No Script

مشاهدات

وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا

تصغير
تكبير

بدايةً، كل الشكر والتقدير لشاغلي هذه المهنة الإنسانية الشاقة (عمال النظافة) والذين اضطروا للعمل بها، وبالطبع هناك شركات خاصة تجلب هذه العمالة وبموجب عقود مبرمة مع الوزارة المعنية (البلدية) تقوم بأعمال النظافة.

- الدول المتقدمة تقدر العاملين في هذا المجال الشاق، وتضع مجسماً لعامل النظافة في ميدان رئيسي تقديراً لهذا العمل الجليل.

- فيبدأون عملهم في الساعات الأولى من كل يوم جديد، دون اكتراث بأشعة الشمس الحارقة التي تلفح محياهم، أو البرد القارس الذي يشل أجسادهم، أو حتى الغبار الشديد الذي يسد أنوفهم، وهاجسهم الوحيد هو تنظيف الأزقة والشوارع والساحات العامة والأسواق والمجمعات والجمعيات التعاونية، وجمع النفايات المنزلية، حرصاً على نظافة البيئة وسلامة المواطنين.

بالفعل هي مهنة خطرة قد يتعرض العامل فيها للإصابة بالأمراض نتيجة تفشي الجراثيم أو الإصابة البليغة لوجود الأدوات الحادة أو الزجاج المكسور في أكياس المخلفات، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالأمراض نتيجة نقل النفايات خاصةً في الظروف الصحية الطارئة (الأوبئة).

المشاهد السلبية:

- العاملون في الطرق الرئيسية العامة مثل (شارع الفحيحيل - الدائري الخامس،...) متواجدون لتنظيف كتف الطريق (حارة الأمان) قبل شروق الشمس، في الظلام دون الاستعانة بوسائل الأمن والسلامة (الملابس الفوسفورية -علامات عاكسة -إضاءة- أنوار تنبيه - أقماع بلاستيكية عاكسة...) مما يشكل خطراً كبيراً على سلامة الأرواح.

- قبل التخلص من أكياس القمامة وتحميلها بالشاحنة الخاصة يقومون بفتح الأكياس وجمع ما يبحثون عنه من (علب معدنية - كراتين - أوراق -...) مسببين الفوضى وتساقط القمامة بالشارع، ناهيك عن التعرض لخطر انتقال العدوى.

- عدم استخدام المعدات الشخصية الواقية (كمام، قفاز).

- العاملون المنتشرون بجانب إشارات المرور، الأزقة في المناطق السكنية، المدارس، الأسواق، المجمعات التجارية، المستشفيات، ماكينات صرف الأموال، المقابر، آماكن العزاء،...) يتسكعون لساعات طويلة في الموقع نفسه، يمتهنون مهنة الاستجداء علناً، وهؤلاء استغلوا هذا الزي الأصفر واكتشفوا أهميته في التسول، فاستمروا في ارتدائه طوال اليوم ليدر عليهم المال الوفير، نراهم يستعطفون قائدي المركبات والمارة.

المفارقة تواجد وثبات العاملين أنفسهم في أماكن محددة، (هل لكل موقع ثمن)؟

ظاهرة غريبة ومسيئة لا يمكن تبريرها، هؤلاء احترفوا التسول، وأصبح بالنسبة لهم أهم من القيام بالعمل الموكل إليهم.

- أمنياً، لا يجوز تواجد عامل النظافة في ساعات متقدمة ليلاً بجانب المطاعم والجمعيات والمجمعات والبنوك؟

- نتذكر الحملة الإعلامية الكبيرة الذي قام بها محمد السنعوسي، في حقبة السبعينيات لمكافحة القوارض في الكويت، بعد أن أصبح تكاثرها ينذر بخطر على الصحة العامة، الحملة نجحت بامتياز حيث تم تخصيص حوافز مادية رمزية لكل من يصطاد فأراً ويسلمه للجهة المختصة، وكانت مبادرة شخصية ناجحة منه تبنتها الدولة لاحقاً.

وللأسف ونحن في الألفية الثالثة نجد ما يلي:

1- الكلاب الضالة تجوب المدينة (خطر داهم على الإنسان وخطر صحي).

2- القطط انتشرت بشكل كبير في كل الأماكن وتحت المركبات (باتت ظاهرة مزعجة ).

3- طيور الحمام انتشرت بكثرة في كل المناطق وقاذوراتها على السيارات والمنازل والمجمعات...).

4- القوارض انتشرت مرة أخرى (خطر صحي).

- وكل ذلك بسبب القمامة التي تلقى في الشوارع، وعدم جمعها أولاً بأول، أو بسبب قيام البعض بتقديم الطعام لتلك الحيوانات والطيور وبشكل سافر بالأماكن العامة، في حين أنه لا يفعل ذلك في سكنه الخاص؟

فالمشاكل التي تسببها هذه الحيوانات والطيور كبيرة، فهي تنقل الأمراض، وتسبب حالة من الإزعاج تنتاب الآمنين، خاصة الأطفال والنساء، ناهيك عن هذا الكم الكبير من القاذورات التي لا حد لها والتي تخلفها بسببه تواجدها في الشوارع وأسطح ونوافذ المنازل والمنتزهات والمطاعم، ناهيك عن التواجد على النوافذ وأسقف السيارات، وما تسببه من تلوث بيئي، وتركها هكذا يعني ازدياد أعدادها، فتتحول هذه الظاهرة إلى مشكلة كبيرة.

بالفعل نحن بأمس الحاجة إلى مثل (مبادرة السنعوسي) بسبب انتشار الحيوانات السائبة والقوارض والطيور، القطط والفئران والكلاب الضالة والحمام.

( وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا )

أيعقل ألّا يشاهد المسؤولون كل تلك المشاهد السلبية، وأن لم يشاهدوها نظير عدم قيامهم بالجولات التفقدية، ألم يبلغهم بذلك (أفراد أسرهم، الموظفون، الأصدقاء، المعارف...؟).

فمن هي الجهة التي يجب أن تتابع وتقوم بدور المتابعة والرقابة؟

- في المقام الأول العقود مبرمة بين شركات التنظيف وبلدية الكويت، وتقع المسؤولية الرئيسية على شركات التنظيف الخاصة فهي الملامة، فيجب عليها القيام بتسيير دورياتها للمراقبة والمتابعة للتأكد من عدم وجود أي مخالفات من قبل عامليها.

- ثم يأتي دور البلدية في المراقبة والمتابعة ورصد المخالفات إن وجدت، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذه الشركات من (تنبيه، إنذار، غرامة، فسخ العقود، اتخاذ العقوبات حسب العقود المبرمة بينهم).

- ولذلك المطلوب بأن تتضافر الجهود بين جميع الإدارات المعنية لإيجاد الحل الأمثل للقضاء على تلك الظواهر التي قد تكون ضارة.

ففي الدول المتقدمة مراكز تتلقى وترصد أماكن تواجد الحيوانات السائبة وتمسك بها، و تقدم الرعاية الصحية (فحص، تعقيم، تطعيم) ثم تنقل إلى الملاجئ الخاصة ومن ثم تعرض للتبني، وكذلك بالإمكان الاستفادة من الحمام السائب في الأمن الغذائي (الفروخ).

ختاماً

تواجد عمال النظافة بهذا المنظر المهين لإنسانيتهم وللوطن أمر لا يمكن السكوت عنه، وذلك يستدعي بأن تنتفض الجهة المسؤولة لمحاسبة كل من يتجرأ على مخالفة قوانين العمل، وعلينا بأن نبحث عن خطوات عملية لمعالجة تلك المعضلة.

وهنا نلفت نظر المسؤولين في البلدية إلى هذه الفئة الكادحة والتي امتهنت هذه المهنة الشاقة وما تكتنفها من أخطار والتي لا تناسب الأجور التي يتسلمونها، واستغلال بعض الشركات لهم وعدم دفع مستحقاتهم التي تناسب المجهودات التي يقومون بها.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي