روسيا «تُسقط» ليسيتشانسك وتُسيطر على لوغانسك بالكامل!
- ألمانيا تبحث مع الحلفاء منح أوكرانيا ضمانات أمنية
أعلنت روسيا، ظهر أمس، سيطرتها على مدينة ليسيتشانسك الاستراتيجية ومنطقة لوغانسك بأكملها، في تطور يمثّل اختراقاً حاسماً لقوات موسكو الساعية للسيطرة على شرق أوكرانيا، بينما أكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مساء، ان «من المستحيل القول إن ليسيتشانسك هي تحت السيطرة الروسية»، مشيراً إلى استمرار القتال في ضواحي المدينة.
وكانت ليسيتشانسك آخر كبرى مدن مقاطعة لوغانسك، بقيت في أيدي الأوكرانيين.
وتُعد السيطرة عليها مؤشراً إلى تقدّم روسي كبير في منطقة دونباس، وهو أمر تركّز عليه موسكو منذ أن انسحبت من محيط كييف.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن «سيرغي شويغو القائد الأعلى للقوات المسلحة أبلغ (الرئيس) فلاديمير بوتين بتحرير جمهورية لوغانسك الشعبية».
وتركز موسكو على إخراج القوات الأوكرانية من مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك في دونباس، حيث يُقاتل الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو، كييف منذ أول تدخل عسكري لروسيا في أوكرانيا عام 2014.
وجاء الإعلان، بينما أفادت موسكو بأن دفاعاتها أسقطت ثلاثة صواريخ عنقودية من طراز «توشكا-يو» أطلقها «أوكرانيون قوميون» على بيلغورود، المدينة الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى وتضرّر العديد من المنازل.
في الأثناء، تواصل القصف الروسي على أنحاء أوكرانيا في ظل معارك عنيفة، بحسب زيلينسكي.
وحذّر في خطاب السبت، من التراخي في المدن التي لم تشهد عنفاً بالقدر نفسه، الذي سجل في مدن أخرى.
وتحدّث زيلينسكي في خطابه أيضاً عن مؤتمر لإعادة إعمار أوكرانيا من المقرر أن ينطلق اليوم، في مدينة لوغانو السويسرية.
ويتوقع بأن تحدد خريطة الطريق احتياجات إعادة الإعمار بما في ذلك البنى التحتية المدمرة والمتضررة واقتصاد أوكرانيا المنهار إلى جانب الاحتياجات البيئية والاجتماعية.
وتقدّر الكلفة بمئات مليارات الدولارات.
وفي برلين، قال المستشار أولاف شولتس لقناة «إيه.أر.دي»، أمس، إن ألمانيا تبحث مع حلفائها الضمانات الأمنية التي يُمكن منحها لأوكرانيا خلال فترة ما بعد الحرب.
وأضاف «من الواضح أنها لن تكون كما لو كانت لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي».
الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً قرب خطوط الجبهة
كراماتورسك (أوكرانيا) - أ ف ب - أعادت فكتوريا ميروشنيتشنكو، فتح متجر الألعاب الذي تمتلكه في مدينة كراماتورسك القريبة من خطوط الجبهة الأمامية في شرق أوكرانيا رغم دوي القصف الذي يسمع يومياً على مسافة غير بعيدة.
وتقول، وهي تقف خلف طاولة البيع، «الوضع مخيف إلى حد ما لكننا نعتاد على الأمر».
وتؤكد صاحبة المتجر الذي يبيع دمى ودراجات وغيرها من ألعاب الأطفال إن عملها توقف لنحو ثلاثة أشهر من دون أن تتلقى أي إعانة حكومية كافية.
وقد اُغلق نشاطها التجاري والكثير من الأنشطة الأخرى في كراماتورسك، في أعقاب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير.
لكن في الأسابيع القليلة الماضية عاودت المتاجر فتح أبوابها وعاد الأهالي إلى المدينة الواقعة في إقليم دونباس (شرق أوكرانيا).
وتضيف ميروشنيتشنكو «في شارعي الذي يضم قرابة 300 منزل، غادر غالبية السكان. والآن عاد جميعهم تقريباً».
ويعود نبض الحياة إلى كراماتورسك المدينة الكبيرة الواقعة في قلب ما تبقى من المناطق التي لاتزال تحت السيطرة الأوكرانية من إقليم دونباس، رغم قصف المدفعية الروسية للمدن المجاورة: سلوفيانسك وسيفرسك وباخموت.
لكن، وبحسب أوليغ ماليمونينكو الذي أعاد للتو فتح مطعمه، فإنه لا خيار للناس سوى العودة لديارهم.
وقال الرجل البالغ 54 عاماً «في 99 في المئة من الحالات، يعودون لأنهم بحاجة لتناول الطعام الجيد وتسديد فواتيرهم».
ويأمل ماليمونينكو أن يتوافد الزبائن، ومن بينهم بعض الجنود الأوكرانيين الذين يجولون في المدينة، إلى مطعمه.
أما بالنسبة لنتاليا كيريتشنكو، فإن الجنود يشكلون مصدراً ثميناً للدخل.
وتقول الموظفة في متجر إن العسكريين يترددون باستمرار على المحل ويشترون معظم السلع خصوصاً السكاكين والخناجر.
وتضيف السيدة البالغة 56 عاماً «مثلنا فإن العديد من الناس عادوا إلى كراماتورسك لكن لا يملكون المال».
وتوضح أنه ليس لديها خيار سوى العودة للعمل.
ورغم تلقيها مساعدة حكومية خلال فترة إغلاق المتجر لثلاثة أشهر، لم يكن هذا الدعم كافياً لسد حاجاتها.
- نشعر بالتهديد
وتقول كيريتشنكو مستسلمة «عندما نسمع دوي قصف عنيف آتيا من جانب أو من الآخر، نشعر بالتهديد ونتساءل عما ينتظرنا».
وترى ميروشنيتشنكو أن أصعب ما في المجيء إلى العمل من دون سيارة هو عدم إمكانية التأكد من تسيير رحلات النقل العام.
وتوضح أن «الترام يتوقف عندما تطلق صفارات الإنذار» التي تدوي عدة مرات يومياً، فتضطر إلى المشي 50 دقيقة إلى متجرها منذ إعادة فتح أبوابه.
ودفعت صعوبة التنقل في كراماتورسك بفلاديمير بوزولوتين إلى إعادة فتح متجر للدراجات.
وقال من الطابق السفلي لأحد المباني «كثيرون سألوني على قناتي على يوتيوب متى سنعيد فتح المتجر. فالبعض خائفون من التنقل بالسيارة، فيما آخرون ليس لديهم الوقود أو لا يريدون التوقف في طوابير انتظار طويلة أمام المحطات».
وأضاف الرجل البالغ 33 عاماً «يأتون لشراء دراجة أو لتصليح دراجاتهم».
ويقطع بوزولوتين يومياً أربعة كيلومترات على دراجة للتنقل بين عمله ومنزله.
ولا يتعدى عدد الزبائن 10 في المئة عما كانوا عليه قبل الحرب لكن يقول مبتسما «ذلك أفضل من عدمه».
لم يغادر بوزولوتين، كراماتورسك أثناء الحرب وقال إنه أصبح معتاداً على سماع دوي القصف الذي نجت منه المدينة حتى الآن.
وأضاف «إذا سقطت (قذيفة) على مقربة من هنا فسنرى ما سنفعل».
ورداً على سؤال حول احتمالات تعرض المدينة لخطر كبير، أبدى التزاماً مطلقاً بكراماتورسك.
وقال «نغادر؟ ولكن إلى أين»؟
الالتفاف على الرقابة الروسية بأدوات تُموّل أميركياً
سان فرانسيسكو - أ ف ب - تمول الإدارة الأميركية، أدوات للالتفاف على الرقابة في روسيا باتت أساسية للعديد من المواطنين والناشطين في هذا البلد لضمان عدم عزلهم عن العالم.
ومنذ بدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، كثفت موسكو دعايتها وحدّت بشكل صارم من وصول مواطنيها إلى مصادر الأخبار غير الرسمية، أي وسائل الإعلام التي تتحدث عن «حرب» في أوكرانيا وليس عن «عملية خاصة» تهدف بحسب رواية الكرملين إلى «اجتثاث النازية» في هذا البلد المجاور.
وسجلت الشبكة الافتراضية الخاصة «سايفن» Psiphon التي تسمح بالالتفاف على الرقابة في مطلع العام نحو 48 ألف اتصال بالانترنت يوميا في روسيا.
وازداد عدد الاتصالات بالانترنت بعشرين ضعفا في منتصف مارس بالتزامن مع حظر الحكومة (فيسبوك وإنستغرام وتويتر). وتؤكد الشبكة اليوم أنها تعد أكثر من 1.45 مليون مستخدم يوميا بالمتوسط.
وتقول ناتاليا كرابيفا، الحقوقية من المنظمة غير الحكومية الأميركية «أكسيس ناو»، إن «التلفزيون الروسي لا يبث سوى دعاية فظيعة تحرض على الكراهية والقتل».
وبالتالي باتت الأدوات المعلوماتية للتصدي للرقابة أساسية للاطلاع على مصادر معلومات أخرى، كما للتواصل بحرية مع الأقرباء.
وأوضحت الخبيرة «يجب أن تكون البرمجيات سهلة الاستخدام وآمنة، وإلا فقد يتم رصد المستخدمين ووضعهم تحت المراقبة».
ويؤكد ديرك رودنبورغ، أحد مديري «سايفن» أنه من دون الدعم المالي من الإدارة الأميركية، «لما كنا بكل بساطة نملك الوسائل لتوفير أدوار متطورة كهذه، وليكون لنا بالتالي مثل هذا التأثير».
وتحظى «سايفن» على غرار شبكتي لانترن ونثلينك بدعم صندوق التكنولوجيا المفتوحة Open Technology Fund وهو صندوق حكومي ينفق ما بين 3 و4 ملايين دولار في السنة لتمويل شبكات افتراضية خاصة في العالم تحت شعار حرية التعبير.
- خبرة في التعامل مع الصين
وأفادت المنظمة «وكالة فرانس برس» بأنها خصصت أموالاً إضافية طارئة إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا هذه السنة.
وبحسب تقديراتها، فإن نحو أربعة ملايين شخص في روسيا يستخدمون حاليا هذه الشبكات الخاصة الثلاث لتصفح الإنترنت، ويتم ذلك مجانا إذ انسحبت خدمات الدفع من هذا البلد عملا بالعقوبات الدولية.
وقال متحدث باسم لانترن لوكالة فرانس برس «لسنا شبكة افتراضية خاصة حقا، بل أداة مضادة للرقابة».
وأوضح أن «الشبكات الافتراضية الخاصة التقليدية تكون مشفرة حتى لا يتمكن مسؤولو الرقابة من الاطلاع على المحتويات التي يتم تصفحها... لكنه من السهل على بلد مثل روسيا حجبها» في حين أن سايفن ولانترن تستخدمان وسائل أكثر تطوراً «حتى لا يتم رصد خوادمنا».
واستفادت الشركتان الناشئتان من خبرتهما في دولتين أخريين يحكمهما نظام متسلط هما بيلاروسيا وبورما.
وروى الناطق باسم لانترن «قبل سنتين انتقلت الصين إلى مستوى جديد، بذلت الكثير من الجهود لمحاولة حجب كل شيء. كان يتحتم علينا وضع بروتوكولات جديدة كل أسبوع. وبالتالي، كنا جاهزين لروسيا».
وقبل الحرب على أوكرانيا، كانت روسيا تستخدم التخويف السياسي أكثر من الوسائل المعلوماتية لقمع المعارضين.
وأضاف الناطق «لم يكونوا جاهزين لحجب أي شيء، كان هناك تماثل واضح بين عدم الكفاءة العسكرية الروسية وعدم الكفاءة على الإنترنت».
- مقاومة روسية
يرى الخبراء الذين تم الاتصال بهم أن السلطات الروسية تخطت عن تأخرها، لكن الأدوات المضادة للرقابة تقاوم.
ويوضحون أنه حتى لو كانت مستخدمة فقط من نسبة ضئيلة من المواطنين، فهي تبقى أساسية بالنسبة للمقاومة.
وأقرت روسيا في مارس قانوناً يعاقب على «المعلومات الكاذبة» التي تسيء إلى سمعة الجيش الروسي.
وذكرت ناتاليا كرابيفا، أن التوقيفات لا تزال نادرة في الوقت الحاضر لكن العديد من الصحافيين والناشطين الذين تلقوا تحذيراً أولاً من السلطات يفضلون الخروج إلى المنفى.
وتابعت الخبيرة أن «العديد من المحامين يبقون في البلد ويلزمون الصمت حتى يتمكنوا من الدفاع عن الذين يواصلون التعبير عن رأيهم. وآخرون يرحلون.
ثمة منظمات كثيرة لديها أشخاص على الأرض وآخرون في الخارج، ويتحتم عليها إيجاد وسائل تمكنها من العمل».
ومن المستحيل من دون الشبكات الافتراضية الخاصة وغيرها من الأدوات تنظيم صفوف المقاومة.
وقالت كرابيفا «ثمة أمور كثيرة تحصل، على الإنترنت إنما كذلك في الحياة الحقيقية» مشيرة إلى أن بعض الناشطين «يبثون رسائل معادية للحرب أو يشرحون السبل القانونية للإفلات من الخدمة العسكرية، فيما يحاول آخرون قطع الطريق على القطارات التي تنقل معدات عسكرية إلى أوكرانيا».
ومن الصعب معرفة ما إذا كان الحفاظ على إمكانية الدخول إلى الإنترنت العالمي له تأثير أبعد من جيوب المعارضة في روسيا.
واقرت كرابيفا بأن «التكنولوجيا ليست حلاً سحرياً، لكن الأمر أسوأ حين تكون الإنترنت خاضعة بالكامل للرقابة».