فلسفة قلم

ديموقراطيتنا (1 - 2)

تصغير
تكبير

قبل أن ابدأ، أود التنويه بأن ما سأعرضه، وجهة نظر ومحاولة لفهم واقعنا الديموقراطي، وليس بالضرورة أن تكون وجهة نظري قاطعة أو مفتاح الخروج من وضعنا الانتخابي التعيس. وليكن في الاعتبار أني أتحدث عن المرحلة التي عايشتها بدءاً من انتخابات الـ25 دائرة وصولاً إلى الصوت الواحد (اليوم)، ولا أقصد أي شخص بعينه وإنما الحديث عام، ولا يشمل الكل.

منذ بداية نظام الـ25 دائرة، كانت الافرازات الانتخابية حزبية، قبلية، حضرية، شيعية، سنية... بمعنى، لو افترضنا أن أفضل وأرقى وأتقى وأنقى سياسي في الكويت، لو ترشح في «منطقة مُعينة»، كان سيحتاج إلى معجزة حتى يفوز بالمقعد النيابي، ما لم يكن من فئة ما... وقس على ذلك في دوائر أخرى.

عندما اتفقنا على نظام الدوائر الـ5 والأربعة أصوات، كان أهم أهدافنا المعلنة، التحرر من الانتماءات التي كنّا نمارسها في النظام الانتخابي السابق وأن نختار الكفاءة... لكن مع مرور الوقت تبين أننا متحيزون إلى الانتماءات ذاتها التي كنا نعتقد أو نوهم أنفسنا بأننا نريد التخلص منها.

ثم انتقلنا إلى نظام الصوت الواحد، وبدأنا نغرّد ضد تقوقعنا، وأن الصوت سيذهب للأصلح، لكن حالنا تردى وصار التحزب أعمق... وعُذرنا دائماً حاضر، أن في دائرتنا الاجتماعية الضيقة، كفاءة.

واليوم، يدور الحديث عن اعادة تقسيم الدوائر الانتخابية وللأسباب نفسها: التحرر من التحزّب واختيار الأصلح والكفاءة. لكن هل فعلاً مشكلتنا الأزلية في تقسيم الدوائر؟ وهل حقاً التقسيم الجديد سيحررنا؟

في الفترة الأخيرة، بدأت أتساءل: مَن يطارد مَن؟ هل نحن فعلاً نطارد الديموقراطية، أم أن الديموقراطية تطاردنا ونحن نهرب منها ونلقي اللوم على تقسيم الدوائر وأهمية الواسطة في حياتنا؟

واقعنا يؤكد أن المترشح لانتخابات مجلس الأمة، اليوم، أمام طريقين...

الأول صعب، وهو أن يحمل مشروع وطن حقيقي ويكافح من أجله، وفي هذه الحالة قد يصل إلى الكرسي الأخضر.

والثاني سهل جداً، وهو حسبة الاعداد والتقوقع في حضن الطائفة أو فخذ القبيلة أو العائلة، والتعهد بخدمة مصالحها ومجابهة نائب خدمات الطرف الآخر في المعاملات، المناقصات، والمناصب البراشوتية، والوظائف المهمة.

في الحالة الثانية، وهي الأكثر شيوعاً، يكون فيها الناخب بالاصل مفرزاً، أخرج نائباً مفرزاً، فصار من الطبيعي جداً أن يتموقع النائب في موقع المؤيد للحكومة، إذا حققت له مراده، والمعارض لها، إذا تعطلت مصالح منتخبيه ومصالحه الشخصية.

هذا واقعنا وهذا حالنا، وهذا هو التشخيص، لكن ما الحل؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي