مجرد رأي

النواف ولعنة المحاصصة

تصغير
تكبير

ربما لا يعد سراً القول إن تسمية الشيخ أحمد النواف رئيساً للوزراء حملت دلالات إيجابية كثيرة، وعكست ارتياحاً واسعاً لدى مختلف الأوساط سواء الشعبية أو السياسية أو حتى الاقتصادية.

فباختصار وبعيداً عن أي تعقيد تعول الغالبية إن لم يكن الجميع على تأثيرات الشيخ أحمد المفيدة في معالجة التجاذبات السياسية التي تشهدها الكويت بين القوى المختلفة منذ فترة طويلة للدرجة التي تغيرت فيها الحكومة أربع مرات خلال عامين! ما يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل التنمية والعملية السياسية.

من حيث المبدأ مجرد اختيار الشيخ أحمد رئيساً للوزراء جاء بمثابة وضع قطار الإصلاح على مسار السكة الصحيح، وما يعزز ذلك أن اختياره نال توافقاً شعبوياً تاريخياً وهو لم يحدث منذ زمن طويل، ما يعني تجاوز الحاجز الأول والأهم سياسياً وهو ما يفلح من سبقه في تخطيه من لحظة إعلان اسمائهم على الأقل بالدرجة نفسها.

ولعل ما يزكي موقف الشيخ أحمد لدى المجتمع الكويتي والقيادة السياسية أنه معلوم عنه أن حدوده لا ترسمها المجاملات والديبلوماسية، على الرغم من عراقة تربيته سياسياً «أباً عن جد»، حيث يمتاز بصراحة الموقف وأن هدفه الأول والأخير الكويت.

ورغم التفاؤل الكبير بالمستقبل السياسي للبلاد إلا أنه لا يمكن تجاوز حقيقة أن الأزمة السياسية والمالية لم تنته وأن العلاج السريع يتمثل في تشكيل حكومة تنسجم في تركيبتها مع متطلبات المرحلة الحالية ومستهدفاتها بكل تحدياتها.

وإنجاح ذلك يستدعي خلو التشكيل الوزاري من لعنة المحاصصة وشراء الولاءات واستبدال ذلك بغرس ثقافة اختيار الوزير القوي الأمين والأنفع والأجدر للكويت والقادر على تقديم قيمة مضافة للعمل الحكومي في إطار رؤية واضحة جماعية وذاتية.

فتحقيق التنمية سياسياً ومالياً يحتاج أكثر من مجرد أموال مرصودة، باعتبار أن دور الجهاز الحكومي ليس مجرد طرح خطة بل مقدرة على تنفيذ الخطة التي تدفع البلاد خطوات للأمام.

ولذلك، يتعين أن تكون مسطرة اختيار الوزراء في التشكيل الجديد غير معوجة بأهداف سياسية ضيقة، إذ يجب أن تكون مستقيمة بأن يكون اختيار الوزير بقدر ما يمتلكه من قدرة فعلية على أن يكون شريكاً حقيقياً في صياغة المرحلة المقبلة بجميع مستهدفاتها التنموية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

ومن باب الموضوعية المهمة ليست سهلة، فالاستحقاقات كثيرة والمعوقات أكثر تعقيداً، وهذا في حد ذاته يؤكد أهمية أن تكون معايير اختيار الوزراء قائمة على صرامة التمتع بالكفاءة والقدرة على الإنجاز والتحلي بالنزاهة والخبرات والجرأة في اتخاذ القرارات الإصلاحية الصعبة ببرامج عمل واضحة ومتقدمة عن البرامج السابقة التي اعتمدت أكثر على الأقوال أكثر من الأفعال، إلى جانب ضرورة أن يكون ذاتي القيادة.

علاوة على مراعاة معيار التجانس بين الوزراء والتكاتف من أجل تحقيق المصلحة العامة والمساهمة الفعلية في إنجاح تطوير عمل الحكومة، والارتقاء بأدواتها، ورفع قدرتها على تحقيق الأهداف المطلوبة، بما ينعكس في نهاية الأمر على رضاء المواطن، باعتباره ركيزة اهتمام الدولة، وقمة هرم أولوياتها.

الخلاصة:

ربما يكون مفيداً استحضار حقيقة أن الحكومة المقبلة هي حكومة الفرصة الأخيرة إذا لم نعد نملك ترف الوقت في استمرار الجدل السياسي حول ماهية وجنس المستهدفات التنموية، باعتبار أنها معلومة للقاصي والداني بحكم وجوبها منذ سنوات طويلة فضلاً عن اكتظاظ المكاتب الحكومية ومؤسسات النفع العام والجهات ذات العلاقة بالدراسات المحلية والعالمية والخطط الواجب تنفيذها فوراً.

ومن باب التأكيد يتطلب ذلك حسن اختيار الوزراء بحيث تكون التشكيلة المقبلة متكاملة وقادرة على تحريك قطار تنمية الكويت للأمام بخطوات سريعة ومستدامة، أخذاً بالاعتبار أن المهمة ليست سهلة وعلى الجميع أن يعي ضرورة تكاتف جميع مؤسسات ومكونات المجتمع في حلحلة التحديات التي تراكمت خلال السنوات الماضية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي