No Script

أبعاد السطور

الحكومة وحلوى المصاصة!

تصغير
تكبير

ارتفعت الأسعار في الكويت فجأة، ومن دون أي مُسوّغ حقيقي، الأمر فقط مواكبةً وتقليد بين الجهات التجارية، ووزارة التجارة كالعادة لا تهش ولا تنش، ومجلس الوزراء أيضاً يتفرج ولا يتدخل، وكأن ارتفاع الأسعار في دولة أُخرى، وكأن الشعب الساخط الذي يعاني هو شعب دولة بعيدة، لا شعب دولة الكويت!

ومن السخف جداً أن يتشدق البعض ويقول إن الحرب الروسية على أوكرانيا هي سبب الغلاء في الكويت! وهذا كذب وافتراء وبهتان كبير على الحرب المذكورة، وما هي إلا شماعة استخدمها بعض التُجار الجشعين الذين لم يجدوا أحداً من المسؤولين في الدولة يقف أمامهم ويردعهم ويوقفهم عند حدهم، لكن مثل ما يقول المثل الشعبي: «عمّك اصمخ». والحكومة عندنا في القضايا التي يكون أحد طرفيها التُجار تُصاب بالصمخ ولا حول ولا قوة إلا بالله، يارب!

وهل الحرب الروسية على أوكرانيا هي سبب ارتفاع أسعار الدجاج في الكويت؟!

وهل هي سبب ارتفاع جميع أنواع أسعار القهوة في المقاهي المشهورة بشكل مجنون، بينما أسعارها في تركيا وُعُمان ومصر بنصف سعرها في الكويت! وهل الحرب الروسية على أوكرانيا هي سبب غلاء زيوت الطبخ عندنا؟! وهل هي أيضاً سبب ارتفاع معظم السِلع الخاصة بالبناء؟! إنها حجة واهية ومضحكة.

لو أن الشعب الكويتي اتحد يداً بيد، واتفق بصدق على مقاطعة منتجات أي تاجر بعينه أو أي شركة، والله إن الخسارة الكبيرة سوف تؤلم ذلك التاجر وتلك الجهة، وستجد أنهما عادا لرشدهما وخفضا الأسعار من جديد، لكن نحن الشعب الكويتي قليلاً ما نصدق باتحادنا في المقاطعات التجارية.

في 11 مارس 2016، قامت شركة الحلويات اليابانية ( Akagi Nyuguyo) برفع سِعر أحد منتجاتها، وهي حلوى مصاصة للأطفال من سعر 60 إلى 70 ين ياباني، أي ما يعادل (0.62 دولار)، بزيادة 9 سنتات. على الرغم من أن تلك الشركة لم تقم منذ تأسيسها من 25 سنة برفع سعر أي منتج من منتجاتها. فغضب الشعب الياباني بسبب ذلك، وقام بمقاطعة منتجات تلك الشركة مقاطعةً شرسة، حتى بدأت مبيعات الشركة تتراجع سريعاً وبشكل ملحوظ، وبدأت الخسائر تطول الشركة، فأذعن مسؤولوها لمطلب الشعب، وعادت من جديد للسعر القديم لحلوى مصاصة الأطفال، ولقد قدمت الشركة اليابانية اعتذاراً علنياً للشعب في الصحف، ولقد ظهر رئيسيّ الشركة السيد إينو سوتا والسيد هيديكي إينو في مقطع فيديو ومعهما جميع موظفيّ الشركة ينحنون للشعب الياباني اعتذاراً وندماً على فعلتهم تلك.

ولقد جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر أنه قيل لإبراهيم بن أدهم: «إن اللحم قد غلا». فقال لهم: «أرخصوه». أي لا تشتروه.

وجاء في كتاب المصنف لابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان كعادته يمر يتفقد الأسواق، فرأى ابن أبي بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة، فقال: كيف تبيع يا حاطب؟

فقال له حاطب إنه يبيع ما كميته بالمُدَّين مقابل سعر مرتفع. فقال عمر رضي الله عنه:«تبتاعون بأبوابنا وأفنيتنا وأسواقنا، تقطعون رقابنا، ثم تبيعون كيف شئتم، بع صاعاً، وإلا فلا تبع في سوقنا».

في نهاية المقال... أتمنى من حكومتنا أن تصحو من سُباتها العظيم وتدير شؤون البلد تجارياً لصالح الشعب لا لصالح التجار بعيداً عن الفحش في غلاء الأسعار، وأن تراعي وتقلق على معيشة الشعب حتى ولو كان السبب سعر حلوى مصاصة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي