No Script

فلسفة قلم

حق الغش المكتسب

تصغير
تكبير

كما الحال في واقعنا الرياضي الذي وصل إلى مستويات خطيرة ومتدنية جداً، نجد حال تعليمنا، كيف سقط للقاع نتيجة لسنوات من الإهمال والفساد حتى أصاب العطب المفاهيم الاساسية السليمة عند الكثير من طلاب وطالبات المدارس، وصاروا يعتقدون بأن الغش في الاختبارات حق مكتسب وشطارة!

رغم التشديد في تفتيش الطلاب والطالبات وقرارات تدوير كوادر المدارس في اللجان والجولات التفتيشية المفاجئة، إلا أن حالات الغش في أول أسبوع لاختبارات الثانوية العامة هذا العام تجاوزت الـ 1100 حالة، معظمها سماعات وأدوات مختلفة (حسب خبر نشر في الزميلة «القبس»).

وصولنا إلى هذه الحال المخيفة التي تهدد مستقبل البلد وأجياله، الذين غالباً سيشغلون أهم الوظائف بالواسطة، وهذا «أمر مخيف»، ولكم أن تتخيلوا المشهد.

أحد المشاهد المؤسفة في واقعنا المتردي، أن الطفل يصل إلى المرحلة المتوسطة ولا يعرف القراءة والكتابة بشهادة الكثير من المعلمين. وبعد أن يشق طريق الفشل بالواسطة والغش، يجد نفسه أمام مرحلة الحسم في اختبارات الثانوية، إما الدخول بسماعة، وإلا مهاجمة وانتقاد وزارة التربية...

والمحزن أننا نشاهد بعض أولياء الأمور الذين ركبوا السكة مع الطلبة، ليعلو صوتهم المعارض لقرارات وزارة التربية التي تحارب الغش المتفشي بين اروقة المدارس، فتجدهم يعارضون قرارات التفتيش، بحجه توتر الطلبة، أو يعارضون تدوير الادارات المدرسية بين اللجان، بحجه مشقة التنقل بين المناطق وارتباك المدارس واضطرابها!

واقعنا التربوي لا يحتاج فقط إلى تطوير المناهج والكوادر التعليمية والانظمة الإدارية فحسب، بل نحن في أمس الحاجة إلى تصحيح المفاهيم لدى الطلبة، حيث أصبح مفهوم الغش عند الكثير منهم، حقاً أصيلاً لمساواتهم بمن سبقوهم ونجحوا بنسب عالية... وحتى الطلاب الشطار صاروا يصرون على الغش حتى لا يتفوق عليهم الغشاشون.

ولعل اكبر دليل على انهيار نظامنا التعليمي، يتمثل في اعتصام واحتجاج بعض الطلاب عند مكاتب المسؤولين في وزارة التربية، اعتراضاً على قرار حرمان «الطالب الغشاش»، من كل المواد، بسبب غشه في مادة واحدة!

وصلنا إلى مرحلة مواضيع النقاش العلنية فيها... كم مرة يحق للطالب أن يضبط متلبساً بالغش حتى يتم حرمانه من الامتحانات؟

الأكيد أن وصولنا إلى هذا المستوى لم يأتِ بين ليلة وضحاها، بل بعد سنوات من الانحدار في التعليم، وبالتالي وزارة التربية اليوم أمام مسؤوليات كبيرة... والأهم من التصدي لظاهرة الغش في الاختبارات النهائية وعدم الرضوخ للضغوط، هو تتبع المدارس التي حدث فيها فارق واضح في النسب في الفصلين الدراسيين ومحاسبتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي