيرة حملتها طائرة مسيرة أصابت مقر أسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم أواخر يوليو الماضي، ما دفع موسكو إلى إلغاء مراسم تكريم البحرية.
وحتى الآن، رفضت الولايات المتحدة، الطلبات الأوكرانية لتوفير صواريخ أطول مدى يمكنها التحليق لأكثر من 185 ميلاً، وبالتالي يمكنها ضرب روسيا بشكل جيد.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة «هيمارس» والذخيرة التي قدمتها لكييف، يصل مداها إلى 48 ميلاً، بعد أن وعدت أوكرانيا بعدم استخدامها لضرب الأراضي الروسية.
ولا تعترف الولايات المتحدة مثل معظم الدول، بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا. وحذر المسؤولون الروس من أن الهجمات على القرم قد تؤدي إلى حرب مباشرة مع حلف شمال الأطلسي.
لكن مسؤولاً أميركياً قال إنهم لا يخبرون أوكرانيا كيف تقاتل، مشيراً إلى ان «القرم هي أوكرانيا، وأوكرانيا لها الحق في الدفاع عن نفسها».
وسبق أن أعلن مسؤولون أميركيون أنهم يتبادلون المعلومات الاستخبارية مع كييف في شأن القوات الروسية في شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس، لكنهم أضافوا أن الولايات المتحدة لم يكن لديها إشعار مسبق بالهجوم على قاعدة ساكي الجوية.
وأدت الضربات في شبه جزيرة القرم، إلى رفع الروح المعنوية للأوكرانيين، الذين عانوا من الحرب المستمرة منذ 24 فبراير الماضي.
ويؤكد الأوكرانيون أن الهدف هو تجنب الاصطدام المباشر مع القوات الروسية وإخراجها من الأراضي التي احتلتها في الأيام الأولى من الحرب، وبشكل أوضح، فان الهدف الأولي الرئيسي، هو العاصمة الإقليمية خيرسون على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
من جانبه، علق فريدريك كاغان، الزميل الأول في «معهد أميركان إنتربرايز»، وهو مؤسسة فكرية في واشنطن، على استهداف القرم، قائلاً «تقدم هذه الاستراتيجية للروس مجموعة من الخيارات السيئة للغاية، لكنها تقودهم إلى مغادرة الضفة الغربية لنهر دنيبرو... والسؤال الوحيد هو متى وبأي تكلفة»؟
وتشير انفجارات القرم، إلى أن أوكرانيا لديها قدرات إضافية مع صواريخ «هيمارس»، بما في ذلك الجماعات التخريبية التي يمكن أن تضرب خلف خطوط العدو.
وقال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، أخيراً، «إنها ليست قبضة بقبضة... إنه تكتيك متنقل وستستغرق هذه الاستراتيجية وقتاً».
لكن المسؤولين والمحللين يعتبرون انها أفضل طريقة لمواجهة خصم قوي.