اشتهر المواطن الكويتي بحبه الكبير للسفر قبل حقبة النفط، إلا أنه كان سفراً بهدف السياحة بالنسبة للتجار وبهدف الحصول على لقمة العيش أولاً، ثم تأتي عملية التعرف على ثقافات أخرى، إلى أن جاء النفط ليتحول معظم الشعب الكويتي إلى محب للسفر بهدف التروي عن النفس وتغيير الجو وكسر الروتين وليس الهرب من ارتفاع درجة الحرارة في الكويت صيفاً، إذ ان المواطن الكويتي بات يسافر طوال العام تقريباً.
ولقد بدأ الكويتي بالسفر بهدف السياحة بدءاً ببعض الدول المحيطة بالكويت مثل العراق وايران، ثم توسعت الفكرة لتشمل جمهورية مصر العربية، ثم لبنان وسورية والاردن ولا ننسى فلسطين الحبيبة قبل احتلالها من قبل الكيان الصهيوني، وقد تطور الأمر إلى أن قام الكثير من أهل الكويت بشراء منازل أو شقق خاصة لهم في تلك الدول.
وينسى البعض أو يتناسى من أنه بمجرد سفره فانه عبر سلوكياته قد يدفع بالكثير من الناس إلى التسرع باطلاق الحكم عليه وعلى بلده، خاصة ان العرب لديهم ثقافة التعميم.
ومثلما وجد بعض الكويتيين الترحاب والتعاون من قبل أهل البلدان التي يترددون عليها إلا أنهم تعرّضوا للكثير من المواقف المحرجة والسيئة في تلك البلاد، أهمها كثرة النصب والاحتيال وبطرق عدة منذ اللحظة الأولى لوصولهم إلى المطار، ثم تتوالى عمليات النصب والاحتيال خاصة بالاسعار بدءاً بسيارة الأجرة وتكلفة التوصيل، مروراً بالمطاعم وأسعارها، وانتهاء بسعر الغرف في الفنادق والشقق عند تأجيرها، وغيرها من الأمور.
وإني لأعجب من بعض الدول العربية التي يكون لها سعر خاص بالخليجيين بينما لمواطنيها سعر خاص، وان استفسرت قال لك بسرعة إنها «أسعار سياحية»، وتلك مغالطة كبرى بل انها نوع من التدليس أو نوع من تبرير الغش والخداع علما بأن فلسفة الأسعار السياحية لا يتم التعامل معها مع السائح الاجنبي بل يتم التعامل معها فقط مع السائح الخليجي، الأمر الذي دفع بالكثير منهم من التوقف عن السفر إلى تلك الدول العربية الشقيقة إلى تجربة السياحة في تركيا والبوسنة وبقية الدول الغربية بل انهم باتوا يشجعون أهلهم وأصدقاءهم على تجربة السياحة بها.
إن مثل تلك الأمور تعصف بصناعة السياحة بصورة كبيرة، لذا تجد ان كمية الآثار في الدول العربية السياحية كثيرة بينما عدد السياح لا يتعدى سنوياً الخمسة ملايين، بينما دولة بحجم اسبانيا فانك تجد عدد السياح بها يتخطى الخمسين مليون سائح سنوياً والفرق كبير.
وأذكر قبل سنوات قليلة وبالتحديد قبل فترة جائحة كورونا وبسبب تصرفات قلة من السياح الخليجيين بشكل عام والكويتيين بشكل خاص، طالبت الصحافة الألمانية بعدم السماح لهم بالقدوم إلى ألمانيا وهي الدولة المتحضرة لان البعض منهم قام بإشعال النار على العشب في الحديقة من أجل تحضير قهوة عربية «الدلة» مع أنه كان بامكانه تحضيرها في شقته ثم حملها للتمتع بها، إضافة إلى ان أحدهم قام باصطياد بعض البط ثم قام بعمل مأدبة دعا لها بعض أصدقائه، حتى اكتشف الأمر من خلال أكياس القمامة التي كانت تحتوي على بقايا البط الألماني المسالم!
واستمر البعض في الكثير من السلوكيات وكانت وسائل التواصل الاجتماعي ترصد وتنشر بعض تلك التصرفات السيئة، مثال ذلك الشاب الكويتي الذي قام بسيارته الرياضية التي سافر بها إلى العاصمة الفرنسية، باريس، وقام «بالتقحيص» بها في مكان قريب جداً من برج إيفل الشهير والمكتظ بالسياح من مختلف دول العالم.
ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط بل استمر... إلى السياح الخليجيين الذين يأتون إلى سلطنة عُمان والذهاب إلى خريف صلالة الذي يبدأ في الحادي والعشرين من شهر يونيو حيث يكون الجو معتدلاً ويكون اللون الأخضر والضباب يغطي المنطقة، فيتسابق الكثير من أهل الخليج بالسفر إليها بهدف قضاء وقت ممتع بجو أسري، خاصة أن الكثير من العادات والتقاليد تكاد تتطابق مع دول مجلس التعاون الخليجي رغم خصوصية كل بلد، إلا انني تسلّمتُ فيديو يطالب فيه أحد المواطنين العمانيين السياح بضرورة المحافظة على النظافة، وتلك مشكلة تتكرّر في كل دولة عربية تقريباً عند القيام بالتنزه سواء كان ذلك في بلده أو أي بلد يزورونه.
نعم نحن بحاجة إلى حملة توعية قبل موسم السفر صيفاً، مثلما تقوم الحكومة وبعض جمعيات النفع العام بعمل حملة بهدف ترشيد الإنفاق بالماء والكهرباء.
همسة:
كل مسافر هو سفير لبلده أمام الآخرين.