No Script

ربيع الكلمات

«شاهدت وافداً... يسبح»!

تصغير
تكبير

المتابع للشأن العام خلال الفترة الماضية، يجد ارتفاع النبرة والنفس العنصري ضد الوافدين. وفي أيام العيد، صور أحد الأشخاص شاطئ السالمية، وفيه أعداد كبيرة من الوافدين وهم يمارسون السباحة مع تعليق عنصري، وهو مستغرب من هذا المشهد. وهناك بعض المغردين قاموا بالرد على التصوير، إلا أن هذه الحوادث بدأت تتكرر في أكثر من مناسبة وموقف.

من يشاهد وسائل التواصل الاجتماعي يقرأ كيف أن قضية الوافدين في غاية الحساسية، ويتم التعامل معها بهذه الطريقة السطحية وفق ردات الأفعال، مثل ما حدث مع تصوير البحر، بل وأصبحت شماعة في هذه الأيام، وكأننا تفوقنا ونجحنا في كل المستويات، ولم يبق أمامنا سوى قضية الوافدين.

تخيل وأنت في إجازة الصيف تسافر إلى إحدى الدول أنت والأسرة الكريمة، ثم تشاهد موقفاً لم يعجبك وتقوم بتصويره... هل تقبل وترضى أن يتم إرجاعك لبلدك لمجرد تعبير عن رأي قلته؟ وإذا كنت لا تقبل ذلك على نفسك، فلماذا ترضاه على الوافد؟

نحن مازلنا بحاجة إلى المقيمين، ويجب أن يشعروا بالراحة والاستقرار النفسي أثناء تأدية أعمالهم، ونشر ثقافة التعايش بين المواطنين والوافدين مهم، خصوصاً وأن أعداد الوافدين أكثر، وادماجهم بالمجتمع وفي المدارس مع المواطنين، يساعد على ذلك كما كان في السابق.

وإذا كانت هناك مشكلات من الوافدين، فيتحملها من كان السبب وهم تجار الإقامات، الذين باعوا الأوهام للمساكين، وأن نبتعد عن الممارسات غير الإنسانية مع الذين يمثلون الحلقة الأضعف.

في الكويت نعيش في مجتمع عاش لسنوات طويلة على التسامح، ومنذ نشأة الدولة الحديثة، وأغلب الكويتيين لديهم أصدقاء من الوافدين الذين يعملون في القطاع الحكومي والخاص وفي مختلف الجهات، وهذه العلاقات يجب أن نحافظ عليها وألا نترك تلك الأصوات وهذه العنصرية البغيضة تشوهها في وسائل التواصل والإعلام.

الوافدون في الكويت أكثر من 100 جنسية تخدم في هذا البلد الطيب، من معلمين وأطباء وبعض الأعمال التي مازلنا في حاجة لهم فيها، وهناك بعضهم بدأ يبحث عن بلد آخر مع حبه للكويت، ولكن بسبب الخطاب العنصري الذي يسمعه.

ونظرة سريعة على تاريخ الكويت، نجد أثناء قيام مؤسسات الدولة الحديثة كانت تنقصنا الأيدي العاملة، فجاء الوافدون من مختلف البلدان، من مصر وفلسطين وسورية ولبنان ودول شرق آسيا، فكان منهم المعلمون والمهندسون والدكاترة، إضافة إلى تخصصات أخرى، حيث وجدوا في هذا البلد الطيب المعطاء، المأوى والسكن والعمل والراحة النفسية، وهم الآن يشكلون غالبية سكان الكويت، وقد أفنوا حياتهم وأعمارهم في هذا البلد، لذلك هم يستحقون الأفضل، ورواتب تتناسب مع التضخم الحاصل في العالم.

تسعى دول العالم المتقدمة إلى ارضاء المقيمين العاملين في بلدانها، بتوفير الراحة النفسية والاستقرار الأمني والأمان لهم بتقديم الخدمات، حتى يتمكنوا من تقديم خدمات أفضل للبلد الذي يعملون فيه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي