No Script

مشاهدات

شبابنا والعنف... والمسؤولون عن ذلك

تصغير
تكبير

كلمة شباب، كلمة رنّانة، برّاقة، أخّاذة...

كيف لا؟ وهم الذين يعتبرون عماد أي أمة وسر نهضتها، وهم بناة حضارتها وخط الدفاع الأول عنها بإنجازاتهم، هم الطاقة الدافعة والشابة لتطوير البلاد بقدراتهم الفكرية وتوجهاتهم السديدة، ووعيهم بمدى أهمية التمسك والاعتصام بحبل رقي الوطن.

ولو تأملنا في التاريخ الإنساني وبحثنا عن دور ومواقف الشباب في العصور القديمة جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا لوجدنا الكثير من المواقف البطولية التي صنعها الشباب، والتي تبرز تضحياتهم ومواقفهم البطولية، وأوضح مثال على ذلك مواقف شباب الكويت البطولية أثناء الغزو العراقي الغاشم.

كما أن الشاب الكويتي أثبت جدارته أثناء جائحة كورونا بشكل مُذهل، والتي أبرز من خلالها مدى إحساسه بمسؤوليته الكبيرة في مساعدة أجهزة الدولة على مواجهة هذه الجائحة، لهذا نرى أن تحفّز الشباب وروحيتهم العالية وطاقاتهم الكامنة تحتاج إلى عناية خاصة، وكذلك مشاعرهم وأفكارهم، وأحاسيسهم تحتاج إلى اهتمام ومراقبة، وأن على الدولة أن تخطط للمستقبل وذلك بالاحتفاء بالشباب وتربيتهم وتنمية طاقاتهم وحمايتهم من الضياع، لأن الشباب هم مقياس تقدم الأمم وتأخرها، ومعيار رقيها وانحطاطها.

إنّ ما يؤلم أن نرى بعض الشباب قد انحرفوا عن طريقهم ودينهم وسلكوا مسالك خطيرة، ما أدى إلى انتشار العنف في المجتمع، فبين الحين والآخر نسمع عن قصص دامية، وعن جرائم مؤلمة نكاد لا نحصيها بسبب ازديادها غير الطبيعي، وهي ظاهرة العنف بين الشباب.

وبالفعل هي مأساة وظاهرة غريبة على مجتمعنا المسالم، ففي السابق كانت هذه الحوادث عبارة عن مشاجرات واحتكاكات جسدية وتصارع بالأيدي وتبادل اللكمات، ولكن تغيرت الأحوال في زمننا الحالي، فأصبحت المشاجرة الآن تستخدم فيها الأدوات الحادة كأمواس الحلاقة والسكاكين والسلاسل الحديدية والسيوف والأسلحة النارية، ناهيك عن استخدام السيارات للدهس؟

وللاسف فقد زهقت أرواح أشخاص كثيرين لأسباب تافهة.

بعد هذه الحوادث المؤسفة فإن الأمر يتطلّب انتفاضة كلٍ من الحكومة والمؤسسات الرسمية والمسؤولين للقيام بمهام وظائفهم والاهتمام بأعظم ثروة تملكها الدولة ألا وهي الشباب، وأن يبحثوا عن طرق ووسائل جديدة عاجلة لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم ومحاولة القضاء على الجهل والطيش عندهم عبر تطوير المناهج الدراسية الأساسية، وتثقيف المجتمع، وذلك عن طريق تعليمه طرق التعامل الأمثل مع الشباب والبحث عن أسباب حدوث هذا العنف الإجرامي، ووضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة السيئة.

فالعنف أسبابه عديدة منها الأسرة المتفككة، وضعف الوازع الديني لدى الأفراد ما يؤدي إلى التطرف واستخدام العنف لفرض الرأي على الآخرين، وتعاطي الملوثات التي تؤثر على العقل كالخمور والمخدرات، وأوقات - الفراغ الضائعة - كما قال الشاعر:

إنّ الفراغ والشباب والجدَة

‏مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسدة

(وذلك ما سنسلّط الضوء عليه؟)

ففي السابق كانت هناك مؤسسات عدة تهتم بالشباب والأسرة لقضاء أوقات الفراغ والانتفاع بها - مثل:

1 - مراكز الشباب التي كانت تستقطب الشباب لممارسة هواياتهم الرياضية والفنية والاشتراك بأحواض السباحة.

2 - دروس التقوية في المدارس الحكومية، وكانت بالمجان أو بمبلغ زهيد لا يتعدى الخمسة دنانير للمادة.

3 - الأندية الصيفية للجنسين والتي تمارس فيها جميع الأنشطة.

4 - خدمات شركة المشروعات السياحية، وكانت بأسعار تنافسية وفي متناول الأسر الكويتية قاطبة، كالمدينة الترفيهية والشاليهات في جزيرة فيلكا والخيران والواجهة البحرية والمقاهي الشعبية.

5 - فعاليات الحدائق العامة الحافلة بالفنون الغنائية.

6 - المكتبات العامة وكانت بيئة خصبة وواحة أدبية وعلمية ينهل منها الشاب المعلومات من فروع العلوم كافة ويزيد من حصيلته العلمية.

7 - حدائق الأطفال التي كانت تنمي مواهب الأطفال بالفنون المختلفة.

وللأسف لم يتم تطوير كل ما ذكر أعلاه، وأهملت اذا لم تكن قد تم إلغاء تلك الأنشطة من قِبل المسؤولين عن إدارة هذه القطاعات لأسباب قد تكون:

1 - بسبب الإهمال وعدم الاختصاص؟

2 - بسبب عمدي لأمرٍ ما؟

كل تلك الخدمات الحكومية المجانية أو الرمزية تلاشت، وتدخلت أطراف تجارية أخرى لتوفيرها للناس بدلاً عن الحكومة، حيث تم وضع هامش ربح عالٍ ومبالغ مالية كبيرة تفوق سعر السفر إلى الخارج بحيث لا يتمكن ربُّ الأسرة من توفيرها لأسرته لضخامة المبالغ المطلوبة منه.

فأين دور الرقابة في تحديد أسعار تلك المنشآت السياحية المربحة؟

وقد استحوذت الشركات الخاصة التي يملكها الأفراد على هذه المنشآت وقامت بدور مؤسسات الدولة الخدمية لإدارتها والاستفادة منها ربحياً مثل الشاليهات والألعاب الترفيهية، والواجهة البحرية والمطاعم والمقاهي.

- حديقة الحيوان من المرافق العامة المتاحة للجميع بهدف التعرف على الحيوانات من ناحية، وفي الوقت نفسه للترفيه عن من يرتادها، باتت مهملة ولا تقوم بدورها المطلوب منها، بدلاً من تطويرها وإدارتها بنجاح لتكون ساحة ترفيهية وترويحية وثقافية.

- المقاهي الشعبية يجب أن تفتح طول اليوم خاصةً في فترة الإجازة الصيفية ليستفيد منها الجميع.

نتساءل، أليس دور هؤلاء المسؤولين عن تلك المؤسسات الحكومية التطوير وحُسن إدارتها للمراكز التي يشغلونها ويتلقون رواتب نظير العمل الموكل إليهم؟

نجد المشروعات السياحية تركت دورها المنوط بها إلى القطاع الخاص من دون تحديد أسعار الشاليهات أو الألعاب أو المطاعم التي استغلتها الشركات والمتواجدة على المواقع البحرية على امتداد الساحل البحري.

الخلاصة:

الواجهة البحرية مَعلمٌ سياحي وترفيهي مهم، وبما أن الدولة تملك تلك المواقع فالمفترض تحديد الأسعار وبهامش ربحي معقول لكي يستفيد الجميع منها، فيستفيد المستثمرون من تلك المواقع ربحياً وكذلك المواطنون يتمكنون من قضاء أوقات جميلة ويرفّهون عن أنفسهم في حدود ما تسمح به ميزانية أُسرهم.

فالشباب في أشد الحاجة اليوم إلى مقومات تأمين حياتهم الحالية والمستقبلية وتوضيح ذلك لهم، لأنهم أهم ركائز المجتمع، فالشباب هم رجال المستقبل الذين سيحملون مسؤولية الوطن كاملة، وهم الذين تم تعليق الآمال عليهم والمنتظر منهم الكثير، وهم أمل الحاضر والمستقبل، وهم المرجو منهم النهوض لإدارة الدولة وذلك حين يصبحون أكفاء وجديرين بتحمّل المسؤولية.

وكذلك تجب محاسبة كل المسؤولين عن إدارة تلك المرافق وملاحقتهم قانونياً بسبب الإهمال، فالمحاسبة مطلوبة، لتكون رادعاً لكل من تسوّل له نفسه الإضرار بمنشآت الدولة، خاصةً إذا كان هذا الأمر سيتسبّب في دمار شباب الوطن الذي هو بحد ذاته دمار للمجتمع.

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي