استقال من زعامة المحافظين وباقٍ في رئاسة الحكومة حتى انتخاب بديل له في عملية قد تستغرق... وقتاً!

جونسون... نهاية بطل «بريكست»

جونسون بعد الإدلاء ببيان الاستقالة من أمام «10 داونينغ ستريت» أمس (أ ف ب)
جونسون بعد الإدلاء ببيان الاستقالة من أمام «10 داونينغ ستريت» أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- أراد أن يصبح «ملك العالم» عندما كان طفلاً
- لم ينجح في تخطي مختلف الصعاب... و«حزين لترك أفضل وظيفة في العالم»

كان بوريس جونسون، بطل «بريكست»، والذي أراد أن يصبح «ملك العالم» عندما كان طفلاً، يحلم بأن يدخل التاريخ كواحد من رؤساء حكومات بريطانيا الذين بقوا في السلطة لأطول مدة، لكنه تعثر بعد ثلاثة أعوام مضطربة، ما دفعه إلى تقديم استقاله من منصبه كرئيس تنفيذي لحزب المحافظين.

فالفضائح والأكاذيب أضرت بالسياسي غير النمطي، المتفائل أبداً، الذي منح المحافظين في 2019 غالبية تاريخية في مجلس النواب ونفذ «بريكست» بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأخرجته من رئاسة الوزراء، ليعبر عن ذلك بأسف قائلاً «أنا حزين لترك أفضل وظيفة في العالم».

لكن جونسون ( 58 عاماً)، أكد في بيان الاستقالة من أمام «20 دوانينغ ستريت»، أمس، أنه سيبقى في منصب رئيس الوزراء حتى انتخاب بديل له.

وقال «يجب أن تبدأ الآن عملية اختيار الزعيم الجديد. اليوم (أمس) عيّنت حكومة لتتولى المسؤولية معي حتى اختيار زعيم جديد».

وسيتعين على المحافظين الآن انتخاب زعيم جديد، وهي عملية قد تستغرق أسابيع أو شهوراً، بينما يرى كثيرون أنه يتعين على جونسون المغادرة فوراً وتسليم السلطة لنائبه دومينيك راب، بداعي أنه فقد ثقة حزبه.

وقال زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر، إنه سيدعو إلى تصويت على الثقة في مجلس العموم، إذا لم يتحرك حزب المحافظين.

وأضاف «إذا لم يتخلصوا منه، فسيتدخل حزب العمال من أجل المصلحة الوطنية ويطرح تصويتاً بحجب الثقة لأننا لا نستطيع الاستمرار مع رئيس وزراء يتشبث بالسلطة لأشهر وأشهر».

ومساء الثلاثاء، كرست نهاية جونسون، مع استقالة وزير المال ريشي سوناك ووزير الصحة ساجد جاويد، بفارق دقائق، بعدما سئما من الفضائح المتكررة المرتبطة به. وحذا حذوهما نحو 50 من أعضاء الحكومة، ما حرم جونسون من المناورة، هو الذي أراد مواصلة مهمته «الضخمة» على رأس المملكة المتحدة.

في يونيو الماضي، كشفت مذكرة لسحب الثقة خيبة أمل متزايدة لدى أعضاء البرلمان المحافظين الذين رفض 41 في المئة منهم منحه هذه الثقة.

وبتفاؤله المعتاد، أراد جونسون (58 عاماً)، أن يرى في هذا التصويت «فرصة... للمضي قدماً».

مع ذلك وعلى مدى أشهر، صورت استطلاعات الرأي والتعليقات، قصة مختلفة.

ومن فضيحة الحفلات في مقر رئاسة الحكومة (10 داونينغ ستريت) خلال الحجر الصحي للحد من تفشي فيروس كورونا، وتوضيحاته المتباينة، إلى تحقيق الشرطة الذي خلص إلى أنه انتهك القانون والتحقيق الإداري الذي يدين ثقافة التساهل في «داونينغ ستريت»، هزت كلها ثقة بريطانيا، في سياق تضخم بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً وتوتر اجتماعي وارتفاع للضرائب.

وجاءت الفضيحة الأخيرة، وهي قضية نائب المسؤول عن الانضباط البرلماني لنواب حزب المحافظين، المتهم بالتحرش، وكان جونسون يعرف ماضيه عندما عينه في فبراير، لتدق المسمار الأخير في نعشه.

لا جدية

جونسون الذي كان «آلة» الفوز الهائلة خلال «بريكست» في 2019، أصبح ورقة خاسرة بالنسبة للمحافظين بعد انتكاسات في الانتخابات الفرعية المحلية والتشريعية.

وقد تراجعت شعبيته من 66 في المئة من الاراء المؤيدة في أبريل 2020 إلى 23 في المئة في نهاية يونيو (مقياس يوغوف).

لكن هذا اللاعب السياسي الذي يتمتع بثقة هائلة في النفس، ولم يكن الكذب يمثل مشكلة بالنسبة له، رفض ذلك بعناد لفترة طويلة، مدافعاً عن حصيلة أدائه، من تراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها إلى حملة التطعيم الفعالة ضد كوفيد ودعمه القوي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

لكن في كل الشؤون الداخلية، التضخم والهجرة والضرائب والإسكان والاقتصاد والصحة والنقل و«بريكست» والتعليم والجريمة والبيئة، ترى غالبية البريطانيين أن حكومته كانت تقوم بعمل سيئ، وفقاً لاستطلاع أجراه معهد «يوغوف».

ويأتي السقوط قاسياً بالنسبة للرجل لذي اتبع قبل أن يصبح نائباً في مجلس العموم في 2011، مسار النخبة البريطانية والتحق بكلية إيتون ثم بجامعة أكسفورد.

في ذلك الوقت، اشتكى بعض المعلمين من نقص جديته وميله إلى اعتبار نفسه فوق القواعد. كما اتهم بالاستخفاف والارتجال في إدارة أزمة «كوفيد - 19» إلى أن أصيب هو نفسه بالمرض في أبريل، بعد تفاخره بقيامه بمصافحة الناس في المستشفيات.

ألكسندر بوريس دي فيفيل جونسون المولود في نيويورك في 19 يونيو 1964 والذي أراد، حسب شقيقته، أن يصبح «ملك العالم» عندما كان طفلاً، نجح في تخطي مختلف الصعاب.

وجه «بريكست»

أمضى جونسون، سنوات حياته الأولى في بروكسيل، حيث عمل والده في الاتحاد الأوروبي، ثم التحق بمدرسة إيتون للنخبة في بريطانيا قبل دراسة الحضارات القديمة في جامعة أكسفورد.

عمل بعدها صحافياً في صحيفة «التايمز» التي فصلته بسبب فبركة تصريحات، وانتقل ليصبح مراسلاً في بروكسيل لصحيفة «ديلي تلغراف» اليمينية من 1989 إلى 1994. وهناك اشتُهر من خلال كتابة «خرافات أوروبية» عبر المبالغة في تصوير ما يحدث في الاتحاد الأوروبي.

وعُرف على المستوى الشعبي في التسعينيات لدى استضافته كخبير في برنامج تلفزيوني ساخر، حيث ساهمت فطنته وعدم تردده في انتقاد نقاط ضعفه في جعله شخصية وطنية، عُرفت باسمه الأول «بوريس».

انتُخب عضواً في البرلمان عام 2001. ولم تمر سنواته الأولى في السياسة بسلاسة، إذ أقيل عام 2004 من منصب وزير الخزانة في «حكومة الظل» لدى المحافظين، بسبب الكذب في شأن علاقة أقامها خارج إطار الزواج.

لكن في 2008، فاز في انتخابات رئيس بلدية لندن على مرشح حزب العمل وجعل من منصبه منصة حظي من خلالها بسمعة دولية بما حققه من نجاحات رمزية، مثل تنظيم الألعاب الأولمبية، وبإخفاقاته، مثل مشروع بناء جسر حديقة فوق نهر التايمز الذي كلف عشرات الملايين من الجنيهات من دون أن يتحقق.

وتتسم حياته الخاصة بعدم الاستقرار؛ فبعد زواجين وطلاقين، وخمسة أبناء أحدهم على الأقل ولد خارج الزواج، يعيش حالياً مع شريكته كاري سيموندز خبيرة الاتصالات التي تصغره بـ24 عاماً وأنجبت منه ابناً اسمه ويلفريد في أبريل.

لقد سمحت له مكانته بتجاهل الفضائح التي كان يمكن أن تدمر كثيرين غيره.

خليفة جونسون!

قدم بوريس جونسون استقالته، من رئاسة وزراء بريطانيا، ومن قيادة حزب المحافظين، بعد سلسلة من الاستقالات داخل حكومته، لتبدأ عملية البحث عن زعيم جديد. وفي ما يلي الشخصيات التي يمكن أن تتولى السلطة خلفاً له: - بن والاس صار وزير الدفاع البالغ من العمر 52 عاماً يتمتع بشعبية أكثر من أي وقت مضى في أجواء الغزو الروسي لأوكرانيا.

ورغم أنه نفى اهتمامه بقيادة حزب المحافظين، إلا أنه يعد في صفوف الحزب شخصية صريحة وكفوءة.

- بيني موردونت

كانت موردونت (49 عاماً) وزيرة الدولة للتجارة الخارجية، من الشخصيات المهمة في حملة «بريكست» في 2016 وعملت منذ ذلك الحين على التفاوض في شأن الاتفاقيات التجارية.

- ريشي سوناك استقال وزير المال وهو أول هندي يتولى هذا المنصب، من الحكومة الثلاثاء في خطوة مفاجئة، ما يضعه في صفوف المرشحين الأوفر حظاً لخلافة جونسون.

- ليز تراس

صراحتها واستعدادها للتدخل في الحروب الثقافية جعل وزيرة الخارجية ليز تراس تحظى بشعبية كبيرة لدى قاعدة حزب المحافظين.

وتجري عملية البحث عن خليفة لجونسون، وفق الآتي:

- يتعين أن يرشح اثنان من أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين أي شخص يتقدم للمنصب، وقد يكون عدد المتقدمين كبيراً.

- يجري النواب المحافظون بعد ذلك، جولات تصويت لخفض عدد المرشحين إلى اثنين.

- كان التصويت في السابق يجري في أيام الثلاثاء والخميس.

لكن من المقرر أن يبدأ البرلمان العطلة الصيفية التي تستمر ستة أسابيع في 21 يوليو، لذا قد يتعين تسريع العملية.

- يجري بعد ذلك تصويت بالبريد على المرشحين الاثنين الأخيرين ويشمل جميع أعضاء حزب المحافظين ويعين الفائز رئيساً للوزراء.

قادة محافظون أطاح بهم حزبهم

لندن - أ ف ب - يعدّ بوريس جونسون الزعيم المحافظ الرابع الذي أطاح به حزبه. فقد واجه ثلاثة قادة سابقين المصير نفسه لأسباب مختلفة:

- مارغريت ثاتشر

حاملة الرقم القياسي لإقامتها الطويلة في «10 داونينغ ستريت» في القرن العشرين، غادرت وهي تبكي في نوفمبر 1990 بعد تمرّد داخل حكومتها. كانت وعدت بمواصلة القتال بعد فوزها بفارق ضئيل في الجولة الأولى من السباق على قيادة الحزب، قبل أن تعترف لاحقاً بأنّ موقفها أصبح غير مقبول.

واجهت «المرأة الحديد» أيضاً معارضة من وزرائها الأساسيين لأنها كانت ضدّ أي تقارب مع الأوروبيين.

في ذلك الحين، ترك أحد المقرّبين منها هو جيفري هاو الحكومة، وشنّ هجوماً لاذعاً على سياساتها الأوروبية أمام البرلمان.

ونتيجة للتصويت، استُبدلت ثاتشر بجون ميجور.

- آين دانكن سميث

هو أحد مناهضي أوروبا وينتمي إلى الجناح اليميني الذي وصف ميجور أفراده بـ «الأوغاد».

فاز بالسباق على زعامة الحزب في العام 2001 خلفاً لوليام هيغ بعد انتخابات خسرها حزب العمّال في العام 1997.

- تيريزا ماي

وصلت وزيرة الداخلية السابقة إلى السلطة في يوليو 2016 بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أدى إلى استقالة سلفها ديفيد كاميرون.

واعلنت في مايو 2019 استقالتها، ما أدى إلى سباق على قيادة حزب المحافظين وسمح لجونسون بالوصول إلى «10 داونينغ ستريت» بعد شهرين.

الكرملين يأمل بتولي «أشخاص أكثر مهنية» السلطة

أعلن الكرملين، أمس، أنه يأمل تولي «أشخاص أكثر مهنية» السلطة في المملكة المتحدة. وصرح الناطق ديمتري بيسكوف: «نأمل أن يأتي أشخاص أكثر مهنية وقدرة على اتخاذ قرارات عبر الحوار إلى السلطة في بريطانيا». وأضاف أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «لا يحبنا كثيراً ولا نحن كذلك».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي