«ميد»: القطاع المصرفي المحلي دخل مرحلة التعافي
محفظة قروض بنوك الكويت الأنظف خليجياً
- البنوك تتطلع للنمو عن طريق أدوات منها الاستحواذ
- 1.6 في المئة قروضاً متعثرة في مصارف الكويت مقابل 4 في المئة لنظيرتها الخليجية
- تطبيق «المركزي» الصارم لـ «بازل 3» ساعد البنوك ببناء احتياطيات رأسمالية قوية
ذكرت مجلة ميد أنه على الرغم من الاضطرابات السياسية والضغوط التضخمية، فإن القطاع المصرفي الكويتي في حالة تعافٍ، لافتة إلى أن مشروع استحواذ بيت التمويل الكويتي «بيتك» على البنك الأهلي المتحد - البحرين الذي تم إقراره أواخر يوليو الماضي، يعد من بين الدلائل على أن البنوك تتطلع إلى النمو عن طريق أدوات ووسائل مثل الاستحواذ، بعد الركود الذي تسبّبت به أزمة «كورونا».
وأفادت المجلة بأن صافي أرباح البنوك (باستثناء أرباح البنك التجاري) ارتفع للربع الثاني على التوالي في عام 2022، بعد أن زاد بنحو 3.4 في المئة على أساس ربع سنوي ليصل إلى 1.7 مليار دولار، مشيرة إلى أن نمو الأرباح كان واسع النطاق، حيث سجلت 7 بنوك من أصل 9 أرباحاً أعلى خلال الربع الأخير.
ونقلت «ميد» عن رئيس إستراتيجية وبحوث الاستثمار في شركة كامكو إنفست، جنيد أنصاري، قوله إن «نمو الأرباح يعكس زيادة بإجمالي إيرادات البنوك بنسبة 2.7 في المئة خلال الربع إلى 2.4 مليار دولار. وكان نمو الإيرادات بقيادة ارتفاع كل من الفوائد والدخل من غير الفوائد».
وعلى صعيد المصروفات، أوضح الأنصاري أن جميع البنوك تقريباً سجلت ارتفاعاً في نفقات التشغيل خلال الربع الثاني، بنمو إجمالي بلغ 25.2 في المئة، مبيناً أنه مع ذلك، فقد تم تعويض ذلك جزئياً من خلال أحد أكبر الانخفاضات الفصلية في المخصصات، وانخفضت محافظ خسائر القروض الإجمالية بأكثر من النصف إلى 193.7 مليون دولار خلال الربع الثاني.
من جانبها، تبدو وكالات التصنيف متفائلة على نطاق واسع في شأن آفاق القطاع المصرفي المحلي، إذ تتوقع وكالة موديز التي منحت النظام المصرفي الكويتي نظرة مستقبلية مستقرة في أبريل من هذا العام، استمرار تعافي الاقتصاد غير النفطي.
جودة الائتمان
وتعتقد «موديز» أن جودة القروض ستظل سليمة في ظل عودة الشركات والأسر إلى أنشطتها المعتادة بعد الجائحة. وفي حين أن الانكشاف الضخم للبنوك الكويتية على قطاع العقارات يشكل مخاطر - ليس أقلها ما أشارته إليه تقارير «ميد» في وقت سابق من هذا العام عن احتمال حدوث انخفاض مزدوج الرقم في أسعار العقارات في عام 2022 -، توافر احتياطيات وفيرة من المخصصات ورأس المال القوي مصدات للبنوك.
وترى «موديز» أن البنوك ستظل ممولة من الودائع، وفي الغالب من خلال الودائع منخفضة التكلفة، إذ شكلت ودائع العملاء أكثر من ثلثي جميع الالتزامات كما في ديسمبر 2021، مبينة أن القروض المتعثرة في البنوك الكويتية كانت عند 1.6 في المئة في عام 2021 منخفضة عن مستواها في 2020 الذي بلغ 2.2 في المئة، وأن برامج تأجيل سداد القروض في البلاد في 2021، انتهت دون أي تأثير كبير على جودة القروض المصرفية.
ومع ذلك، أظهرت جميع البنوك الخليجية - باستثناء المصارف الكويتية - خلال الربع الأول من العام الجاري انخفاضاً قوياً في مستويات المخصصات مقارنة بالعام السابق، حيث برزت الكويت في مواجهة هذا الاتجاه،لكن أنصاري يقول إن هذا لا ينبغي أن يكون مصدر قلق لا داعي له، مضيفاً: «لاحظنا أن تجنيب المخصصات في دول مجلس التعاون الخليجي كان مجرد مسألة توقيت وكان إلى حد كبير معيارياً في جميع أنحاء دول المنطقة. وظلت المخصصات المحجوزة من البنوك الكويتية ثابتة خلال الربع الأول من عام 2022، لكنها انخفضت بشكل حاد في الربع الثاني من العام».
عائد حقوق المساهمين
وأوضحت «ميد» أنه كانت هناك مخاوف أيضاً من أن تبدو مستويات أرباح البنوك الكويتية أقل من نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي، كما يظهر من انخفاض نسبة العائد على حقوق المساهمين نسبياً في الأشهر الأخيرة، عازية ذلك إلى انخفاض نسبة القروض إلى الودائع في البنوك الكويتية لنحو 75 في المئة، مقارنة بمتوسط البنوك الخليجية البالغ 80 في المئة تقريباً.
وأشارت إلى أن نسبة التكلفة إلى الدخل المرتفعة نسبياً في الكويت والتي بلغت نحو 44.2 في المئة مقابل متوسط البنوك الخليجية البالغ 39.7 في المئة ساهمت في انخفاض الربحية.
ومع ذلك، أكدت المجلة أن أكبر البنوك في البلاد من حيث الأصول، أظهر أداءً قوياً في صافي الدخل هذا العام، إذ أعلن بنك الكويت الوطني عن زيادة بنسبة 58.6 في المئة بصافي أرباحه للربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 395.3 مليون دولار، لافتة إلى أن هناك بعض المجالات التي تُظهر فيها البنوك الكويتية مقاييس أفضل من نظرائها في دول الخليج، مثل معالجة القروض المعدومة.
وقال أنصاري: «تتمتع البنوك الكويتية بمحفظة قروض أكثر نظافة في دفاترها، وتبلغ القروض المتعثرة 1.6 في المئة مقارنة مع متوسط 4 في المئة بالنسبة للبنوك الخليجية، ويمكن أن يعزى ذلك إلى النهج المحافظ في الإقراض من قبل البنوك في البلاد»، مضيفاً: «علاوة على ذلك، لا تزال قدرة الإقراض للبنوك المحلية قوية مع ميزانية عمومية قوية، حيث بلغ إجمالي الأصول 326.8 مليار دولار في نهاية الربع الأول من عام 2022».
سيولة قوية
ونوهت «ميد» إلى ما يتمتع به بنك الكويت المركزي من سمعة طيبة في التطبيق الصارم لمعايير بازل 3 لرأس المال، ما ساعد البنوك على بناء احتياطيات رأسمالية قوية، لافتة إلى أن حقوق الملكية العادية الملموسة للنظام المصرفي الكويتي بلغت نحو 13 في المئة من الأصول المرجحة بالمخاطر في نهاية عام 2021.
وبحسب وكالة موديز، تعززت ملاءة البنوك الكويتية من خلال الاحتياطيات الجيدة، والتي بلغت 270 في المئة من القروض المتعثرة كما في ديسمبر 2021.
وذكرت «ميد» أن إعلان «بيتك» نيته أخيراً بتقديم عرض للاستحواذ على ما يصل إلى 100 في المئة من «الأهلي المتحد» من خلال مقايضة الأسهم، هو مؤشر على طموحات بعض البنوك الكويتية في تعزيز نموها.
وأوضحت أنه بحسب «فيتش»، من شأن الاستحواذ على «الأهلي المتحد» أن يجعل «بيتك» ثاني أكبر بنك إسلامي على مستوى العالم من حيث الأصول بعد بنك الراجحي السعودي، كما سيعزز بشكل ملحوظ حصة «بيتك» من الأصول في السوق المحلية في الكويت، والتي سترتفع من 22 في المئة إلى 28 في المئة.
وأشارت «ميد» إلى أنه يمكن للبنوك الكويتية أن تتوقع استمرار التحسن في المؤشرات المالية الرئيسية التي شهدتها في الربع الثاني، مع المزيد من الأمل في عام 2023.
المنافسة المتزايدة ومخاطر العملة أبرز التحديات
أفادت «ميد» بأنه بالنظر إلى المستقبل، لا يزال يتعين على البنوك الكويتية مواجهة الضغوط.
ويرى أنصاري أن المنافسة المتزايدة هي التحدي الرئيسي للبنوك في المنطقة وكذلك الكويت، وخاصة من البنوك الرقمية، حيث أدى ذلك إلى عمليات اندماج في القطاع، وشهدت الأعوام القليلة الماضية عدداً من صفقات الاستحواذ والاندماج.
ويفتح طموح البنوك الكويتية بالتوسع في المنطقة أيضاً تحدياً آخر يتمثل بمخاطر العملة، إذ يعد الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه المصري والليرة التركية بمثابة تحذير محتمل من المشكلات التي قد تؤثر على البنوك التي تعمل في مصر وتركيا.