الدبيبة: لن نسمح بضرب ومهاجمة المتظاهرين
بعثة للأمم المتحدة في ليبيا تكتشف «ما يمكن أن يكون مقابر جماعية»
أعلنت بعثة معيّنة من قبل الأمم المتحدة إلى ليبيا، أمس، أن هناك «ما يمكن أن يكون مقابر جماعية» لم يتم التحقيق فيها بعد، ويمكن أن تكون مئة مقبرة، في مدينة ترهونة، التي تم العثور فيها بالفعل على مئات الجثث.
وحثت طرابلس على مواصلة البحث عن المقابر.
ويتضمن تقرير البعثة، الذي سيحال على مجلس حقوق الإنسان هذا الأسبوع، تفاصيل قيام ميليشيا كان يديرها سبعة إخوة، بإعدام وسجن مئات الأشخاص بين عامي 2016 و2020 واحتجازهم أحياناً في أبنية ضيقة تشبه الأفران وتسمى «الصناديق» وأُضرمت فيها النار خلال عمليات الاستجواب.
وتمثل الأدلة، التي جمعتها البعثة المستقلة لتقصي الحقائق على أعمال الخطف والقتل والتعذيب في ترهونة، واحداً من الأمثلة الصارخة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة المضطربة التي تلت الإطاحة بالعقيد معمر القذافي.
وجاء في التقرير المكون من 51 صفحة أن من بين الضحايا معاقين ونساء وأطفالاً أيضاً.
وتوصلت البعثة، التي اعتمدت على شهادات سكان وزيارتين للموقع، إلى «أسس معقولة» تفيد بأن ميليشيا الكانيات ارتكبت جرائم ضد الإنسانية. وحددت أربعة من قادة هذه الجماعة شاركوا مباشرة في ارتكاب الجرائم.
بالفعل استخرجت السلطات الليبية 247 جثة من مواقع مقابر جماعية وفردية في منطقة ترهونة (غرب). وكان الكثير منها مكبلاً بالأغلال ومعصوب الأعين.
واستخدمت البعثة صوراً التقطت بالأقمار الاصطناعية تبين معالم تقلبات في التربة ضمن أدلة أخرى لتحديد ثلاثة مواقع دفن جديدة مرجحة.
وأضافت أنه من الممكن أن تكون هناك مواقع أخرى كثيرة، مشيرة إلى مقبرة قائمة تعرف باسم «مكب النفايات» حيث تم فحص مجرد جزء صغير من الموقع.
وجاء في التقرير «طبقاً لمعلومات مطلعين، ربما مازال هناك ما يصل إلى مئة مقبرة جماعية لم يتم الكشف عنها بعد».
وفي مرحلة ما، كانت ميليشيا الكانيات متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنها تحالفت في وقت لاحق مع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ولم تعد لميليشيا الكانيات سلطة في ترهونة. ويسود الاعتقاد أن الباقين على قيد الحياة من قادتها فروا إلى مناطق في شرق ليبيا.
وتدعو بعثة تقصي الحقائق، ضمن ما وصلت إليه من استنتاجات، السلطات الليبية إلى مواصلة البحث عن المقابر. وتحثها أيضا على تشكيل محكمة خاصة لنظر الجرائم التي ارتكبت.
وقالت تريسي روبنسون، وهي من بين ثلاثة رؤساء مسؤولين عن فريق البعثة المكون من 18 شخصاً، إن البعثة ليس لديها الموارد أو السلطة للتحقيق في مقابر ترهونة بمفردها. وقالت للصحافيين في جنيف إن «واجب الدولة أن تتخذ إجراء».
ومع ذلك يشير التقرير إلى مصاعب في الحصول على تعاون السلطات الليبية في الماضي. وقال ديبلوماسيون ومصادر في الأمم المتحدة لـ «رويترز» إن ليبيا أبدت في الماضي تحفظات على مواصلة مهمة البعثة التي ستنتهي هذا الشهر.
وهناك في الوقت الحاضر مشروع قرار أمام مجلس حقوق الإنسان، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، بمواصلة التحقيقات لمدة تسعة أشهر أخرى، وهي أقل مما كان البعض يأمل.
ومن المتوقع صدور قرار بهذا الشأن هذا الأسبوع. وقال أعضاء بعثة تقصي الحقائق إنهم يعتزمون، إذا صدر القرار باستمرار عمل البعثة، إحالة المزيد من الأدلة وتقرير نهائي وقائمة سرية بالأفراد المشتبه فيهم إلى مجلس حقوق الإنسان العام المقبل.
في سياق آخر، وبعد التظاهرات المتفرقة التي عمت العديد من المدن في ليبيا، مطالبة بتنحي الطبقة السياسية الحاكمة، اصطف رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى جانب المتظاهرين.
وشدد خلال اجتماع للحكومة في طرابلس، أمس، على أنه لن يسمح بضرب ومهاجمة من يريد التعبير عن رأيه، مشيراً إلى أن «مطلب الشعب الأول هو تغيير الوجوه الحالية».
كما أكد أن حكومته لن تقبل في الوقت نفسه، بالتعرض لمؤسسات الدولة.
وتعليقاً على احتمال اقتراح فترة انتقالية جديدة للخروج من الأزمة، قال «لن نقبل بمراحل انتقالية أخرى في ليبيا، وسنعمل على تسليم السلطة لمن يختاره الليبيون».
وأضاف: «نرفض أي مناورة سياسية تقسم السلطة بين أشخاص أو جهات بعينها». وشدد على أن من حق الشعب أن يختار من يريده لإدارة البلاد.
يشار إلى أن العاصمة الليبية كانت شهدت منذ 3 أيام، اندفاع آلاف المحتجين الذين أغلقوا الشوارع الرئيسية والأحياء الشعبية، داعين إلى رحيل النخب السياسية المتناحرة، التي عجزت حتى الآن عن تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الليبي، واقتصاد البلاد.
كما شهدت مناطق أخرى احتجاجات، نحا بعضها إلى العنف والتكسير لاسيما في طبرق، حيث اقتحم بعض المتظاهرين مقر البرلمان.
وعكس هذا التحرك الشعبي، الإحباط المتزايد لدى الليبيين من الفصائل التي يدور بينها الاقتتال منذ سنوات في شرق البلاد وغربها، فضلا عن الانقسام السياسي الذي تجدد قبل أشهر، وقسم السلطة إلى حكومتين متنافستين، لاسيما بعد انهيار الانتخابات الليبية التي كانت مقررة في ديسمبر الماضي.