تنص المادة 45 من قانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، على «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيدُ على خمس آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وتندرج تحت هذه المادة بنود عدة، والتي تُجرِّمُ وتعاقب بالعقوبة نفسها، كل من تلاعب بجداول الانتخاب أو أوراقه أو نتائجه، أو أخل بالنظام العام للانتخاب، أو استخدم دور العبادة والعلم أو مقار الجمعيات والنقابات أو أموالها لصالح مرشح أو الاضرار به.
حتى عام 1998 وتحديداً في دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الثامن لمجلس الأمة، تم إصدار قانون رقم 9 لسنة 1998، والقاضي بإضافة بند جديدٍ للمادة أعلاه، ليجرم ويعاقب بموجبه وبالعقوبة نفسها «كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة».
إن حقيّ الترشح والانتخاب، كفلهما الدستور ونظمهما قانون الانتخاب، ولم يأتِ «قانون تجريم الفرعيات» إلا ليحقق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع ومكوناته وشرائحه، ولئلا يكون التمثيل البرلماني احتكاراً لفئةٍ أكثرية دون فئةٍ أقلية.
من المؤسف أن التجريم خُص بالانتخابات البرلمانية فقط، وإننا لنتمنى أن تشرِّع الجهات المختصة التشريع ذاته في تجريم الفرعيات التي تقام للجمعيات أو النقابات أو الاتحادات.
ومن العجائب، أن معارضيها اليوم هم أنفسهم من كانوا عرّابيها بالأمس والمستظلين بظلها، والذين يلوذون بها للانتخاب العام، والمشاركين بشكلٍ رئيسي في تنظيمها ورص صفوفها والدعوة لها والحث عليها... وأن من لم يشارك بها من المرشحين، كمن شق عصا الطاعة!
وبعد أن يحوز ممثل الفرعية على مقعده البرلماني ويصبح ممثلاً للأمة بأسرها، كما نصت المادة 108 من الدستور، نجد أن الشخص الذي خرج من رحم الفرعية، أول من يتبرأ منها!
وهنا نسأل النائب المُكرم حين كان عرّاباً للفرعية، هل كان يعلم أنها مُجرمة منذ العام 1998 أم لا؟ إن كان يعلمُ، فتلك مصيبةٌ، وإن كان لا يعلمُ، فالمصيبةُ أعظمُ. وأين ذهب بالعصا والطاعة؟
وهل يعلم أن الفئة ذاتها التي بالأمس ساهم في تنظيم فرعيتها، هو اليوم يساهم في تشتيت أمرها وضياع كلمتها، وهو تكريس لمبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان».
لعمري أنه لجنون العظمة وحب الذات وتزكيةٌ النفس، وأن يجعل من شخصه الوصيّ الوحيد لفئته.
والحق يُقال، لو أن الشخص نفسه اعتزل الترشح (فرعي وعام) ونادى بتطبيق القانون وعدم السماح بإقامة الفرعيات، لنأى بنفسه عن دائرة الشبهات وسوء الظن، ولكان أبلغ في حجته وأصدق في مراده.
إن الوطنية يا سادة، ليست حِكراً على أحد، ولا تُختزل في شخوص يوهمون الناس بضياع الوطن إن رحلوا وشتات الكون إن عُزِلوا.
وختامها، مارك توين، حين قال «لولا البُلهاء لما حقق المخادعون أيّ نجاح».
Twitter: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com