قال عمر بن عبدالعزيز، للقاضي إياس بن معاوية: دُلّني على قومٍ من القُرّاء لتوليَتِهِم عُمّالاً. فردّ عليه قائلاً: القُرّاءُ ضربان؛ ضربٌ يعملون للآخرة وأولئك لا يعملون لك، وضربٌ يعملون للدنيا فما ظنك بهم إذا مَكّنتهم منها...!
من منطلق أضرابُ إياس نستهلُّ حديثنا عن المشروع الشبابي الإصلاحي فما هو هذا المشروع وما المقصود بالاستقامة والاستدامة؟ وهل توقيت المشروع مناسب؟ وهل تَصعُبُ آليةُ إقراره؟
المشروع الإصلاحي:
هو مشروع إصلاحي شامل تقدّم به مجموعة من الشباب الوطني وبمشاركة ثُلةٍ من النواب الحاليين والسابقين وشخصيات سياسية واقتصادية وممثلي التيارات ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الطلابية، ويرتكز المشروع على إصلاحاتٍ سياسية واقتصادية، ويسلّط الضوء على الخلل الإسكاني ومعضلة البطالة وتدني التعليم وسوء المرافق الصحية والنهوض بكوادرها، ومحاربة الفساد وتحصين الأموال العامة من سُرّاقها.
إنّ في إقرار كل هذه القوانين خروج البلد من حال الإعوجاج إلى الاستقامة والمحافظة على استدامتها من خلال مراقبة الشعب لنوابه والضغط عليهم.
وسأخصص هذه المقالة لبند الإصلاح السياسي لما له من أهمية واعتباره الحجر الأساس الذي يُبنى عليه كل ما سلف ذِكره من إصلاحات. هو مُضغَةُ الجسد؛ فإن صَلُحت صَلُح الجسدُ كله. وهو الاختبار الحقيقي للحكومة الجديدة فإما لها أو عليها.
اعتمد بند الإصلاح السياسي على أمور عدة، منها:
- إقرار قانون إنشاء المفوضية العليا للانتخابات.
- إقرار قانون تعديل النظام الانتخابي، وإقرار التصويت بالبطاقة المدنية إضافة إلى الجنسية.
- إقرار تعديل إنشاء المحكمة الدستورية لإرجاع اختصاص الفصل في الطعون الخاصة بانتخاب النواب وصحة عضويتهم.
- إقرار التعديلات الخاصة بالحبس الاحتياطي وحرمان السياسي.
- إقرار التعديلات على اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بحيث يكون انتخاب مناصب مكتب المجلس بطريق الاقتراع العلني وتمكين المجلس من إعفاء الرئيس ونائبه من منصبيهما وتمكين المجلس من انعقاد جلساته متى ما اكتمل النصاب دون حضور الحكومة.
هل التوقيت مناسب؟ وما آلية إقراره؟
ألّا يُقر الجميع أننا نعيش حالة من الفوضى الانتخابية وتلاعُباً صريحاً في نقلٍ غير مشروع للقيود الانتخابية بين الدوائر تجاوز الـثلاثين ألف ناخب خلال الخمس سنوات الماضية؟ ألا يكونُ مع بداية كل فصلٍ تشريعي صِدام (النيابي/النيابي) حول آلية التصويت لمناصب مكتب المجلس ومدى لائحتيها؟ فهذا يريدها سريةً إلكترونية، وذلك يدعو لسريّةٍ ورقيّة، وطرفٌ ينادي بالعلنية. أليس إقرار التعديلات اللازمة للائحة أضمن لنا من بِدعة «الباركود» والتي مع وجودها لم يسلم 12 نائباً من التشكيك في مواقفهم؟!
لا يختلف اثنان أن كل ما سلف إجماعٌ شعبيّ وإرادةُ أمة. فما الذي يمنع المجلس الذي يملك الغالبية المريحة لإقرار كل هذه القوانين والتعديلات في جلسةٍ واحدة؟ ولماذا يسارع البعض للحيلولة دون إقرارها وإدخال البلد في «تيه» الانتخابات؟
إنّ مَن يطالبون بهذا المشروع لا يريدون الانتخابات المقبلة إلّا نزيهة خاليةً من التزوير غير المباشر والتحايل على النظام الانتخابي. وإن كل مدّعٍ للوطنية يعارض هذه المطالب بحجَجٍ واهية وغير مقنعة إنما يساهم بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر في تشتيت الإرادة الشعبية كلمتها. ولسان الحال يقول:
أبشر بطولِ سلامةٍ يا أحمدُ.
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com