مخاطر الركود تتزايد بسبب حرب أوكرانيا
«الوطني»: «المركزي» الأوروبي يواجه مهمة أصعب من أقرانه
- طلبات إعانات البطالة في أميركا قد تستمر بالارتفاع نتيجة الرفع المتواصل للفائدة
لفت بنك الكويت الوطني إلى ارتفاع طلبات الحصول على إعانات البطالة الأميركية للأسبوع الثالث على التوالي، لتسجل أعلى مستوياتها منذ نوفمبر الماضي، مع إعلان المزيد من الشركات عن تسريح الموظفين.
وذكر «الوطني» في تقريره الأسبوعي حول أسواق النقد أن الطلبات المُقدمة لأول مرة للحصول على الإعانات الحكومية ارتفعت بواقع 7 آلاف طلب لتبلغ 251 ألفاً خلال الأسبوع المنتهي في 16 يوليو الجاري، وفي الوقت ذاته، ارتفعت المطالبات المستمرة للحصول على إعانات البطالة بنحو 51 ألف طلب إلى 1.38 مليون خلال الأسبوع المنتهي في 9 يوليو، مسجلة أعلى زيادة أسبوعية منذ نوفمبر.
وأوضح التقرير أنه في ظل تزايد المخاوف من الركود، قد يستمر تزايد طلبات الحصول على إعانات البطالة، خاصة بعد رفع الاحتياطي الفيديرالي سعر الفائدة مرات عدة بأعلى المستويات منذ عقود، ما قد يحد من طلبات التوظيف، إلا أن معدل البطالة ظل عند مستوى 3.6 في المئة للشهر الرابع على التوالي، بما يتماشى مع أدنى مستوياته المسجلة في 50 عاماً، والتي شهدناها آخر مرة قبل تفشي الجائحة في عام 2020.
الفائدة بأوروبا
وأوروبياً، أشار التقرير إلى رفع البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ 11 عاماً بمقدار 50 نقطة أساس، لتصل بذلك إلى أعلى معدل منذ عام 2000، بعد أن كان المتداولون قد توقعوا رفع الفائدة بمعدل أقل بمقدار 25 نقطة أساس، منوهاً إلى أن قرار «المركزي» الأوروبي يتسق مع توجهات البنوك المركزية الأخرى، التي قامت بتشديد سياستها النقدية، لينهي بذلك تجربة استمرت 8 سنوات، حيث كانت تكاليف الاقتراض خلالها دون الصفر.
وبين «الوطني» أن هذا الإجراء المتشدد المفاجئ جاء بالتزامن مع الموافقة على أداة سياسية جديدة بعنوان «أداة حماية انتقالية»، وهي خطة جديدة لشراء السندات بهدف مساعدة دول منطقة اليورو الأكثر مديونية، والحد من الاختلاف الكبير في فروق الأسعار للدول الأعضاء.
وفي سياق حديثها بعد الإعلان عن القرار، بررت رئيسة «المركزي» الأوروبي كريستين لاغارد الزيادة الكبيرة لسعر الفائدة قائلة: «يستمر التضخم في الارتفاع بشكل غير مرغوب فيه، ومن المتوقع أن يظل فوق المستوى المستهدف لبعض الوقت. وتشير أحدث البيانات إلى حدوث تباطؤ في النمو، ما يطغى على توقعات النصف الثاني من عام 2022 وما بعده».
ولفت التقرير إلى أن «المركزي» الأوروبي يواجه مهمة أصعب من معظم أقرانه العالميين، إذ إنه وبصرف النظر عن وضع السياسة النقدية لاقتصادات الدول الأوربية التسعة عشر، تتزايد مخاطر حدوث ركود بسبب الحرب في أوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع معدلات تضخم تكاليف الغذاء والوقود، وتعتبر ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، أكثر الدول عرضة للمخاطر بصفة خاصة نتيجة اعتمادها الشديد على إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، التي أصبحت محدودة بعد فرض العقوبات، إلا ان التدفقات عبر خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم عادت مرة أخرى الأسبوع الماضي بعد استكمال أعمال الصيانة، ما وفّر بعض الارتياح للأسواق.
انكماش الأعمال
وأفاد التقرير بأن النشاط الاقتصادي تقلص في يوليو بالتزامن مع انكماش قطاع التصنيع وركود قطاع الخدمات، إذ كشفت البيانات الأولية لمنطقة اليورو عن انخفاض مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 49.4 في يوليو مقابل 52 في يونيو، متراجعاً دون مستوى 50 للمرة الأولى منذ فبراير 2021، وباستثناء تدابير الإغلاق لاحتواء الجائحة، يعتبر هذا أول انكماش يتم تسجيله منذ عام 2013، فيما شهد عصب الاقتصاد الأوروبي، أي الاقتصاد الألماني، تراجع مؤشر مديري المشتريات لقطاعي الصناعة والخدمات إلى 49.2 نقطة لكليهما.
وذكر أن توقعات الاقتصاديين تشير إلى تسجيل معدلات نمو متواضعة، حيث تضاف تلك البيانات إلى الإشارات الدالة على أن الركود قد يكون وشيكاً، فيما تسلط الضوء أيضاً على ضعف اقتصاد منطقة اليورو، الذي يواجه الآن تراجعاً مفاجئاً في تدابير التحفيز النقدي عقب قيام «المركزي» الأوروبي برفع الفائدة لأول مرة منذ أكثر من عقد.
وفي حين لا تزال إمدادات الطاقة مصدر قلق كبير، حيث قامت روسيا بتقليص تدفقات الغاز الطبيعي رداً على العقوبات الغربية المفروضة عليها، قال كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبل»، كريس ويليامسون: «يبدو أن اقتصاد منطقة اليورو يتجه للانكماش في الربع الثالث من العام حيث انزلق نشاط الأعمال نحو التراجع في يوليو، وتشير المؤشرات الاستشرافية إلى الأسوأ خلال الأشهر المقبلة»، مضيفاً: «تشير الخسارة الفادحة للطلبات الجديدة وتراجع أنشطة الأعمال وتوقعاتها الأكثر كآبة إلى معدل التراجع الذي يكتسب مزيداً من الزخم مع مرور فصل الصيف». تكاليف المعيشة في بريطانيا
تسجل مستويات تاريخية
أوضح تقرير «الوطني» أن التضخم في المملكة المتحدة بلغ أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاماً خلال شهر يونيو الماضي بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، ما أدى إلى تصاعد أزمة تكاليف المعيشة إلى مستويات تاريخية، لم تشهدها البلاد من قبل، مشيراً إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 9.4 في المئة على أساس سنوي، مقابل 9.1 في المئة خلال مايو، متخطياً التوقعات.
وأضاف: «على أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلك بـ0.8 في المئة بعد ارتفاعها بـ0.7 في المئة الشهر السابق، وما تزال قراءة المؤشر أقل بكثير من معدل الارتفاع الشهري بـ2.5 في المئة المسجل في أبريل»، عازياً تسارع وتيرة الزيادة إلى ارتفاع سعر وقود السيارات بنحو 9.3 في المئة خلال الشهر، في حين ارتفعت أسعار الوقود العام الماضي بأكثر من 40 في المئة، ما أدى إلى وصول أسعار البنزين والديزل إلى مستويات قياسية.
ونوه التقرير إلى قيام بنك إنكلترا حتى الآن برفع سعر الفائدة 5 مرات متتالية بمقدار 25 نقطة أساس في إطار مساعيه لكبح التضخم دون دفع الاقتصاد إلى الركود، مشيراً إلى أنه في ما يتعلق باجتماع أغسطس المقبل، قال محافظ البنك أندرو بيلي في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي إن لجنة السياسة النقدية قد تفكر بوتيرة أكثر تشدداً وترفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، فيما قد تكون أكبر زيادة لأسعار الفائدة في المملكة المتحدة منذ نحو 30 عاماً.