No Script

من الخميس إلى الخميس

مرة أخرى... (بشارة) والكويت

تصغير
تكبير

في جريدة «القبس» الكويتية وبتاريخ 6 يونيو 2022 كتب السيد عبدالله بشارة السياسي المخضرم؛ والأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي، كتب مقالاً بعنوان (مضايقات من صيف الكويت الباهت) وقد حمل اسم المقال جزءاً كبيراً من حقيقته، فقد حمل المقال مضايقات للبعض، وأنا منهم، بسبب التردد في التصريح الواضح بما يريد أن يقوله الكاتب.

كان السيد بشارة وهو يكتب المقال مرتدياً عباءة السياسي وممسكاً بقلم الصحافي.

ورغم أن المقال تناول مقتطفات سياسية سريعة منها الرأي المبطن للكاتب تجاه المعارضة؛ وانتقاد تساهل الحكومة معها إلا أن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لي هو قوله بما يتعلق بمنصب رئيس الوزراء حيث ذكر: (وشعوري الشخصي أن الأفضل لاستقرار الكويت ولصَوْنِ البنيان الدستوري، الحفاظ على حصر الاختيار من المؤهلين من أبناء الأسرة والحرص على ذلك التقليد مع إبقاء الاختيار مفتوحاً تماشياً مع قواعد التطور) انتهى ما قاله السيد بشارة.

ونلاحظ أن هذا القول أيضاً يحمل نفس الروح التي حملها المقال؛ وبخصوص هذه الجزئية أيضاً، فهو يعبّر عن رأيه عن طريق وصف ذلك (بالشعور الشخصي) كتخفيف من وقعة كلمة (رأيي) ثم يعتبر أن هذا الأمر هو صيانة لبنيان الدستور؛ وطالب بالحرص على ذلك التقليد ثم خطف الإشارة بقوله مع (إبقاء) الاختيار مفتوحاً تماشياً مع قواعد التطور، ففي بداية الفقرة كان هناك صيانة وحفاظ وحرص وفي نهايتها مجرد إبقاء.

إن الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة وشكل الحكومة والعلاقات بين السلطات وحدودِ كل سلطة، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها اتجاه السلطة.

وكأي قانون يخضع فهمه إلى منطق العقل المدرك السليم الواضح والذي تستوعبه اللغة وبيانها، والفهم القائم على أدوات العقل المتعارف على حسن مداركه وليس على مشاعر وأحاسيس، فلو أعطى القانون الحق لوزير التجارة، على سبيل المثال، بأن يشتري بضاعة ما من التجار وقام الوزير باختيار أسرة تجارية معينة وألزم نفسه بالشراء منها دون بقية الأسر التجارية فعند ذلك يقع التجاوز على القانون حيث إن ذلك الحق، وهو حق الشراء، لم يُحدد تاجراً معيناً، وإلزام الوزير نفسه بتاجر معين فيه تضييق واضح على مفهوم النص يخالف مبدأ العدالة وهو مبدأ أصيل في منطق القانون.

إذاً، فإن توصيات السيد بشارة السابقة قد جانبها الصواب، وقيّد تعميم النص العادل بتضييق المعنى المُخالف للمنطق السليم المدرك، لذا، فإن القول الأصح والأقرب للنص الدستوري هو أن الدستور لم يقيّد اختيار رئيس الوزراء بأسرة الحكم؛ كما لم ينّص على حرمان بقية أطياف المجتمع الكويتي من اختيار رئيس الوزراء ولم يحصل من قبل أن تمتّ مراعاة رغبات الشعب في ما يتعلق باختيار رئيس الوزراء على اعتبار أن الدستور لم ينص على ذلك.

إن التصريح بهذا المعنى الواضح يؤدي إلى تطبيق النص الدستوري تطبيقاً صحيحاً وفقاً لما أشارت إليه المادة (56) من الدستور والتي جاءت واضحة الدلالة لا يجوز تأويلها؛ وتضمنت حُكماً مطلقاً لا يجوز تقييده بأُسرٍ أو أشخاص أو مراعاة آراءٍ داخلية أو خارجية،

وذلك أن الأعراف والتقاليد القانونية خاضعة لشرط عدم مخالفة النص القانوني، وعليه وبتطبيق المفهوم الصحيح للدستور لا يعود صيف الكويت باهتاً؛ ويُفهم النصّ بما يحمله من وضوح في المعنى، ذلك الوضوح الذي هو كالشمس في كبد السماء تراه كل العيون التي سَلُمَت فيها خلايا الإبصار ومستقبلات الصور العقلية من العِلَلِ.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي