سياسات «المركزي» الأميركي يمكن أن تصبح أكثر تشدّداً
«الوطني»: «الفيديرالي» سيحارب التضخم... ولو تباطأ الاقتصاد
- سوق العمل النقطة المضيئة لأكبر اقتصاد بالعالم رغم مخاوف الركود
- الدولار يرتفع والعملات الرئيسية الأخرى عند أدنى مستوياتها
أشار بنك الكويت الوطني إلى ما كشفه محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيديرالي لشهر يونيو الماضي، من أن كبار مسؤولي «الفيديرالي» يعتقدون أن التضخم الراسخ يمثل «خطراً شديداً» على الاقتصاد الأميركي، ويخشون من أن تكون هناك ضرورة ملحة لتطبيق سياسات نقدية أكثر صرامة إذا تجاوز نمو الأسعار توقعاتهم، حيث أكد المسؤولون في الاجتماع ضرورة محاربة التضخم، حتى لو كان ذلك يعني تباطؤ الاقتصاد الذي يبدو بالفعل على حافة الركود.
ولفت «الوطني» في تقريره الأسبوعي حول أسواق النقد أن صانعي السياسة أكدوا دعمهم لرفع أسعار الفائدة إلى تلك النقطة التي يتم فيها تقييد النشاط الاقتصادي، مع إمكانية أن تصبح السياسات «أكثر تشدداً» إذا استدعت البيانات ذلك، فيما صرح محافظو البنوك المركزية أن رفع معدلات الاقتراض القياسية بمقدار 0.75 نقطة مئوية في يونيو (للمرة الأولى منذ عام 1994) كان ضرورياً للتحكم في زيادة تكاليف المعيشة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1981، وقالوا إنهم سيستمرون في القيام بذلك حتى يقترب التضخم من المستوى المستهدف على المدى الطويل البالغ 2 في المئة، كما أقروا أيضاً بأن تشديد السياسة ستكون له تكلفة.
وذكر ملخص اجتماع «الفيديرالي» أن «المشاركين أدركوا أن ثبات السياسات قد يبطئ وتيرة النمو الاقتصادي لبعض الوقت، لكنهم رأوا أن عودة التضخم إلى مستوى 2 في المئة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الحد الأقصى من فرص العمل على أساس مستدام».
وتابع «الوطني»: «كشفت الملاحظات الصادرة عن اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة عن القلق الذي ينتشر عبر المراتب العليا في البنك المركزي الأميركي في شأن التضخم، الذي يتحرك بوتيرة سنوية تبلغ 8.6 في المئة، في حين أظهرت أيضاً الجهود التي كان المسؤولون على استعداد لبذلها لضمان عدم خروج الأسعار عن نطاق السيطرة، وسيقرر الاحتياطي الفيديرالي ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة بمقدار 0.50 نقطة مئوية أو 0.75 نقطة مئوية في اجتماعه هذا الشهر، رغم أن العديد من المسؤولين أشاروا إلى دعمهم لرفع سعر الفائدة بمعدلات أعلى، وهو الأمر الذي يبدو أن توقعات الأسواق تتوافق معه».
وذكر التقرير أن محضر الاجتماع أعاد تكرار أصداء التعليقات الأخيرة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيديرالي جيروم باول الذي أكد أن «الفيديرالي» ليس لديه مجال كبير للمناورة لأنه يحاول كبح جماح التضخم دون التسبب في فقدان للوظائف على نطاق واسع.
وبيّن التقرير أن اجتماع يونيو تضمن تعديل التوقعات التي أشارت إلى أن المسؤولين توقّعوا رفع أسعار الفائدة إلى أقل بقليل من 3.5 في المئة بنهاية العام، إذ من المتوقع رفع سعر الفائدة مرة أخرى إلى 3.75 في المئة العام المقبل قبل خفضها في عام 2024، كما توقع المسؤولون ارتفاع معدلات البطالة وتراجع النمو خلال تلك الفترة.
تحسن الوظائف
من جانب آخر، أفاد «الوطني» بأن تقرير الوظائف الذي طال انتظاره الجمعة الماضي، جاء ليكشف أن الطلب المتزايد على العمالة أدى إلى استمرار نمو الوظائف الأميركية، متحدية بذلك توقعات حدوث تباطؤ أكثر حدة والحد من مخاوف الركود الوشيك، فيما ساهمت المؤشرات الدالة على استمرار قوة سوق العمل في تعزيز قدرة «الفيديرالي» على رفع سعر الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية أخرى في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وبين مكتب إحصاءات العمل أن الوظائف غير الزراعية زادت بنحو 372 ألف وظيفة في يونيو، أي أعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين بتسجيل 265 ألف وظيفة وأقل قليلاً عن مستوى 384 ألف وظيفة التي تم توفيرها في مايو.
وأوضح التقرير أن نمو سوق الوظائف في يونيو بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً ساهم في تعزيز فرص الاقتصاد لتعويض كل الوظائف التي فقدها خلال الجائحة، فيما لم يتغير معدل البطالة وظل مستقراً عند مستوى 3.6 في المئة للشهر الرابع على التوالي، منوهاً إلى أن تلك البيانات تتعارض مع وضع اقتصاد على وشك الركود.
ولفت إلى أن بيانات شهر يونيو تُظهر أن سوق العمل الأميركية ما زالت النقطة المضيئة لأكبر اقتصاد في العالم على الرغم من تزايد مخاوف الركود، بالإضافة إلى المخاوف من أن المستهلكين الأميركيين بدأوا في تقليص نفقاتهم في ظل تراجع مدخراتهم خلال فترة الجائحة.
وارتفع متوسط الدخل في الساعة بالولايات المتحدة بنسبة 0.3 في المئة اضافية في مايو بعد تسجيل نمو بـ0.4 في المئة في الفترة السابقة، مسجلاً بذلك نمواً تخطى 5.1 في المئة على أساس سنوي، إلا أن معدل المشاركة في القوى العاملة، الذي يقيس نسبة الأميركيين سواء العاملين أو الباحثين عن عمل، تراجع إلى 62.2 في المئة، أي أعلى بأكثر من نقطة مئوية واحدة عن مستويات ما قبل الجائحة.
ومع بدء «الفيديرالي» ما يتوقع أن يكون أكثر حملاته لتشديد السياسة النقدية منذ الثمانينات، يخشى الاقتصاديون من أن سوق الوظائف في الولايات المتحدة قد تكون معرضة لمخاطر شديدة في ظل إمكانية ارتفاع معدلات البطالة بداية من العام المقبل وحتى 2024، ما قد يؤدي لتعرض شعبية الرئيس جو بايدن للمزيد من التراجع.
تراجع العملات
وأكد التقرير أن مخاوف الركود والقضايا الجيوسياسية المتأججة كانت من أبرز التحديات التي واجهت الأسواق خلال الأسبوع الماضي، ما ساهم في ارتفاع الدولار وتراجع العملات الرئيسية الأخرى إلى أدنى مستوياتها.
وأوضح أن اليورو واصل اتجاهه الهبوطي وصولاً إلى مستويات منخفضة جديدة منذ بداية تداوله للمرة الأولى بداية عام 2002، إذ خسر نسبة 3.62 في المئة من قيمته مقابل الدولار ليصل إلى 1.0070 دولار قبل أن ينجح هامشياً في استعادة بعض من خسائره لينهي تداولات الأسبوع الماضي مغلقاً عند مستوى 1.0183 دولار، كما تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، إلا أن انخفاضه كان أقل حدة مقارنة باليورو.
وأثرت قوة الدولار على سوق السلع، ما ألقى بظلاله على الذهب وساهم في تراجعه للأسبوع الرابع على التوالي، إذ أنهى الذهب تداولات الأسبوع الماضي مغلقاً عند مستوى 1743.82 دولار. أعلى تضخم
في سويسرا منذ 3 عقود
أشار تقرير «الوطني» إلى تسارع وتيرة التضخم في سويسرا إلى أعلى المستويات المسجلة منذ نحو 3 عقود بعد ارتفاعه بنحو 3.4 في المئة في يونيو مقابل 2.9 في المئة تقريباً خلال مايو، متجاوزاً بذلك معدل 2 في المئة المستهدف من قبل البنك الوطني السويسري، فيما أشار رئيس البنك المركزي توماس جوردان إلى تفكير المسؤولين في رفع سعر الفائدة مرة أخرى لمواجهة ضغوط الأسعار.
من جانب آخر، سجلت معدلات التضخم البريطانية أعلى مستوياتها منذ 1982 وصولاً إلى 9 في المئة في يونيو، في حين يرى بنك إنكلترا المركزي أن الأسوأ لم يأت بعد، وقد يصل هذا المعدل إلى 11 في المئة بنهاية العام الجاري، كما قد يؤدي هذا الوضع إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة في محاولة للحد من التضخم.
وفي يونيو، رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة من 1 إلى 1.25 في المئة فيما يعد أعلى معدل منذ 13 عاماً.