ارتفاع أسعار الغاز والنفط... ومخاوف من الأسوأ
بوتين يستعجل «خنق» أوروبا
- دول «الأوروبي» توصّلت لاتفاق في شأن كيفية خفض استهلاك الغاز 15 في المئة
- روسيا تريد استباق إيجاد أوروبا بدائل ثابتة للغاز وتخزين كميات كافية للشتاء
- محللون: إذا وقعت الدول الأوروبية في فخ بوتين فسيتضرر الاقتصاد كثيراً
عواصم - وكالات - واصل سعر الغاز الأوروبي ارتفاعه، أمس، مسجلاً أعلى مستوياته منذ سعره القياسي في مارس الماضي، غداة إعلان مجموعة «غازبروم» الروسية خفضاً جديداً لإمداداتها إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم»، في خطوة ستؤدي عملياً إلى تراجع الإمدادات بنحو 80 في المئة، منذ بدء الأزمة التي تسببت بها الحرب الروسية في أوكرانيا.
وجرى التداول بغاز «تي تي إف» الهولندي، الغاز الطبيعي المرجعي في أوروبا، بحدود سعر 192.00 يورو للميغاواط ساعة، مسجلاً المستويات التي شهدها عند بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النفط أيضاً.
وكانت «غازبروم» أعلنت أنها ستخفض شحنات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم» إلى 33 مليون متر مكعب يومياً اعتباراً من اليوم الأربعاء، مشيرة إلى أنها ستعلق عمل توربين آخر بسبب «مشكلة تقنية في المحرك».
وأوضحت أن «القدرة الإنتاجية لمحطة الضغط بورتوفايا ستصبح 33 مليون متر مكعّب في 27 يوليو (اليوم)»، أي نحو 20 في المئة من سعة خط أنابيب «نورد ستريم»، مقابل 40 في المئة حالياً.
واقترحت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي على الدول الأعضاء خفض استهلاكها للغاز بنسبة 15 في المئة على الأقلّ اعتباراً من أغسطس المقبل، من أجل قضاء فصل الشتاء من دون مواجهة كارثة كبرى.
وتوصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق، أمس، في شأن كيفية خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 في المئة وخفض اعتمادها على الإمدادات الروسية.
وذكرت رئاسة الاتحاد الأوروبي أنها «لم تكن مهمة مستحيلة!»، مضيفة «توصل الوزراء إلى اتفاق سياسي على خفض الطلب على الغاز قبيل الشتاء المقبل».
وكانت شحنات الغاز الروسي تمثل نحو 40 في المئة من واردات الاتحاد الأوروبي حتى العام الماضي.
واعتبر المحلّل تاماس فارغا لدى مجموعة «بي في أم» PVM للطاقة أن «الأسهم الأوروبية بعيدة عن مستوى 90 في المئة المطلوب وهناك مخاوف متزايدة من أن تستخدم روسيا الغاز الطبيعي كسلاح للحصول على تنازلات من الغرب»، في إطار الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورأى وزير الطاقة في الجمهورية التشيكية، التي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حالياً، أن ارتفاع أسعار الغاز «دليل إضافي» على ضرورة أن «تخفّض أوروبا، في أسرع وقت ممكن، اعتمادها» على الغاز الروسي.
ومن ناحية النفط، ارتفع سعر برميل خام برنت من بحر الشمال للتسليم في سبتمبر المقبل 1،45 في المئة إلى 106،67 دولار.
كما ارتفع سعر برميل النفط الأميركي غرب تكساس الوسيط للتسليم في الشهر نفسه بنسبة 1.73 في المئة إلى 98.37 دولار.
وأوضح المحلّل لدى شركة الوساطة المالية البريطانية أكتيف تريدز «ActivTrades» ريكاردو ايفانجيليستا أن المخاوف في شأن إمدادات أوروبا من الغاز الروسي لها تأثير جانبي على أسعار النفط، إذ «من المرجّح أن يؤدي ضغط محتمل للغاز المسلّم إلى أوروبا إلى ارتفاع الطلب على النفط وأنواع موارد طاقة أخرى مثل الديزل».
وقال المحلّل ستيفن إينيس من شركة «اس بي آي أسيت مانجمنت» SPI Asset Management السويسرية إن «العرض المادي المحدود الذي زاد بسبب خفض إمدادات الغاز الروسي، هو مصدر الأرباح».
ولفت إلى أن اتساع فجوة الأسعار بين خام برنت وغرب تكساس الوسيط (بين 8 و9 دولارات الآن)، «علامة على تشديد أكبر في أوروبا من ما هو الوضع في الولايات المتحدة».
وفي تحليل لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يتعجل لخنق أوروبا قبل أن تستطيع إيجاد بدائل ثابتة وتخزين كميات كافية للشتاء المقبل».
ويبدو أن الوطأة الأكبر من خفض الغاز ستقع على كاهل الصناعات في ألمانيا، التي تستهلك نحو ثلث الغاز المتاح بالبلاد.
وقال سيمون تاليابييترا، الزميل البارز لدى المؤسسة الفكرية «Bruegel» المتخصصة في السياسات الاقتصادية، ومقرها بروكسل: «إذا وقعت الدول الأوروبية في فخ بوتين وواجهنا سيناريو حمائية الطاقة بحلول الشتاء، فسيتضرر الاقتصاد تضرراً أسوأ بكثير».
وبحسب وكالة «بلومبرغ»، فإن أسواق المال تضع تنبؤات تشاؤمية إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز كلياً إلى أوروبا، من بينها هبوط الأسهم الأوروبية بنسبة 20 في المئة، وانخفاض سعر اليورو مقابل الدولار إلى 90 سنتاً.
وقال تشارلز هنري مونشاو، كبير موظفي الاستثمار بشركة «Banque Syz»: إن «أوروبا الآن عالقة في حلقة مفرغة»، وإن ارتفاع أسعار الطاقة يضرّ اقتصادها، ويؤدي إلى انخفاض اليورو. وفي المقابل يجعل انخفاض اليورو واردات الطاقة أغلى ثمناً.