No Script

ربيع الكلمات

الحكم على الآخرين... مرض!

تصغير
تكبير

الحكم على الآخرين المنتشر هذه الأيام يفقد صاحبه السلام الداخلي والشعور بالراحة والانسجام مع النفس، ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت وساعدت على انتشار ظاهرة الحكم على الطرف الثاني، وهو ناتج من ميول وهوى في النفس لتقييم الآخرين من زاوية معينة غير موضوعية، ونشاهد هذه الظاهرة في البيت أو العمل وفي المجالس المختلفة.

مشكلة النظر للآخرين وانتقادك لهم يشغلك عن نفسك، لأن للمشاعر طاقة، وكثرة الحكم على الآخرين تعطيك طاقة سلبية تعميك عن الإنجاز والتقدم والنمو، وقد يكون النقد على الشكل أو اللبس أو العادات والتقاليد...، والشواهد في المجتمع كثيرة على ذلك.

انتهت مسألة استحواذ «بيتك» على بنك «الأهلي المتحد»، ومن حقك أن تبدي وجهة نظرك ولكن بعد الاطلاع الكامل على كافة التفاصيل وأسباب التأخير ورأي المختصين، وما هو الأثر الايجابي والسلبي لهذه الصفقة، ولكن الغريب هو أن الكثير من المعارضين أو الموافقين عليها لم يطلعوا على تفاصيل التقييم وهل هناك أثر ايجابي أو سلبي على مستقبل الاقتصاد! لذلك نجد التناحر في وسائل التواصل. وكيف لشخص لم يقرأ ولم يطلع أو يسأل وتجده مؤيداً أو معارضاً... ولكن من باب شخصنة الموضوع.

المشكلة أن الكل شايف نفسه على الآخرين، ونلاحظ قلة الاحترام بين الناس، والكل يشتكي من كل شيء، وتقول بعض كتب الروايات بأن أبونعيم الأصفهاني وعظ أصحابه موعظة ذرفت منها عيونهم وجعلهم يبكون... فقام أحدهم وسرق كتابه!، فقال لهم «ويحكم كلكم يبكي فمن سرق الكتاب». وهذا حالنا مع الوطن، الكل يشتكي ويلقي باللائمة على الآخر، وفي الحقيقة الكل مشترك في ذلك، ولكن النسب تتفاوت، فهي على الحكومة أكبر كونها لديها كل شيء تقريباً، من ميزانيات وتعيينات على حساب الولاء في السابق ونلاحظ تغيير هذه النبرة في الفترة الأخيرة، وهذا لا يعفي أحداً من المسؤولية. الموظف الذي يتسلم راتبه دون أن يعمل أو التاجر الذي يغش الناس، أو عضو مجلس الأمة الذي يقدم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.

على الجميع أن يتحمل مسؤوليته تجاه نفسه والآخرين، والذين يحكمون على الآخرين دون تثبت هم أشخاص يريدون أن يستفيدوا منها لأسباب خاصة جداً وشخصية بالدرجة الأولى، وللاستفادة منها إما في الانتخابات وكسب تعاطف أكثر عدد من البسطاء والعزف على مشاعرهم البسيطة، وإما حتى أنه يريد منصباً معيناً له ولمن حوله، وإما اقصاء طرف وقد تكون معاملة خاصة يريد تمريرها أو أجندات أخرى، ويجب ألا ننسى أن هناك جهوداً مخلصة تريد نشر الوعي الصحيح، وتلاحظ ذلك من خلال حديثهم في الوسائل المختلفة، وهم يستحقون التقدير والاحترام.

إننا بأمس الحاجة للحديث عن التسامح وثقافة الحوار دون تعصب وحكم على الآخرين، وأن يعرف المتحاورون أن هناك حدوداً يقف الجميع عندها، حتى لا يتحول كل حوار إلى صراع، فكسب القلوب مقدم على كسب المواقف خاصة لمن هم حولك، فالمذاهب والطوائف كانت وستظل موجودة وشاهدة على تنوع الآراء، ولو تأمل المرء لوجد أن القواسم المشتركة أكثر بكثير من التقاطعات والاختلافات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي